من ارتكب ما اختلف في حرمته من غير تقليد أثم بترك تعلم أمكنه ، وكذا بالفعل إن كان مما لا يعذر أحد بجهله لمزيد شهرته قيل : وكذا إن علم أنه قيل بتحريمه لا إن جهل ؛ لأنه إذا خفي على بعض المجتهدين فعليه أولى ، أما إذا عجز عن التعلم ولو لنقلة ، أو اضطرار إلى تحصيل ما يسد رمقه ، أو رمق ممونه فيرتفع تكليفه كما قبل ورود الشرع قاله المصنف nindex.php?page=showalam&ids=12795كابن الصلاح . ومن أدى عبادة مختلفا في صحتها من غير تقليد للقائل بها لزمه إعادتها ؛ لأن إقدامه على فعلها عبث وبه يعلم أنه حال تلبسه بها عالم بفسادها ؛ إذ لا يكون عابثا إلا حينئذ فخرج من مس فرجه فنسي وصلى فله تقليد nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة في إسقاط القضاء إن كان مذهبه صحة صلاته مع عدم تقليده له عندها ، وإلا فهو عابث عنده أيضا ، وكذا لمن أقدم معتقدا صحتها على مذهبه جهلا ، وقد عذر به .
( فإن تعذر جمع هذه الشروط ) ، أو لم يتعذر كما هو ظاهر مما يأتي فذكر التعذر تصوير لا غير ( فولى سلطان ) ، أو من ( له شوكة ) غيره بأن يكون بناحية انقطع غوث السلطان عنها ولم يرجعوا إلا إليه ( تنبيه )
ظاهر المتن أن السلطنة لا تستلزم دوام الشوكة فلو زالت شوكة سلطان بنحو حبس ، أو أسر ولم يخلع نفذت أحكامه ومر في مبحث الإمامة قبيل الردة ما له تعلق بذلك فراجعه ( فاسقا ، أو مقلدا ) ولو جاهلا ( نفذ قضاؤه ) الموافق لمذهبه المعتد به ، وإن زاد فسقه ( للضرورة ) ؛ لئلا تتعطل مصالح الناس . ونازع كثيرون فيما ذكر في الفاسق وأطالوا وصوبه الزركشي قال : لأنه لا ضرورة إليه ، بخلاف المقلد . ا هـ . ، وهو عجيب فإن الفرض أن الإمام ، أو ذا الشوكة هو الذي ولاه عالما بفسقه [ ص: 114 ] بل ، أو غير عالم به على ما جزم به بعضهم فكيف حينئذ يفرع إلى عدم تنفيذ أحكامه المترتب عليه من الفتن ما لا يتدارك خرقه ، وقد أجمعت الأمة كما قاله الأذرعي على تنفيذ أحكام الخلفاء الظلمة وأحكام من ولوه ؟ ورجح البلقيني نفوذ تولية امرأة وأعمى فيما يضبطه وقن وكافر ونازعه الأذرعي وغيره في الكافر ، والأوجه ما قاله ؛ لأن الغرض الاضطرار وسبقه ابن عبد السلام للمرأة وزاد أن الصبي كذلك قال الأذرعي : والقول بتنفيذ قضاء عامي محض لا ينتحل مذهبا ، ولا يعول على رأي مجتهد بعيد لا أحسب أحدا يقول به . ا هـ . ولا بعد فيه إذا ولاه ذو شوكة وعجز الناس عن عزله فينفذ منه ما وافق الحق للضرورة ولو تعارض فقيه فاسق وعامي دين قدم الأول عند جمع ، والثاني عند آخرين ، ويتجه كما قاله الحسباني أن فسق العالم إن كان لحق الله تعالى فهو أولى ، أو بالظلم ، والرشا فالدين أولى ، ويراجع العلماء .
وخرج بقوله سلطان القاضي الأكبر فلا تنفذ توليته من ذكر أي : إلا إن كان بعلم السلطان كما هو ظاهر وتجب عليه رعاية الأمثل فالأمثل ؛ رعاية لمصلحة المسلمين وما ذكر في المقلد محله إن كان ثم مجتهد ، وإلا نفذت تولية المقلد ولو من غير ذي شوكة ، وكذا الفاسق ، فإن كان هناك عدل اشترطت شوكة ، وإلا فلا كما يفيد ذلك قول ابن الرفعة الحق أنه إذا لم يكن ثم من يصلح للقضاء نفذت تولية غير الصالح قطعا . ا هـ .
