ص ( لا بيع )
ش : يعني أن
الإجارة مع البيع ليست بفاسدة بل يجوز اجتماعها معه ، وأطلق - رحمه الله - في ذلك ، وفيه تفصيل ، فإن كانت الإجارة في غير الشيء المبيع فذلك جائز ، وإن كانت الإجارة في الشيء المبيع كما لو باع له جلودا على أن يحذوها البائع نعالا للمشتري فقال في التوضيح عن
ابن عبد السلام في ذلك قول مشهور بالمنع
خليل هو قول
سحنون قال في النوادر : وهو خلاف قول
ابن القاسم nindex.php?page=showalam&ids=12321وأشهب انتهى .
وقول
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : هذا هو الذي في العتبية في آخر سماع
سحنون من باب البيع والإجارة ، ونصه : وسئل عن البيع والإجارة فقال : جائز في غير ذلك الشيء بعينه قال
ابن رشد : هذا معلوم مشهور من مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون أن البيع والإجارة في الشيء المبيع عنده لا يجوز على حال ، ومذهب
ابن القاسم وروايته عن مالك ، وهو الصحيح إن كان ذلك فيما يعرف وجه خروجه كبيعه ثوبا على أن على البائع خياطته ، أو قمحا على أن يطحنه ، أو فيما لا يعرف وجه خروجه ولكن يمكن إعادته للعمل كبيعه صفرا على أن يعمل البائع منه قدحا ، وما أشبه ذلك فذلك جائز ، وأما ما لا يعرف وجه خروجه ، ولا يمكن إعادته للعمل كبيعه غزلا على أن على البائع نسجه ، أو الزيتون على أن على البائع عصره ، أو الزرع على أن على البائع حصاده ودرسه ، وما أشبه ذلك فلا يجوز باتفاق انتهى .
وقاله
ابن رشد أيضا في رسم حلف بطلاق امرأته من سماع
ابن القاسم من جامع البيوع ، وفي رسم أمهات الأولاد من سماع
عيسى من تضمين الصناع ، وفي كراء الرواحل من المدونة قريب من ذلك ، وصرح به في أواخر كتاب التجارة إلى أرض الحرب ، ونصه : وأما إن ابتعت ثوبا على أن يخيطه لك أو نعلين على أن يحذوهما فلا بأس فلا بأس به ، وإن ابتعت منه قمحا على أن يطحنه لك فاستخفه
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بعد أن كرهه ، وكان وجه ذلك عنده معروفا ، وجل قوله فيه : التخفيف على وجه ; لأنه القياس قال
أبو الحسن في شرحه الكبير : فإن هلك الثوب أو القمح قبل خياطته ، أو قبل طحنه سقط عن المشتري قدر الإجارة ، وكان ضمان الباقي منه ، وهذا إذا كان غير البائع يتولى عمل ذلك كله ، وأما إن كان البائع هو الذي يتولى عمله لضمنه ; لأنه صانع انتهى .
( تنبيهات الأول : ) قال
القباب في باب بيع الغرر زاد
اللخمي فيما لا يعرف وجه خروجه وتمكن إعادته إلا أن يكون اشترى جملة ما يعمل منه فلا يجوز ; لأنه كلما أعيد نقص منه فلا يقدر أن يعمل منه إلا دون الأول كالفضة على أن على البائع صياغتها ، والصفر على أن يعمل منه أقداحا ، وما أشبه ذلك .
