ص ( وإن قال : أكريتك
للمدينة بمائة وبلغاها ، وقال بل
لمكة بأقل ، فإن نقده فالقول للجمال فيما يشبه وحلفا وفسخ ، وإن لم ينقد فللجمال في المسافة ، وللمكري في حصتها مما ذكر بعد يمينهما ، وإن أقاما بينتين قضي بأعدلهما )
ش : اعلم أن اختلافهما في المسألة الأولى إنما كان في المسافة فقط ، والخلاف بينهما في
[ ص: 450 ] هذه المسألة في المسافة ، وفي قدر الكراء معا ، وقد اختصر
المصنف الكلام فيها تبعا للمدونة ، فلم يذكر حكم ما إذا كان اختلافهما قبل الركوب ، أو بعد الركوب بيسير ، أو بعد ركوب كثير اعتمادا على ما تقدم في المسألة التي قبلها فإن الحكم فيها إذا تخالفا قبل الركوب ، أو بعد الركوب اليسير التحالف والتفاسح كما تقدم ، وأما بعد الركوب الكثير فالحكم في ذلك حكم ما إذا بلغا
المدينة كما سيأتي في كلام
الرجراجي والله أعلم .
وقوله : فإن نقده فالقول للجمال فيما يشبه ، وحلفا فسخ يعني أنه إذا كان اختلافهما بعد أن بلغا
المدينة يريد ، أو بعد السير الكثير فلا يخلو إما أن يكون اختلافهما قبل النقد ، أو بعده ، فإن كان بعد أن انتقد الجمال الكراء فالقول قول الجمال فيما يشبه ، ويشير بذلك لقوله في كتاب كراء الرواحل من المدونة ، ونصه : قال
ابن القاسم : ولو
قال الكري : أكريتك إلى المدينة بمائتين ، وقد بلغاها ، وقال المكتري بل إلى مكة بمائة ، فإن نقده المائة فالقول قول الجمال فيما يشبه ; لأنه ائتمنه ، ويحلف له المكتري في المائة الثانية ، ويحلف الجمال أنه لم يكره إلى
مكة بمائة ويتفاسخان ، وقال
الرجراجي : فإن أشبه قولهما ، أو قول الجمال فالقول قوله : فيما انتقد مع يمينه كان ما انتقد كل الذي ادعي ، أو بعضه ويحلف له المكتري فيما لم ينقده ، وهذا الذي قاله
الرجراجي خلاف ما قاله
أبو الحسن الصغير ، وهو ظاهر كلام
ابن يونس فإنه نقل عن
ابن يونس أنه قال في كلام المدونة : هذا إذا أشبه ما قالاه جميعا ، وأما إن أشبه قول المكتري خاصة فإنه يحلف على دعوى المكتري ، ويكون له المائة قاله فيما يأتي إذا لم ينقد فأحرى إذا انتقد انتهى .
وهو ظاهر ، ويمكن أن يقال : إن قول
المصنف بعد هذا : وإن أشبه قول المكري فقط عائدا إلى المسألتين جميعا أعني مسألة الانتقاد وعدم الانتقاد ، ولم يتكلم
المصنف على ما إذا أشبه قول المكتري فقط ، وقال
الرجراجي : القول قوله مع يمينه ، وتفض المائة على المسافتين ، فما ناب المسافة المتفق عليها كان للكري ، وما ناب المسافة المختلف فيها رده الكري على المكتري يريد بعد حلف الجمال على أن الكراء إنما كان
للمدينة والله أعلم .
، ثم قال : فإن نكل المكتري عن اليمين كان القول قول المكري ، ويأخذ ما ادعاه ; لأن المكتري مكنه بنكوله ، وإن لم يشبه قول واحد منهما فإنهما يتحالفان ويتفاسخان ، ويكون للكري في المسافة المتفق عليها كراء المثل وقوله : إن لم ينقد هذا هو الشق الثاني من شقي المسألة ، وهو ما إذا كان اختلافهما بعد أن بلغا
المدينة يريد ، أو بعد السير الكثير ولكن لم ينتقد الكراء فقال
المصنف : القول للجمال في المسافة ، وللمكتري في حصتها مما ذكرا بعد يمينهما ، وهذا الحكم إذا أشبه قول المكتري وحده ، أو أشبه قولهما معا يبين ذلك قوله : وإن أشبه قول المكري فقط فالقول له بيمين قال في المدونة إثر كلامه السابق : وإن لم ينقده صدق الجمال في المسافة وصدق المكتري في حصتها من الكراء الذي يذكر بعد أيمانهما ، ويفض الكراء على ما يدعي المكتري ، وقال هو وغيره : وذلك إذا أشبه ما قالا ، أو ما قال المكتري ، وأما إن أشبه قول المكري خاصة فالقول قوله : ويحلف على دعوى المكتري انتهى .
وقال
الرجراجي : فإن أشبه قول كل منهما ، أو انفرد المكتري بالشبه فالقول قوله : مع يمينه ويفض ما أقر به من الكراء على المسافتين فما ناب مسافة
المدينة كان للكري ، وما ناب مسافة
مكة سقط عن المكتري ، ويكون له الركوب إلى
المدينة إن اختلفا قبل بلوغها ، وإن أشبه قول المكري فقط فالقول قوله مع يمينه ، ويكون له جميع ما ادعاه ، وبقي وجه لم يتكلم عليه
المصنف ، وهو ما إذا لم يشبه قول واحد منهما والحكم في ذلك كما قال
الرجراجي أن يتحالفا ، ويكون للكري كراء المثل في المسافة المتفق عليها بالغا ما بلغ ، ومن نكل منهما قبل عليه قول صاحبه والله أعلم .
( فرع : ) وإذا اختلفا فيمن يبدأ بالثمن فإنهما يقترعان
[ ص: 451 ] نقله
أبو الحسن الصغير وقوله : وإن أقاما بينتين قضي بأعدلهما ، وإلا سقطتا إنما نبه على هذه المسألة ، وإن كان الحكم في تعارض البينتين كذلك لينبه على غير قول
ابن القاسم في المدونة فإنه قال : أقبل بينة كل منهما إذا كانت عادلة ; لأن كل واحد منهما ادعى فضلة أقام عليها بينة فأقضي بأبعد المسافتين ، وبأكثر الثمنين ، وليس هذا من التهاتر ، وسواء انتقد ، أو لم ينتقد والله أعلم .