ص ( وللعشاء من غروب حمرة الشفق للثلث الأول )
ش : لما فرغ من بيان وقت صلاة المغرب شرع يبين
وقت صلاة العشاء ورد تسميتها بذلك في القرآن قال في التنبيهات : سميت بذلك من الظلام والعشاء بكسر العين ممدودا أول الظلام وقال
ابن العربي في العارضة العشاء بكسر العين هو أول الظلام وذلك من المغرب إلى العتمة والعشاء بفتحها طعام ذلك الوقت والعشاءان المغرب والعتمة انتهى .
وقال
الجزولي كان يمر بنا في المجالس أنها مشتقة من العشى وهو ضعف البصر ; لأن البصر يضعف حينئذ قال في التنبيهات وجاء اسمها في الحديث العتمة بقوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33708لو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ، ولو حبوا } وجاء النهي عن تسميتها عتمة وسميت بذلك من عتمة الليل وهي ثلثه ، وأصله تأخيرها يقال : أعتم القوم إذا ساروا حينئذ ، والعتمة الإبطاء انتهى . قال في الصحاح العتمة وقت صلاة العشاء قال
الخليل : العتمة هو الثلث الأول من الليل بعد غيبوبة الشفق ، وقد عتم الليل يعتم كضرب يضرب وعتمته ظلامه انتهى . وقال
ابن حجر : العتمة ظلمة الليل وتنتهي إلى الثلث الأول وأطلقت على صلاة العشاء لأنها توقع فيها انتهى . والنهي عن تسميتها عتمة هو ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30427لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم إلا أنها في كتاب الله العشاء وهم يعتمون بالإبل } بفتح أوله وضمه وفي رواية بحلاب الإبل ومعناه أنهم يسمونها العتمة لكونهم يعتمون بحلاب الإبل أي يؤخرونه إلى شدة الظلام .
( فرع ) قال
ابن ناجي في شرح المدونة واختلف في تسميتها بالعتمة على ثلاثة أقوال فقيل : إن ذلك جائز والعشاء أحسن وهو قول الرسالة ، وقيل : يكره تسميتها بالعتمة قاله في سماع
ابن القاسم قال أكره تسميتها بالعتمة واستحب تعليم
[ ص: 397 ] الأهل والولد تسميتها العشاء وأرجو سعة تكليم من لا يفهمها العشاء بالعتمة ، وقيل : يحرم تسميتها بها وهو نقل
nindex.php?page=showalam&ids=13170ابن رشد عن كتاب
ابن مزين من قال فيها عتمة كتبت عليه سيئة انتهى . وهذه الأقوال أخذها من كلام
ابن عرفة فإنه قال وسمع
ابن القاسم أكره تسميتها العتمة وأستحب تعليم الأهل والولد تسميتها العشاء وأرجو سعة تكليم من لا يفهمها العشاء بالعتمة
ابن رشد من قال فيهما عتمة كتبت عليه سيئة .
قال
ابن عرفة قلت فتكون حراما وقول
الشيخ وتسميتها العشاء أولى خلافهما انتهى . ( قلت : ) وهذه المسألة في رسم كتب عليه ذكر حق من سماع
ابن القاسم من كتاب الصلاة لكن لم يصرح فيها بلفظ الكراهة كما ذكر
ابن عرفة لفظه سئل
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن قول الرجل في صلاة العشاء العتمة قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك الصواب ما قال الله : {
من بعد صلاة العشاء } ثم ذكر بقية الرواية لكن عبر
ابن رشد عن هذا بالكراهة وقال في شرح هذه المسألة وجه كراهية
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أن تسمى العشاء عتمة إلا عند الضرورة ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تغلبنكم الأعراب وذكر بقية الحديث والله أعلم .