( الثاني : ) من البيع والإجارة أن
يدفع الإنسان ثوبه لمن يرقعه له ، أو نعله لمن يشركها فلا يجوز ذلك حتى يريه الجلد والرقعة ; لأن ذلك مبيع فلا بد من رؤيته ، أو ما يقوم مقام الرؤية من الصفة في الشيء الغائب الذي يتعذر الوصول إليه حالة العقد هذا إذا كان عند الصانع الجلود والرقاع ، فإن لم يكن عنده انضاف إلى ذلك بيع ما ليس عنده من غير أجل السلم إلا أن يكون لا يعدم ذلك فلا يحتاج إلى طول الأجل ، ويكفي الوصف التام كما في سائر السلم ، ولا يكتفي بالوصف إلا إذا كان ما يريد أن يعمل منه غير موجود عنده حين العقد ، ولا
[ ص: 397 ] يتعذر عليه غالبا لكونه لا يعدمه ويكثر عنده قاله
القباب في الباب المذكور .
( الثالث : ) صورة المسألة أن
يشتري منه المبيع بكذا على أن يعمل له فيه كذا ، أو يعمل له في غيره ، وأما لو اشترى المبيع بثمن على حدة ، ثم استأجره بأجرة أخرى فليس من هذا الباب ; لأن المراد أن يجتمعا في عقد واحد ، وذلك واضح ( الرابع : ) إذا اشترى جبنا ، أو لحما بالوزن على أن على البائع أن يقلي ذلك فذكر سيدي
أبو عبد الله بن الحاج في فصل خروج العالم إلى السوق من المدخل أن في ذلك وجوها من المنع منها أنه اشترى منه الدهن الذي يقلى به ، وهو مجهول وأنه اشترى منه ما يوقد به تحته ، وهو مجهول كذلك ، وأنه لا يعلم وزنه بعد القلي ، وأنه لا يعلم أجرة قليه ، وهذان الأخيران لا يضر جهلهما كما يظهر ذلك مما تقدم ، وأما الأولان فالمنع بسببهما ظاهر .
( الخامس : ) إذا
هلك المبيع قبل أن يعمل العمل المستأجر عليه فيه فقال في الرسم المتقدم في تضمين الصناع : لا ضمان على البائع ، ويحط عن المشتري بقدر الخياطة والطحن من الثمن إلا أن يكون البائع ممن يعمل تلك الصناعات بنفسه فيسلك به مسلك الصناع في الضمان ، فيكون عليه قيمة الثوب يوم البيع ، وهو الصحيح ، وقيل : يوم ذهب ، ويقوم غير معمول ، ويفض الثمن الذي وقع به البيع على الثوب والعمل ، فيكون للبائع منه ما ناب الثمن ، فإن كان له فضل على القيمة أخذه ، وإن كان عليه أداه ، وإن قامت على الضياع بينة سقط عنه الضمان ، وفض الثمن أيضا على الثوب والعمل فلا يكون للبائع منه إلا ما ناب الثوب انتهى .
بالمعنى ، وقال
الشيخ أبو الحسن في شرحه الكبير إثر كلام المدونة السابق ، فإن هلك الثوب ، أو القمح قبل خياطته ، أو قبل طحنه سقط عن المشتري قدر الإجارة ، وكان ضمان الباقي منه ، وهذا إذا كان غير البائع يتولى عمل ذلك ، وأما لو كان البائع هو الذي يتولى عمله لضمنه ; لأنه صانع انتهى .
وفهم من هذا أنه لو ضاع بعد العمل لم يحط عن المشتري شيء من الثمن ، ويفصل فيه بين أن يكون البائع هو الصانع ، أو غيره على ما تقدم ( السادس ) : لو
اختلفا في الضياع هل هو قبل العمل أو بعده لم أر فيه نصا والظاهر : أن القول قول المشتري فتأمله ( السابع : ) علم من هذا أن البيع والإجارة يجوز اجتماعهما ، ولو كان البائع لا يتولى العمل المستأجر عليه بنفسه والله أعلم .
وهذه التفريعات كلها إنما هي على المشهور من جواز اجتماعهما ، وقد حكى
اللخمي عن
القاضي قولا بالمنع ، والله أعلم .
( الثامن : ) البيع والكراء كالبيع والإجارة يجوز اجتماعهما في عقد واحد صرح به في المدونة في أول كراء الرواحل وغيره .