ص ( ولزمت المكلف الحر الذكر بلا عذر المتوطن وإن بقرية نائية )
ش : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر في الاستذكار أجمع علماء الأئمة أن
الجمعة فريضة على كل حر بالغ يدركه الزوال في مصر من الأمصار وهو من أهل المصر غير مسافر .
وأجمعوا أن من تركها وهو قادر على إتيانها ممن تجب عليه أنه غير كافر بفعله إلا أن يكون جاحدا لها مستكبرا عنها وأجمعوا أن من تركها ثلاث مرات من غير عذر فاسق ساقط الشهادة وقيل ذلك فيمن تركها مرة واحدة من
[ ص: 167 ] غير تأويل ولا عذر انتهى .
وفي النوادر قال
ابن حبيب شهود الجمعة فريضة ومن تركها مرارا من غير عذر لم تجز شهادته انتهى .
ولم أر أحدا من أهل المذهب حكى في تركها القتل وسمعت أن عند الشافعية قولا ضعيفا في قتله وأما المعاقبة فمن المقرر أن الإمام يعزره لمعصية الله تعالى كما صرح به
المصنف في باب الشرب ورأيت في نوازل
سحنون من كتاب الشهادات ما نصه : قال
سحنون عن
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب في
تارك الجمعة بقرية يجمع فيها من غير علة ولا مرض قال : لا أرى أن تقبل شهادته قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون إذا تركها ثلاثا متواليات للحديث الذي جاء قال
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ قال
ابن القاسم في الذي يترك الجمعة نرى أن ترد شهادته إلا أن يعرف أن له عذرا ويسأل عن ذلك ويكشف فإن علم له عذر من وجع أو أمر أو اختفاء من دين أو ما أشبه ذلك فأرى أن لا ترد شهادته وإن كان على غير ذلك رأيت أن ترد شهادته إلا أن يكون ممن لا يتهم على الدين ولا على الجمعة لبروزه في الصلاح وعلمه فهو أعلم بنفسه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ والمرة الواحدة إذا تركها متعمدا من غير عذر تهاونا بها ترد شهادته ولا ينظر بها ثلاثا ; لأن ترك الفريضة مرة وثلاثا وأقل وأكثر سواء هي فريضة مفروضة مفترض إتيانها كفريضة الصلاة لوقتها فلو ترك الصلاة لوقتها متعمدا مرة واحدة لم ينتظر به أن يفعل ذلك ثلاثا وكان بمنزلة التارك أصلا للأبد ; لأنه عاص لله في قليل فعله دون كثيره ومتعد لحدوده وقد قال الله تعالى {
ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها } والذي قيل فيمن ترك الجمعة ثلاثا : طبع الله على قلبه إنما هو في الإثم والنفاق وينتظر في الثالثة التوبة فإن فعل وإلا طبع الله على قلبه وليس ذلك في الترك له عملا ولا في إبطال شهادته لا بل تطرح شهادته ويوقف ويعاقب إن شاء الله وقد بلغني عن بعض الأمراء ممن مضى من أئمة الدين أنه كان يأمر إذا فرغ من الجمعة أن من وجد لم يشهد الجمعة ربط في عمود وعوقب وأراه
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز قال
محمد بن رشد قول
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : إن شهادة التارك بقرية تجمع فيها الجمعة لا ترد إلا أن يفعل ذلك ثلاثا متواليات أظهر مما ذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ من أنها ترد بالمرة الواحدة ومعنى ما ذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون أنه إذا لم يعلم له في ذلك عذر ولم يكن معلوما بالصلاح والفضل على ما قاله
ابن القاسم ; لأن من لم يعلم بالصلاح والفضل إذا ترك الجمعة ثلاثا متواليات لا يصدق فيما يدعيه من العذر بخلاف من علم بالصلاح والفضل وليس قول
ابن القاسم nindex.php?page=showalam&ids=15968وسحنون مخالفا لقول
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب والله أعلم .
وإنما قلنا : إن قول
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون أظهر من قول
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ من أجل أن المسلم لا يسلم من مواقعة الذنوب فإذا ثبت هذا وجب أن لا يجرح الشاهد العدل بما دون الكبائر من الذنوب التي يقال فيها صغائر بإضافتها إلى الكبائر إلا أن يكثر منها فيعلم أن غير الصغائر لا تخرج العدل عن عدالته غير أنه متهاون بها وغير متوق منها ; لأن من كانت هذه صفته فهو خارج عن حد العدالة ولما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36006من ترك الجمعة ثلاثا من غير عذر ولا علة طبع الله على قلبه بطابع النفاق } دل على أن ما دون الثلاث بخلاف ذلك في عظم الإثم وكثرة الوعيد فوجب أن يلحق ذلك بالصغائر ولا ترد شهادة من ترك الجمعة مرة واحدة اشتغالا بما سواها من أمر دنياه حتى يفعل ذلك ثلاثا متواليات فيتبين بذلك أنه متهاون بدينه غير متوق فيه وكذلك القول في
تارك صلاة من الصلوات حتى يخرج وقتها بغير عذر فلا يجب أن ترد شهادته حتى يكثر ذلك من فعله واحتجاج
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ لرد شهادته بذلك بقوله عز وجل {
ومن يعص الله } الآية غير صحيح ; لأن المعنى في ذلك إنما هو فيمن عصى الله ورسوله بترك الإيمان وتعدى حدود الإسلام ; لأن الخلود في النار إنما هو من صفة الكفار وبالله التوفيق انتهى .
ونقله
ابن عرفة والذي يظهر أن
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ شبه ترك الجمعة بمن ترك الصلاة حتى يخرج
[ ص: 168 ] وقتها في أنه يقتل ولا يؤخر فكذلك
تارك الجمعة ترد شهادته ولا يؤخر ولم يشبه ترك الجمعة بترك الصلاة حتى يخرج وقتها في رد شهادته كما يظهر من عبارة
ابن رشد والله أعلم .
وفي النوادر في كتاب الشهادات قال
nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرف إذا تركها مرارا ولم يعرف له عذر في ذلك فشهادته مطروحة حتى يثبت له عذر ويظهر ولا يعذر في ذلك بجهالة ، وقاله
ابن عبد الحكم وأصبغ انتهى .
ثم قال : ومن المجموعة وكتاب
nindex.php?page=showalam&ids=13211ابن سحنون قال
nindex.php?page=showalam&ids=13469ابن كنانة هذا لا يظهر فيه العذر للناس والمرء أعلم بنفسه وقد يكون بحال لا يعلمها غيره فلا ترد شهادته لذلك قال في المجموعة إلا أن يتركها من غير عذر ولا علة وليس يخفى مثل هذا على الناس انتهى .
وقال في الاستذكار وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود والحسن البصري : إن الصلاة التي أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يحرق على من تخلف عنها بيته هي الجمعة ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن
الفضل عن
زهير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=11820أبي الأحوص عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16577عفان عن
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن
حميد عن
الحسن انتهى . ثم رأيت في التمهيد في شرح الحديث الرابع
nindex.php?page=showalam&ids=90لصفوان وقد أجمعوا على أن من لم يصل الجمعة وتركها مرات ثلاثا أو غيرها وصلى في بيته الظهر وهو قادر على إتيان الجمعة لا عذر له يحبسه عنها أنه غير كافر بفعله ذلك إذا كان مقرا أو متأولا ولكنه عند الجميع فاسق ساقط الشهادة وهو مع ذلك مؤمن لا يخرجه ذلك من الإيمان وهو كمن ترك فرضا وهو يقر به انتهى .
فانظر قوله كمن ترك فرضا وهو يقر به .
ولعل مراده بالتشبيه به من حيثية عدم كفره على المشهور وهو ظاهر كلامه والله أعلم .