( فرع ) وأما وصفها بالآخرة في قولهم صلاة العشاء الآخرة فجائز وقع ذلك في كلام
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في المدونة وغيرها وفي كلام غيره وورد ذلك في الصحيحين ففي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في باب ذكر العشاء والعتمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=687أخر النبي صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة } وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في باب خروج النساء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=8965أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة } وقال
النووي فيه دليل على جواز قول الإنسان : العشاء الآخرة ، وأما ما نقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي أنه قال : من المحال قول العامة العشاء الآخرة ; لأنه ليس لنا إلا عشاء واحدة فلا توصف بالآخرة فهذا القول غلط لهذا الحديث وقد ثبت في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن جماعات من الصحابة وصفها وألفاظهم بهذا مشهورة انتهى . وكرر ذلك في باب القراءة في العشاء وفي باب وقت العشاء وقال فيه دليل على وصفها بالآخرة وأنه لا كراهة فيه خلافا لما حكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي من كراهته والله أعلم .
( فصل ) واختلف في أول وقتها فالمعروف من المذهب أن أول وقتها مغيب الشفق الأحمر كما قال
المصنف من غروب حمرة الشفق وعليه أكثر العلماء وأخذ
اللخمي وابن العربي قولا
nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك أنه البياض من قول
nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان : أكثر أجوبته في الشفق أنه الحمرة ورد
nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري الأخذ باحتمال أن
nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان أراد ما وقع في سماع
ابن القاسم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أرجو أن تكون الحمرة والبياض أبين فيمكن أن يكون
nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان لما رأى هذا فيه تردد وما سواه لا تردد فيه إشارة إلى أن أكثر أقواله أنه الحمرة دون تردد فلا يقطع بصحة ما فهمه
اللخمي وابن العربي وما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري ظاهر ، قال
ابن ناجي ونقل
nindex.php?page=showalam&ids=13612ابن هارون في شرحه على التهذيب عن
ابن القاسم اعتبار البياض
nindex.php?page=showalam&ids=11990كأبي حنيفة ، ولا أعرفه قال
عياض والقول بالبياض عندي أبين للخروج من خلاف أهل اللسان والفقه واحتج بعض الشيوخ للمشهور بوجهين : الأول أن الغوارب ثلاثة : الشمس والشفقان ، والطوالع ثلاثة : الفجران والشمس ، والحكم يتعلق بالوسط من الطوالع فكذلك يتعلق بالوسط من الغوارب . الثاني روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل بن أحمد أنه قال رقبت البياض فوجدته يبقى إلى ثلث الليل وفي مختصر ما ليس في المختصر إلى نصف الليل فلو رتب الحكم لزم تأخير العشاء إلى نصف الليل أو آخره انتهى .
وقال
سند : وجه المذهب ما في حديث
جبريل وغيره : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=7687أنه صلى العشاء حين غاب الشفق } ، وهذا الاسم مختص في الاستعمال بالحمرة قال صاحب العين الشفق الحمرة قال
الفراء نظر أعرابي إلى ثوب أحمر فقال : كأنه شفق ، ومنه صبغت ثوبي شفقا ، وكذلك قال المفسرون في قوله تعالى : {
فلا أقسم بالشفق } : إنه الحمرة وفي
[ ص: 398 ] الموطإ عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر الشفق الحمرة فإذا غاب الشفق فقد وجبت الصلاة انتهى .
( تنبيه ) قال في الطراز لا يختلف أن مبتدأ وقت العشاء الاختياري لا يكون قبل مغيب الشفق الذي هو الحمرة انتهى . فاعترضه بعض الناس بأنه قد نقل عن
أشهب أن من صلى العشاء قبل مغيب الشفق أنها تجزئه .
( قلت : ) ليس في هذا ما يخالف كلامه ; لأن
أشهب لا يقول ذلك وقت مختار يجوز إيقاعها فيه ابتداء ، وإنما قال أرجو أنه يجزئه فتأمله والله أعلم .
( فصل ) وقال في الطراز ، ولا تختلف الأمة أن وقتها الاختياري ممتد واختلف في منتهاه فمشهور المذهب أنه إلى ثلث الليل كما جاء في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وابن القاسم وأشهب ، وقال :
ابن حبيب وابن المواز إلى نصف الليل وقد وردت الأحاديث بما يدل لكل واحد من القولين .