مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
ص ( كاحصد وادرس ولك نصفه ) ش قال في المدونة : وإن قال احصده وادرسه ، ولك نصفه لم يجز ; لأنه استأجره بنصف ما يخرج من الحب ، وهو لا يدري كم يخرج ، ولا كيف يخرج ؟ وكذلك لو بعته زرعه جزافا ، وقد يبس على أن عليك حصاده ودرسه وذريه لم يجز ; لأنه اشترى حبا جزافا لم يعاينه ، ولو قال : على أن كل قفيز بدرهم جاز ; لأنه معلوم بالكيل ، وهو يصل إلى صفة القمح بفرك سنبله ، وإن تأخر درسه إلى مثل عشرة أيام ، أو خمسة عشر يوما فهو قريب ، وقال قبله : ومن قال لرجل : احصد زرعي هذا ، ولك نصفه أو جد نخلتي هذه ، ولك نصفها جاز ، وليس له تركها ; لأنها إجارة ، وكذلك لقط الزيتون انتهى .

أي إذا قال له : القط زيتوني ولك نصفه قال أبو الحسن عن الأمهات : فحين يحصده وجب له نصفه عياض ظاهر هذا أنه إنما يجب له بعد الحصاد ، والذي يأتي على أصولهم أنه وجب له بالعقد ألا تراهم جعلوا ما هلك قبل حصاده وبعده من الأجير ، وقال الرجراجي : هذا هو المشهور ، وقال في التوضيح ابن حبيب : والعمل في تهذيبه بينهما ابن يونس يريد ، ولو شرط في الزرع قسمته حبا لم يجز ، وإن كان إنما يجب له بالحصاد فجائز ، وكذلك في كتاب ابن سحنون عبد الحق ، ولا يجوز قسمه قتا ويدخله التفاضل ، وفي هذا خلاف في الربويات وغيرها ، واعترض منع قسمته حبا بأنه شرط يوافق مقتضى العقد ; لأن الأجير لا يستحقه إلا بعد عمله ، وحينئذ لا يتمكن من أخذ نصيبه إلا مهذبا ، وأجيب بمنع ; لأنه لا يملكه إلا بعد الحصاد ، فقد قال ابن القاسم : إذا تلف قبل أن يحصده ، أو بعد أن حصد بعضه هو منهما ، وعليه أن يستعمله في مثله ، أو مثل ما بقي منه ، وخالف في ذلك سحنون انتهى .

بالمعنى واللفظ ، فقد ظهر الفرق بين هذه المسألة [ ص: 402 ] الممنوعة والمسألة الجائزة الآتية في قوله : واحصد هذا ، ولك نصفه بأن هنا لما استأجره على حصاده ودرسه ، فكأنه استأجره بالحب ، وذلك لا يجوز ، وفي المسألة الأخرى إنما استأجره بنصف الزرع القائم الذي يحصده ، وذلك صحيح ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية