ص ( وبحمى إمام محتاج إليه قل من بلد عفا لكغزو )
ش : يعني أن الوجه الرابع
من أوجه الاختصاص التي تمنع إحياء الموات الحمى يحمى للضعفاء من المسلمين لترعاه مواشيهم ويمنع منه الأغنياء وكذلك يجوز للإمام أن يحمي
[ ص: 4 ] والحمى بكسر الحاء المهملة وفتح الميم والقصر هو المكان الذي يمنع رعيه ليتوفر فيه الكلأ فترعاه مواش مخصوصة ويمنع غيرها من رعيه والكلأ بالهمز من غير مد هو المرعى - رطبا كان أو يابسا - والخلا بالقصر من غير همز النبات الرطب قال في المشارق وضبطه
السمرقندي والعذري بالمد وهو خطأ . وقال
الحافظ ابن حجر ومن مده فقد أخطأ
. والحشيش هو العشب اليابس وظاهر كلام صاحب القاموس أن الحمى يجوز فيه المد ولم يحك في المشارك فيه إلا القصر وسيأتي لفظه فالحمى بمعنى المحمي فهو مصدر بمعنى المفعول وهو خلاف المباح وتثنيته حميان وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي أنه سمع في تثنيته حموان بالواو والصواب الأول لأنه يأتي وأصل الحمى عند
العرب أن الرئيس منهم كان إذا نزل منزلا مخصبا استعوى كلبا على مكان عال فحيث انتهى صوته حماه من كل جانب فلا يرعى فيه غيره ويرعى هو مع غيره فيما سواه وأما الحمى الشرعي فهو أن يحمي الإمام موضعا لا يقع به التضييق على الناس للحاجة العامة إلى ذلك إما للخيل التي يحمل عليها الناس للغزو أو لماشية الصدقة قاله
الباجي ونقله عنه
ابن عرفة وهو قريب من كلام
المصنف الذي ذكره هنا فإنه ذكر
للحمى شروطا أربعة الأول أن يكون الحامي هو الإمام يريد أو نائبه كما سيأتي التنبيه على ذلك وإليه أشار بقوله حمى إمام فليس لآحاد الناس أن يحمي والشرط الثاني أن يكون ذلك الحمى محتاجا إليه أي لمصلحة المسلمين إما لخيل المجاهدين والإبل التي يحمل عليها للغزو أو لماشية الصدقة قال الشافعية ويجوز للإمام أن يحمي للضعفاء من المسلمين لترعاه مواشيهم ويمنع منه الأغنياء وكذلك يجوز للإمام أن يحمي للمسلمين ويمنع منه أهل الذمة ولا يجوز العكس في المسألتين .
( قلت ) والظاهر أن هذا جار على مذهبنا كما يؤخذ من حديث الموطإ الآتي وقوله أدخل رب الصريمة والغنيمة وإلى هذا أشار بقوله محتاجا إليه لكغزو فقوله لكغزو متعلق بقوله محتاجا إليه فهو من تتمة الشرط الثاني وأتى بالكاف في قوله لكغزو ليدخل ماشية الصدقة وما ذكرناه بعد هذا فلا يجوز للإمام أن يحمي لنفسه لأن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم أعني أن يحمي لنفسه كما تقدم في الخصائص قالوا ولم يقع ذلك منه صلى الله عليه وسلم قال
الشيخ زكرياء ولو وقع لكان في ذلك مصلحة للمسلمين لأن ما كان مصلحة له صلى الله عليه وسلم فهو مصلحة لهم وهو كلام صحيح . الشرط الثالث أن يكون ذلك قليلا لا يضيق على الناس بل يكون فاضلا عن منافع أهل ذلك الموضع وإليه أشار بقوله قل ، وصرح بذلك
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب على ما في نسخة
المصنف في التوضيح ويؤخذ من كلام
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون الآتي فلا يجوز أن يكون الحمى كثيرا يضر بالناس ويضيق عليهم . الشرط الرابع أن يكون في المواضع التي لا عمارة فيها بغرس ولا بناء وإلى ذلك أشار بقوله من بلد عفا ; أي ليس لأحد فيه أثر بناء ولا غرس والمراد بالبلد الأرض وأعاد الضمير عليها مذكرا اعتبارا بلفظ البلد فلا يجوز أن يكون الحمى في المواضع المعمورة بالبناء والغرس وأشار
المصنف رحمه الله بما ذكره في هذين الشرطين إلى ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون ونقله عنه في النوادر وغيرها قال في التوضيح قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون الأحمية إنما تكون في بلاد الأعراب العفاء التي لا عمارة فيها بغرس ولا بناء وإنما تكون الأحمية فيها في الأطراف حتى لا تضيق على ساكن وكذلك الأودية العفاء التي لا مساكن بها إلا ما فضل عن منافع أهلها من المسارح والمرعى انتهى .
وجعل الشارح قول
المصنف قل من بلد عفا ; شرطا واحدا وجعل قوله لكغزو ; شرطا مستقلا وهو نحو كلام
المصنف في التوضيح والظاهر ما ذكرناه ، نعم يمكن أن يكون الشرط الثالث والرابع شرطا واحدا كما قال الشارح فتكون الشروط ثلاثة .