( تنبيه ) وهذا حكم كل طهارة شرعية من غسل أو وضوء وإن لم تكن واجبة فلا يصح شيء من ذلك إلا بالماء المطلق كالأوضية المستحبة والأغسال المسنونة والمستحبة قال في التلقين ولا يجوز
التطهر من حدث ولا نجس ولا شيء من المسنونات والقرب بمائع سوى الماء المطلق انتهى ، ولما كان الأمر كذلك احتاج
المصنف إلى
تعريف الماء المطلق والمطلق في اللغة ما أزيل منه القيد الحسي والمعنوي وهل هو حقيقة فيهما أو حقيقة فيما أزيل منه الحسي مجاز فيما أزيل منه القيد المعنوي ؟ طريقان ذكرهما صاحب الجمع وعزى الأولى
لابن راشد وشيخه
القرافي والثانية
nindex.php?page=showalam&ids=13612لابن هارون وأبي علي قال : واستعمله الأصوليون في اللفظ الذي لم يقيد انتهى . واستعمله الفقهاء في الماء الذي لم يخالطه شيء ينفك عنه غالبا مجازا لغويا وعرفيا قاله صاحب الجمع وهو في كلام
المصنف صفة لمحذوف أي بالماء المطلق واختلف عبارات الأصحاب في تعريف فعرفه
nindex.php?page=showalam&ids=13256ابن شاس nindex.php?page=showalam&ids=12671وابن الحاجب وغيرهما بأنه الباقي على أصل خلقته أي لم يخالطه شيء وجعلوا ما تغير بقراره أو بما يتولد منه أو بالمجاورة ملحقا بالمطلق في كونه طهورا فالمطلق عندهم أخص من الطهور وجعل القاضي
عبد الوهاب وابن عسكر وغيرهما المطلق مرادفا للطهور فعرفوه بأنه الذي لم يتغير أحد أوصافه بما ينفك عنه غالبا مما ليس بقراره ولا متولد منه فجعلوا ما تغير بقراره أو بما يتولد منه أو بالمجاورة داخلا في حد المطلق وتبعهم
المصنف على ذلك فأدخلها كلها في حد المطلق وعرفه بقوله وهو ما صدق عليه اسم ماء بلا قيد يعني أن الماء المطلق هو الذي يصدق عليه في العرف اسم ماء من غير تقييد بإضافة أو صفة أو غير ذلك أي يصح أن يسمى ماء . وهذا معنى قول غيره هو الذي يكتفي بالإخبار عنه بمجرد إطلاق اسم الماء عليه فقوله ما صدق عليه اسم ماء معناه ما صح أن يطلق عليه اسم الماء وليس المراد به جزئيات المطلق التي يصدق عليها حتى يرد عليه أن الشيء لا يعرف بما يصدق عليه ولا يرد على
المصنف ما أورده
البساطي وغيره أنه قدم التصديق على التصور لأن
المصنف لم يحكم على المطلق بشيء وإنما حكم على الحدث والخبث بأنهما يرتفعان بالمطلق فلما جرى في كلامه
[ ص: 46 ] ذكر المطلق احتاج إلى تعريفه
والإضافة في قوله اسم ماء بيانية أي اسم هو ماء وقوله ما صدق عليه اسم ماء كالجنس وقوله بلا قيد كالفصل خرج به ما لا يصدق عليه اسم الماء إلا مقيدا بإضافة كماء الورد ونحوه أو صفة كالماء المضاف والماء النجس أو بالألف واللام التي للعهد كقوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9994إذا رأت الماء } يعني المني ودخل في حده ما كانت إضافته بيانية كماء المطر وماء الندى وما قيد بإضافة لمحله لأن ذلك لا يمنع من صدق اسم الماء عليه في العرف ويكتفي بالإخبار عنه بمجرد اسم الماء كماء السماء وكذا ما قيد بإضافة لمحله كماء البحر ولا خلاف في جواز التطهير به وإن كان قد حكى عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر كراهة الوضوء به فقد انعقد الإجماع على خلافه وماء العيون والآبار والماء الذي نبع من بين أصابعه - صلى الله عليه وسلم - وهو أشرف المياه قال
nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي لم نسمع بمثل هذه المعجزة عن غير نبينا صلى الله عليه حيث نبع الماء من بين عظمه وعصبه ولحمه ودمه .
