ص ( وأسأل بلسان التضرع والخشوع وخطاب التذلل والخضوع أن ينظروا بعين الرضا والصواب فما كان من نقص كملوه ، ومن خطأ أصلحوه فقلما يخلص مصنف من الهفوات أو ينجو مؤلف من العثرات )
ش : بالغ رحمه الله في التواضع والتلطف وأتى بهذه الألفاظ وهي متقاربة المعنى فإن التضرع هو التذلل والخشوع هو الخضوع وأضاف اللسان إلى التضرع والخضوع لكونهما ينشآن عنه وكذلك خطاب التذلل والخضوع وقوله بعين الرضا والصواب أي لا بعين الغضب والسخط والتعصب ولا بعين المحبة المخرجة عن الصواب ثم أذن لمن كان من ذوي الألباب وتأمل بعين الرضا والصواب أن يكملوا ما فيه من نقص ويصلحوا ما فيه من خطأ بعد تحقق ذلك والفحص عنه من جهة النقل أو من جهة التراكيب العربية فإنه رحمه الله قد يستعمل لشدة الاختصار ما لا يجوز إلا في ضرورة الشعر فقوله : كملوه بفتح الميم وقوله : أصلحوه بفتح اللام والهفوات الزلات وكذا العثرات قاله في الصحاح ولقد صدق رحمه الله قلما يخلص مصنف من ذلك ولهم العذر في ذلك فإن الجواد قد يكبو والصارم قد ينبو
، ومن ذا الذي ترجى سجاياه كلها كفى المرء نبلا أن تعد معايبه
واقتضب
المصنف رحمه الله هذا الكلام من آخر وجيز
ابن غلاب على ما قاله
ابن الفرات ونص ما حكي عنه ثم اعتذر لذوي الألباب من التقصير الواقع في هذا الكتاب وأقول ما قال بعض العلماء وأنشده بعض الحكماء
فعفوا جميلا عن خطئي فإنني أقول كما قد قال من كان شاكيا
فعين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا
[ ص: 43 ] ونحن نسأل بلسان التضرع والخضوع وخطاب الاعتراف والخشوع للمتصفحين هذا الكتاب أن ينظروه بعين الرضا والصواب فما كان من نقص كملوه وجودوه وما كان من خطأ أحكموه وصوبوه ; لأنه قلما يخلص مصنف من الهفوات وينجو ناظم أو مؤلف من العثرات خصوصا مع الباحثين على العورات قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {
من طلب عثرة أخيه ليهتكه طلب الله عثرته فيهتكه } . وأنشدوا :
لا تلتمس من عيوب الناس ما ستروا فيهتك الله سترا عن مساويك
واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا ولا تعب أحدا منهم بما فيك
والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب .