وأفتى أبو زرعة فيمن نزل لآخر عن إقطاعه فنذر له إن وقع اسمه بدله أن يعطيه كذا بأنه نذر قربة ومجازاة فيلزمه ، وفرق بينه وبين مسألة الغزالي بما يقرب مما ذكرته وإذا قلنا بلزوم نذر الإقالة فقيدها بمدة فالقياس تقيد اللزوم بها فإن أخر عنها لغير نحو نسيان وإكراه فالقياس كما يعلم مما مر في تعاليق الطلاق إلغاء النذر مطلقا ، ويحتمل الفرق بين المعذور بأي عذر وجد وبين غيره وعليه لا يقبل قوله في العذر الذي ليس نحو نسيان ؛ لأنه يمكن إقامة البينة عليه ( كإن شفي مريضي فلله علي أو فعلي كذا ) أو ألزمت نفسي كذا أو فكذا لازم لي أو واجب علي ونحو ذلك من كل ما فيه التزام وما يصرح به كلامه من صحة إن شفي مريضي فلله علي ألف أو فعلي ألف أو لله علي ألف ، ولم يذكر شيئا ولا نواه غير مراد له لجزمه في الروضة بالبطلان مع ذكره صحة لله علي أو علي التصدق أو التصدق بشيء ويجزيه أدنى متمول
والفرق أنه في تلك لم يعين مصرفا ولا ما يدل عليه [ ص: 73 ] من ذكر مسكين أو تصدق أو نحو ذلك فكان الإبهام فيها من سائر الوجوه بخلاف هذه ؛ لأن التصدق ينصرف للمساكين غالبا ويؤخذ منه صحة نذر التصدق بألف ويعين ألفا مما يريده وعلى هذا التفصيل يحمل ما وقع للأذرعي مما يوهم الصحة حتى في الأولى وابن المقري مما هو ظاهر في البطلان حتى في نذر التصدق بألف غفلة عن أن تصوير أصله لصورة البطلان بما إذا لم يذكر التصدق والصحة بما إذا ذكر ألفا أو شيئا مجرد تصوير إذ الفارق إنما هو ذكر التصدق وحذفه كما تقرر نعم بحث بعضهم أن ذكر لله حيث لم ينو مجرد الإخلاص يغني عن ذكر التصدق فيصرف للفقراء ، وفيه نظر لما مر أول الوصية من الفرق بينهما وبين الوقف ومما يرد عليه إفتاء القفال في لله علي أن أعطي الفقراء درهما ولم يرد الصدقة أو هذا درهما وأراد الهبة بأنه لغو لكن نظر فيه الأذرعي بأنه لا يفهم منه إلا الصدقة ويجاب عن الهبة بأن مراده بها مقابل الصدقة ، لقول الماوردي في إن هلك فلان فلله علي أن أهب مالي لزيد إن كان فلان من أعداء الله وزيد ممن يقصد بهبته الثواب لا التواصل والمحبة انعقد نذره وإلا فلا .
حاشية ابن قاسم
( قوله : والفرق أنه في تلك لم يعين مصرفا إلخ ) قد يقتضي هذا الفرق البطلان [ ص: 73 ] أيضا في فلله علي ألف دينار أو دينار ، وقد يمنع اقتضاؤه ذلك بناء على أن المراد أنه كما لم يعين جنس الملتزم ، ولا نوعه لم يعين مصرفا ولا ما يدل عليه وهذا معنى قوله الآتي من سائر الوجوه ، لكن قد يعكر على ذلك قوله : إذ الفارق إنما هو إلخ فليحرر .
( قوله : ويجاب عن الهبة بأن مراده بها مقابل الصدقة إلخ ) هذا يقتضي أن الهبة المقابلة للصدقة في نفسها غير قربة وإلا فلم ينعقد نذرها ، وذلك خلاف ما يدل عليه ما وجه به ما تقدم عن فتاوى الغزالي ( قوله : وزيد ممن يقصد بهبته الثواب ) إشارة إلى معنى الصدقة .
حاشية الشرواني
( قوله : فقيدها ) أي : الإقالة يعني ما علقها به من الإحضار ( قوله : بها ) أي : بتلك المدة ( قوله : فإن أخر ) يعني أخر البائع الإحضار ( قوله : لغير نحو نسيان إلخ ) وأدخل بالنحو الجهل والجنون والإغماء ( قوله : مطلقا ) أي : سواء كان معذورا بغير ما ذكر أو لا ( قوله : ليس نحو نسيان ) أراد بنحوه ما لا يمكن اطلاع البينة عليه ( قول المتن كإن شفي مريضي إلخ ) أي : أو ذهب عني كذا . ا هـ . مغني ( قوله : أو ألزمت ) إلى المتن في النهاية إلا قوله أو لله علي ألف وقوله نعم إلى ولو كرر وقوله كذا ذكره إلى ويجوز ( قوله : أو لله علي ألف ) إن عطف على جواب الشرط فيرد عليه أنه مكرر وخال عن الرابطة وإن عطف على الشرط فيرد أنه لا تعليق فيه ولعل لهذا أسقطه النهاية
( قوله : ولم يذكر شيئا ) يعني مصرفا يدفع إليه ا هـ ع ش زاد الرشيدي ويدل له ما بعده . ا هـ . ( قوله : غير مراد له ) خبر قوله وما يصرح إلخ ( قوله : صحة لله علي إلخ ) لا يخفى أنه من غير المعلق ( قوله : والفرق إلخ ) أي : بين قوله إن شفي مريضي إلخ وقوله لله أو علي التصدق إلخ . ا هـ . ع ش ( قوله والفرق أنه في تلك إلخ ) قد يقتضي هذا الفرق البطلان أيضا في فلله علي [ ص: 73 ] ألف دينار أو دينار وقد يمنع اقتضاؤه ذلك بناء على أن المراد أنه كما لم يعين جنس الملتزم ولا نوعه لم يعين مصرفا ولا ما يدل عليه وهذا معنى قوله الآتي من سائر الوجوه لكنه قد يعكر على ذلك قوله : إن الفارق إنما هو إلخ فليحرر ا هـ سم أقول قد يؤيد ذلك المراد قول المغني ولو قال إن شفى الله مريضي فعلي ألف ولم يعين شيئا باللفظ ولا بالنية لم يلزمه شيء ؛ لأنه لم يعين مساكين ولا دراهم ولا تصدقا ولا غيرها . ا هـ . ( قوله : ويؤخذ منه ) أي : من الفرق المذكور ( قوله صحة نذر التصدق بألف إلخ ) خلافا لظاهر صنيع المغني عبارته ولو نذر التصدق بألف ولم ينو شيئا فكذلك لم يلزمه شيء كما جزم به ابن المقري تبعا لأصله لكن قال الأذرعي يحتمل أن ينعقد نذره ويعين ألفا لما يريده كما لو قال لله علي نذر قال شيخنا وما قاله ظاهر وأي فرق بينه وبين نذر التصدق بشيء . ا هـ .
( قوله مما يريده ) أي : من دراهم أو غيرها كقمح أو فول ا هـ ع ش ( قوله : غفلة ) إلى قوله نعم عبارة النهاية فقد غفل عن تصوير أصله البطلان بما إذا لم يذكر التصدق ، والصحة بما إذا ذكر ألفا وشيئا فالفارق إلخ وصوب الرشيدي عبارة الشارح والذي يظهر لي العكس فتأمل ( قوله أصله ) أي : أصل الروض وهو الروضة ( قوله : أو شيئا ) عبارة النهاية : وشيئا بالواو كما مرت آنفا وهي الموافقة لمفهوم قول الشارح السابق آنفا أو لله علي ألف ولم يذكر شيئا إلخ ( قوله : إنما هو ذكر التصدق ) أي : ونحوه مما يدل على المصرف أو الملتزم أخذا مما مر ( قوله : من الفرق بينها وبين الوقف ) أي : ومثله النذر ( قوله : ومما يرد عليه ) أي : البعض ( قوله ولم يرد الصدقة ) صادق بالإطلاق ( قوله : بأنه لغو ) أي : كل من الصورتين وكذا ضمير لا يفهم منه ( قوله : ويجاب عن الهبة إلخ ) هذا يقتضي أن الهبة المقابلة للصدقة في نفسها غير قربة وإلا فلم ينعقد نذرها وذلك خلاف ما يدل عليه ما وجه به ما تقدم عن فتاوى الغزالي . ا هـ . سم ( قوله : عن الهبة ) قضية تخصيصها بالجواب عنها تسليم النظر بالنسبة للإعطاء وفاقا للأسنى والمغني عبارتهما واللفظ للثاني وفي فتاوى القفال : لو قال لله علي أن أعطي الفقراء عشرة دراهم ولم يرد به الصدقة لم يلزمه شيء قال الأذرعي وفيه نظر إذ لا يفهم من ذلك إلا الصدقة انتهى وهذا هو الظاهر . ا هـ . ( قوله : بأن مراده ) أي : القفال ( قوله : من أعداء الله ) يظهر أن المراد بأعداء الله هنا ما يشمل المصرين على الكبائر وإن لم يجاهروا بالفسق ( قوله وزيد ممن يقصد إلخ ) إشارة إلى معنى الصدقة ا هـ سم ( قوله : الثواب ) أي الأخروي .