ونقله عنه
ابن حجر في علامات النبوة من كتاب المناقب من شرح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وقال في القبس ونبع الماء من بين أصابعه خصيصة لم تكن لأحد قبله . قال
النووي في أول كتاب الفضائل من شرح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وفي كيفية هذا النبع قولان حكاهما
nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض وغيره أحدهما ونقله القاضي عن
المازري وأكثر العلماء أن الماء كان يخرج من بين أصابعه - صلى الله عليه وسلم - وينبع من ذاتها قالوا وهو أعظم في المعجزة من نبعه من حجر الثاني أن الله كثر الماء في ذاته فصار يفور من بين أصابعه انتهى .
(
قلت ) : وعلى القول الأول فهو أشرف مياه الدنيا والآخرة وقد ذكر شيخ شيوخنا القاضي
تقي الدين الفاسي المالكي في تاريخ مكة عن شيخه شيخ الإسلام
البلقيني .
وذكره أيضا صاحب المواهب اللدنية عن
البلقيني أن
ماء زمزم أفضل من ماء الكوثر لغسل قلبه - صلى الله عليه وسلم - به فكيف بما خرج من ذاته - صلى الله عليه وسلم - ودخل في ماء الآبار ماء زمزم وهو كذلك قال في كتاب الجنائز من النوادر عن
nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان لا يغسل بماء زمزم ميت ولا نجاسة قال الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=12502ابن أبي زيد ما ذكره في
ماء زمزم لا وجه له عند
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأصحابه ونقله عنه
ابن عرفة في كتاب الجنائز بلفظ قوله ولا يغسل بماء زمزم ميت ولا نجاسة خلاف قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأصحابه .
قال
ابن عرفة : وأبعد منه سماعي ابتداء قراءتي فتوى
ابن عبد السلام لا يكفن بثوب غسل بماء زمزم انتهى وقال
الجزولي في شرح قول الرسالة :
وماء السماء وماء الآبار وماء العيون وماء البحر طيب طاهر مطهر للنجاسات هذا عام يدخل فيه بئر زمزم وهو المشهور أن ماء زمزم يتوضأ به وتزال به النجاسة ولا خلاف فيه إلا ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان من أنه قال لا تزال به النجاسة تشريفا له انتهى ، ونحوه للشيخ
يوسف بن عمر .
(
قلت ) : أما الوضوء به لمن كان طاهر الأعضاء فلا أعلم في جوازه خلافا بل صرح باستحبابه غير واحد نقلا عن
ابن حبيب .
وكذلك لا أعلم في جواز الغسل به لمن كان طاهر الأعضاء خلافا بل صرح
ابن حبيب أيضا باستحباب الغسل به قال
فضل بن مسلمة في اختصار الواضحة
لابن حبيب ويستحب
لمن حج أن يستكثر من ماء زمزم تبركا ببركته يكون منه شربه ووضوءه واغتساله ما أقام
بمكة ويكثر من الدعاء عند شربه انتهى ، ويؤخذ استحباب الغسل أيضا من كلام
اللخمي كما سيأتي قريبا إن شاء الله وقال
النووي في شرح المهذب : مذهب الجمهور كمذهبنا أنه لا يكره الوضوء والغسل به وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رواية بكراهيته لأنه جاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس أنه قال عند زمزم : لا أحله لمغتسل وهو لشارب حل وبل قال : ودليلنا النصوص الصحيحة الصريحة المطلقة في المياه بلا فرق ولم يزل المسلمون على الوضوء به بلا إنكار ولم يصح ما ذكروه عن
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس بل حكي عن أبيه
عبد المطلب ولو ثبت عن
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس لم يجز ترك النصوص به وأجاب أصحابنا
[ ص: 47 ] بأنه قاله في وقت ضيق الماء لكثرة الشاربين انتهى .
(
قلت ) : وذكر
المحب الطبري في الباب السابع والعشرين من القرن أثر
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس وقال : لا أحلها المغتسل وهي للشارب حل وبل قال : والبل الحل كرره تأكيدا والظاهر أنه يريد الغسل من الجنابة لمكان تحريم
اللبث في المسجد . وإنما أسند التحريم إلى نفسه لأنه ملك الماء بحيازته في حياض كان يجعلها هناك فالمغتسل من الجنابة ارتكب التحريم من وجهين من جهة اللبث في المسجد ومن جهة استعمال المملوك دون إذن مالكه انتهى .
(
قلت ) : أما الوجه الأول فغير ظاهر لأن موضع زمزم وحريمها سابق على المسجد فلا يدخل في تحبيس المسجد وقد ذكر صاحب المدخل وغيره أن البيت إذا كانت سابقة على المسجد لا يدخل حريمها في تحبيس المسجد وقد ذكر
الأزرقي أن حد
المسجد الحرام كان إلى جدار
زمزم ورأيت لبعض الشافعية تأليفا صرح فيه بأن موضع زمزم غير داخل في تحبيس المسجد والله أعلم . نعم
مرور الجنب في المسجد لا يجوز عند المالكية وأما
إزالة النجاسة بماء زمزم فالظاهر أن ذلك مكروه ابتداء فإن أزيلت به طهر المحل ويختلف في كراهة
غسل الميت به على الخلاف في طهارة الميت ونجاسته فإن قلنا بطهارته كما هو الأظهر الصحيح جاز غسله به بل قال
اللخمي : إنه أولى لما يرجى من بركته كما سيأتي وإن قلنا بنجاسته على القول الذي قدمه
المصنف في كلامه الآتي كره غسله به كما صرح به
ابن بشير وغيره قال
ابن بشير في كتاب الجنائز : واختلف في كراهة غسله بماء زمزم وسبب الخلاف ما قدمنا من الحكم بنجاسته فإن حكمنا بها كرهنا غسله به لكراهة استعمال هذا الماء في النجاسات وأهل
مكة يحكون أن رجلا استنجى به فحصل له الباسور وإن حكمنا بطهارة الميت أجزنا غسله به انتهى . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب في كراهة غسله بماء زمزم قولان إلا أن تكون فيه نجاسة انتهى وقال
اللخمي بعد أن ذكر قول
nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان لا يغسل به ميت ولا نجاسة وهذا على أصله لأنه يقول إن الميت نجس ولا يقرب ذلك الماء النجاسة وقد ذكر أن بعض الناس استنجى به فحدث به الباسور وأهل
مكة يتقون الاستنجاء وعلى القول بأن الميت طاهر يجوز أن يغسل بماء زمزم بل هو أولى لما يرجى من بركته انتهى .
(
قلت ) : هذا كلام
اللخمي الموعود به فإنه يفهم منه استحباب
الغسل به لمن كان طاهر الأعضاء لأنه إذا كان غسل الميت به أولى لرجاء بركته فالحي من باب أولى للاتفاق على طهارته وصرح
ابن الكروي في كتاب الوافي له بكراهة استعماله في النجاسات احتراما له وقال
ابن فرحون في منسكه لما ذكر في فضل
زمزم حديث النظر إليها عبادة والطهور منها يحبط الخطايا ما نصه ( تنبيه ) الطهور منها يحبط الخطايا يريد الوضوء خاصة إذا كانت أعضاء الوضوء طاهرة وأما الاستنجاء به فقد شدد في الكراهة فيه وجاء أنه يحدث البواسير وكذا غسل النجاسات التي على البدن أو غيره قال
nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان من أصحابنا ولا يغسل به نجس انتهى وقوله يريد الوضوء خاصة يعني أو الغسل إذا كان طاهر الأعضاء وسلم من المرور في المسجد وهو جنب وإنما خص الوضوء بالذكر لأنه هو الذي يتصور غالبا قال القاضي
تقي الدين الفاسي في تاريخه يصح التطهر به بالإجماع على ما ذكره
الروياني في البحر
الماوردي في الحاوي
والنووي في شرح المهذب وينبغي توقي النجاسة به خصوصا في الاستنجاء فقد قيل إنه يورث الباسور وجزم
المحب الطبري بتحريم إزالة النجاسة به وإن حصل التطهير به إذا علم هذا فقول
nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان لا يغسل به ميت ولا نجاسة إن حمل على المنع من ذلك أو على أنه لا يزيل النجاسة فهو خلاف قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأصحابه وإن حمل على الكراهة فالظاهر أنه موافق للمذهب وقد نقله صاحب الطراز بلفظ الكراهة فقال : وكره
nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان من
[ ص: 48 ] أصحابنا أن تغسل به نجاسة أو يغسل به ميت ونحوه في الذخيرة ولا يقال إن ذلك يدل على أن المذهب عدم كراهة غسل النجاسة به لعزوهم ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=13270لابن شعبان لأنا نقول إن الذي عزوه
nindex.php?page=showalam&ids=13270لابن شعبان فقط هو عدم غسل الميت به كما يفهم ذلك من كلام
اللخمي والله أعلم .
والذي يفهم من كلام الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=12502ابن أبي زيد أنه حمله على المنع وكذلك
ابن عبد السلام والمصنف في التوضيح فإنهما فسرا القولين المتقدمين في كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب بكلام
nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان وكلام الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=12502ابن أبي زيد قال
ابن عبد السلام : القول بالمنع في كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان وأنكره الشيخ
أبو محمد ورأى أنه مخالف لقول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأصحابه ولا شك أنه ماء مبارك ومع ذلك فلا يمنع أن يصرف فيما تصرف فيه أنواع المياه إذ من المعلوم أن
هاجر لم تكن تستعمل هي وابنها
إسماعيل - صلوات الله وسلامه عليه - ومن نزل عليهما من
العرب في كل ما يحتاجون إليه سواه حين لم يكن
بمكة غيره وجعل قول
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب إلا أن يكون فيه نجاسة عائدا إلى المسألة التي قبل مسألة غسله بماء
زمزم ونقله في التوضيح عن
ابن عبد السلام وعن
شيخه أيضا قال : وكأنهما فرا من إعادته على ماء زمزم لأنه لو أعيد عليه لفهم أنه يتفق على المنع منه وليس كذلك إذ ظاهر المذهب الجواز انتهى .
(
قلت ) : وهذا إنما يشكل إذا حمل كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان على المنع أما إذا حمل كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان على الكراهة وفسر القولان في كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب به وبما ذكره
اللخمي فلا إشكال في ذلك وقد ذكر
ابن فرحون عن
ابن راشد أنه فسر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب بذلك ونحوه
للبساطي في المغني قال في كتاب الجنائز : واختلف هل يكره تغسيله بماء
زمزم إذا لم يكن على الميت نجاسة وهو منصوص
nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان أولا وشهره
خليل في مختصره على قولين ( تنبيه ) ظاهر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان أنه لا يجوز قال
nindex.php?page=showalam&ids=12502ابن أبي زيد وهو خلاف قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأصحابه وقال
اللخمي : هو مبني على أصله أن الميت نجس .
(
قلت ) : فعلى هذا يكون المشهور ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان فإنه لا يجوز الاستنجاء به ولا إزالة النجاسة وأما أنه يزيلها أولا محل نظر انتهى كلام
البساطي وقوله فعلى هذا يكون المشهور ما قال
nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان يعني لأن الشيخ
خليلا شهر القول بنجاسة الميت وقوله فإنه لا يجوز الاستنجاء به الظاهر أنه بالفاء كما يدل عليه كلامه ورأيته في نسخة بالواو والظاهر أن قول
المصنف في فصل الجنائز ولو
بزمزم وإنما أراد به - والله أعلم - أن يبين أن المذهب صحة غسل الميت به وأنه غير ممنوع كما يقول
nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان بناء على ما فهمه
المصنف وابن عبد السلام عن
nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان وكذلك قول
ابن عبد السلام لا شك أنه ماء مبارك ومع ذلك لا يمنع أن يصرف فيما يصرف فيه غيره وقول
المصنف في التوضيح .
إذ ظاهر المذهب الجواز إنما قال ذلك في مقابلة كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان حيث فهماه على المنع ولم يريدا نفي الكراهة إذا قلنا إن الميت نجس لا ينبغي أن يختلف في كراهة غسل النجاسة وقد تقدم التصريح بها في كلام
ابن بشير nindex.php?page=showalam&ids=12671وابن الحاجب وابن الكروي وابن فرحون وقوة كلام
اللخمي يدل عليها ولم نقف على نص في نفيها إلا ما يفهم من كلام الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=12502ابن أبي زيد في رده على
nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان وقد تقدم أن الظاهر أنه إنما رد عليه لأنه فهم كلامه على المنع بل تقدم في كلام
ابن عرفة أن
ابن عبد السلام أفتى بأنه لا يكفن الميت في ثوب غسل بماء زمزم فإن من المعلوم أنه إنما أراد بذلك على سبيل الكراهة وإن كان ذلك خلاف الظاهر والله أعلم . وقال
ابن فرحون في شرح قول
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب : ولا تزال النجاسة إلا بالماء يدخل في كلامه ماء زمزم وهو خارج ولا تزال به نجاسة من البدن ولا من الثوب انتهى .
قلت : فينبغي أن يحمل كلامه على الكراهة وإلا كان مخالفا للمذهب ونقل سيدي الشيخ
زروق في شرح الرسالة عن
nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان أنه قال : لا يتطهر بماء زمزم لأنه طعام لقوله عليه الصلاة والسلام
[ ص: 49 ] {
nindex.php?page=hadith&LINKID=39014هو طعام طعم وشفاء سقم } والمعول عليه خلافه لا في النجاسات فيحمل على استعماله فيها انتهى .
