مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
ص ( وترتبهم إلا المغرب وجمعهم كل على أذانه )

ش يعني أنه إذا تعدد المؤذنون فيجوز أن يترتبوا واحدا بعد واحد إلا في المغرب كما تقدم [ ص: 453 ] ويجوز أن يجتمعوا في الأذان دفعة واحدة في المغرب وغيرها وظاهر كلام المصنف أن ترتبهم وجمعهم سواء ، وقال صاحب المدخل : السنة الترتيب ، ونصه : " والسنة المتقدمة في الأذان أن يؤذنوا واحدا بعد واحد فإن كان المؤذنون جماعة فيؤذنون واحدا بعد واحد في الصلوات التي أوقاتها ممتدة ، فيؤذنون في الظهر من العشرة إلى خمسة عشر ، وفي العصر من الثلاثة إلى الخمسة ، وفي العشاء كذلك وفي الصبح يؤذن لها على المشهور من سدس الليل الآخر إلى طلوع الفجر ، وفي كل ذلك يؤذن واحد بعد واحد ، والمغرب لا يؤذن لها إلا واحد ليس إلا فإن كثر المؤذنون فزادوا على عدد ما ذكر وكانوا يبتغون بذلك الثواب وخافوا أن يفوتهم الوقت ، ولم يسعهم الجميع إن أذنوا واحدا بعد واحد فمن سبق منهم كان أولى فإن استووا فيه فإنهم يؤذنون الجميع ، قال علماؤنا : ومن شرط ذلك أن يؤذن كل واحد منهم لنفسه من غير أن يمشي على صوت غيره وكذلك الحكم في مذهب الشافعي ، وذكر كلام الروضة ، ثم قال : وأذانهم جماعة على صوت واحد من البدع المكروهة المخالفة لسنة الماضين ، والاتباع في الأذان وغيره متعين ، وفي الأذان أكثر ; لأنه من أكبر أعلام الدين ، وفي الأذان الجماعة مفاسد مخالفة السنة

ومن كان منهم صيتا حسن الصوت ، وهو المطلوب في الأذان خفي أمره فلا يسمع ولا يفهم السامع ما يقولون والغالب على بعضهم أنه لا يأتي بالأذان كله ; لأنه لا بد أن يتنفس فيجد غيره قد سبقه فيحتاج أن يمشي على صوت من تقدمه فيترك ما فاته ، وأول من أحدث الأذان جماعة هشام بن عبد الملك ، ثم قال بعد ذلك : وانظر إلى حكمة الشرع في الأذان واحدا بعد واحد كيف عمت بركته للأمة ; لأنه ورد في الحديث أن من حكاه فله مثل أجره فلو كان المؤذن واحدا فاتت هذه الفضيلة كثيرا من الأمة ; لأن المكلف قد يكون قاعدا لقضاء حاجته أو مشغولا أو في أكله أو في شربه أو في نومه إلى غير ذلك من الأعذار ولو كانوا جماعة يؤذنون في فور واحد لفاتتهم حكايته فإذا أذنوا على الترتيب السابق فمن كان له عذر في ترك حكاية الأول أدرك الثاني ، ويكون الناس على علم من الوقت إذا علموا المؤذن الأول والثاني والثالث إلى آخر الذي يصلي عند آخر أذانه انتهى .

وظاهر ما نقل في النوادر عن ابن حبيب التخيير كما في كلام المصنف في قوله : إنهم إذا تعددوا ، وتنازعوا قدم من سبق هذا عند تساويهم وإلا فيقدم الأفضل ، قال ابن ناجي في شرح المدونة : فإن تشاح المؤذنون قدم الأولى فإن تساووا أقرع بينهم انتهى .

مجمعا من مواضع ، وبعضها باختصار فيؤخذ منه أن تعدد المؤذنين وترتبهم أولى من الاقتصار على واحد ، ومن جمعهم في أذان واحد وهذا ما وعدنا به انتهى .

( تنبيهات الأول ) تقدم أنهم لا يترتبون في المغرب وكذلك إذا خافوا خروج الوقت المستحب ، قاله في التوضيح والشامل وتقدم في كلام صاحب المدخل إشارة إلى ذلك .

( الثاني ) قال ابن ناجي في شرح المدونة واعلم أن الأمر في المغرب كما تقدم ولو قلنا : إن وقتها يمتد احتياطا .

( الثالث ) قال في الطراز وهل يفصل بين الأذان والإقامة أما ما عدا المغرب ، فالأذان مقدم على الإقامة ، وهي متأخرة عنه ويختلف في المغرب ولم يشترط مالك أن يكون بينهما فاصل ، وهو قول أبي حنيفة ، وقال صاحبه : يفصل بينهما بجلسة ونظروه بالجلسة بين الخطبتين ، وقال الشافعي : يفصل بينهما بركعتين خفيفتين انتهى . وقال في مختصر الواضحة : ولا بأس أن يلبث المؤذن بعد أذانه للمغرب شيئا يسيرا ، وإن تمهل في نزوله ومشيه إلى الإقامة توسعة على الناس انتهى . قال في النوادر : ومن المجموعة ، قال أشهب : وأحب إلي في المغرب أن يصل الإقامة بالأذان ; لأن وقتها واحد ولا يفعل ذلك في غيرها فإن فعل أجزأهم وليؤخر الإقامة في غيرها لانتظار الناس

التالي السابق


الخدمات العلمية