(
قلت ) : كلامه يقتضي أن
nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان منع التطهير به مطلقا ولم أقف على ذلك في كلام غيره وكذلك لم أقف على أنه علل ذلك بكونه طعاما إلا في كلامه والمنقول عن
nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان ما تقدم فليعتمد عليه ثم وقفت على كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان في الزاهي ونصه في أول كتاب الطهارة : ولا يستعمل ماء زمزم في المراحيض ولا يخلط به نجس ولا يزال به ولا يغسل به في حمام ولا بأس أن يتوضأ به من سلمت أعضاء وضوئه من النجس وكذلك يغتسل به من الجنابة من ليس بظاهر جسده أذى وإن أصاب الفرجين إذا كانا طاهرين انتهى . قال في باب الحج : ويتوضأ منه ولا يغسل به نجس انتهى . والله أعلم .
( وإنما أطلت الكلام في هذه المسألة ) لاضطراب النقول فيها فأردت تحرير ما ظهر لي من كلام أهل المذهب فيها وأما الكلام على فضلها وفضل الشرب منها فسيأتي إن شاء الله في كتاب الحج ويستثنى من الآبار
آبار ثمود فلا يجوز الوضوء بمائها ولا الانتفاع به كما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي في شرح مسلم
وابن فرحون في ألغازه ناقلا له عن
ابن العربي في أحكام القرآن ونقله غير واحد وذلك {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29679لأنه - صلى الله عليه وسلم - أمر الصحابة - رضي الله عنهم - حين مروا بها أن يشربوا إلا من البئر التي كانت تردها الناقة وأمرهم أن يطرحوا ما عجنوه من تلك الآبار ويهريقوا الماء } والحديث في الصحيحين رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء وذكره
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في أواخر صحيحه بعد كتاب الزهد وفيه أنه أمرهم أن يعلفوا العجين الإبل قال
nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي في شرح مسلم أمره - صلى الله عليه وسلم - بإراقة ما سقوا وعلف العجين للدواب حكم على ذلك الماء بالنجاسة إذ ذلك حكم ما خالطته النجاسة أو كان نجسا ولولا نجاسة الماء لما أتلف الطعام المحترم شرعا ، وأمره أن يستقوا من بئر الناقة دليل على التبرك بآثار الأنبياء والصالحين وإن تقادمت أعصارهم انتهى وقال
ابن فرحون في الألغاز : ( فإن قلت ) : ماء كثير باق على أصل خلقته لا يجوز الوضوء ولا الانتفاع به .
(
قلت ) : هو ماء الآبار التي في أرض
ثمود .
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يشربوا من بئرها ولا يستقوا منها ، قالوا : قد استقينا وعجنا فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين ويريقوا الماء وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة وذلك لأجل أنه ماء سخط فلم يجز الانتفاع به فرارا من سخط الله انظر أحكام القرآن
لابن العربي عند قوله تعالى {
ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين } وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ولا نحكم بنجاسته لأن الحديث ليس فيه تعرض للنجاسة وإنما هو ماء سخط وغضب انتهى . وقال الشيخ
زروق في شرح الرسالة ذكر
ابن العربي في الأحكام عند قوله تعالى {
ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين } منع الوضوء من بئر
ثمود لأنها بئر غضب ولأنه عليه الصلاة والسلام أمر بطرح ما عجن منها وبالتيمم وترك استعمالها فهي مستثناة من الآبار وهو خلاف ما هنا من العموم يعني قول الرسالة وماء الآبار .
(
قلت ) : والظاهر ما قاله
ابن فرحون والشيخ
زروق أنه لا يحكم بنجاسة الماء وإنما يمنع من استعماله فقط لأنه ماء سخط وغضب لأنه لم يروا أنه - عليه الصلاة والسلام أمرهم بغسل أوعيتهم وأيديهم منه وما أصابه من ثيابهم ولو وقع ذلك لنقل على أنه لو نقل لما دل على النجاسة لاحتمال أن يكون ذلك مبالغة في اجتناب ذلك الماء وهو الذي يؤخذ من كلام
الفاكهاني في شرح الرسالة فإنه لما ذكر الآبار قال : إلا مياه أبيار
الحجر فإنه نهى عن شربها والطهارة بها إلا بئر الناقة ثبت ذلك في الصحيح انتهى . وقد صرح
النووي في شرح المهذب بعدم نجاسته ولا إشكال في منع الوضوء منها على ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي والله أعلم .