وبحث البلقيني ما سبقه إليه nindex.php?page=showalam&ids=13926البيضاوي أن من ولاه ذو شوكة ينعزل بزوال شوكة موليه لزوال المقتضي لنفوذ قضائه أي بخلاف مقلد ، أو فاسق مع فقد المجتهد ، والعدل فلا تزول ولايته بذلك ؛ لعدم توقفها على الشوكة كما مر وصرح جمع متأخرون بأن قاضي الضرورة ، وهو من فقد فيه بعض الشروط السابقة يلزمه بيان مستنده [ ص: 115 ] في سائر أحكامه ، ولا يقبل قوله : حكمت بكذا من غير بيان لمستنده فيه وكأنه لضعف ولايته . ومثله المحكم بل أولى ، ومحله في الأول إن لم يمنع موليه من طلب بيان مستنده كما هو ظاهر . ويجوز أن يخص النساء بقاض ، والرجال بقاض وبحث في الرجل ، والمرأة أن العبرة بالطالب منهما .
حاشية ابن قاسم
( قوله : أما إذا عجز عن التعلم ، ولو لنقلة ، أو اضطرار إلى تحصيل إلخ ) في الروض وشرحه ، وإن عدم المستفتي عن واقعة المفتي في بلده وغيره ، ولا وجد من ينقل له حكمها فلا يؤاخذ صاحب الواقعة بشيء يصنعه فيها ؛ إذ لا تكليف عليه كما لو كان قبل ورود الشرع انتهى . ( قوله : فله تقليد nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ) صريح في جواز التقليد بعد الفعل . ( قوله : إن كان مذهبه صحة صلاته إلخ ) فيه نظر . ( قوله : وإلا فهو عابث ) هذا ممنوع . ( قوله : أي : المصنف للضرورة ) أي : لضرورة الناس أي : لاضطرارهم إلى القاضي وشدة احتياجهم إليه لتعطل مصالحهم بدونه وقد تعين فيمن ولاه [ ص: 114 ] السلطان وهذا التعليل يصح بالنسبة لما زاده الشارح أيضا ؛ لأنه لما انحصر الأمر فيمن ولاه السلطان ولو مع وجود الأهل ثبت اضطرار الناس إليه لعدم وجود قاض أهل وهذا في غاية الظهور . ( قوله : أو غير عالم به ) المتجه في هذا أنه إن كان بحيث لو علم لم يوله ينفذ حكمه وإلا نفذ . ( قوله : ورجح البلقيني نفوذ تولية امرأة إلخ ) أفتى به فيما عدا الكافر شيخنا الشهاب الرملي . ( قوله : ونازعه الأذرعي وغيره في الكافر ) كتب عليه م ر . ( قوله : وزاد أن الصبي كذلك ) كتب عليه أيضا م ر .
( قوله : وتجب إلخ ) أي : ومع ذلك لو خالف نفذ ما فعله كما هو ظاهر . ( قوله : نفذت تولية غير الصالح قطعا ) ومعلوم أنه يشترط في غير الأهل معرفة طرف من الأحكام ش م ر . ( قوله : يلزمه بيان مستنده ) أفتى بذلك شيخنا الشهاب الرملي .
حاشية الشرواني
( قوله : قيل إلخ ) يظهر أنه لمجرد الحكاية لا للتمريض . ( قوله : وكذا ) أي : يأثم بالفعل . ( قوله : إن علم ) أي : المرتكب . ( قوله : لأنه إذا خفي إلخ ) في تقريبه نظر . ( قوله : أما إذا عجز عن التعلم إلخ ) في الروض وشرحه ، وإن عدم المستفتي عن واقعة المفتي في بلده وغيره ولا وجد من ينقل له حكمها فلا يؤاخذ صاحب الواقعة بشيء بصنعه فيها ؛ إذ لا تكليف عليه كما لو كان قبل ورود الشرع انتهى . ا هـ . سم . ( قوله : ولو لنقلة ) أي : ولو كان العجز لتوقف التعلم على نقلة لا يستطيعها . ( قوله : وبه ) أي : بالتعليل . ( قوله : عالم بفسادها ) أي : بأنه قيل بفسادها . ا هـ . سيد عمر . ( قوله : فله تقليد nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة إلخ ) صريح في جواز التقليد بعد الفعل . ا هـ . سم ( قوله : إن كان مذهبه صحة صلاته إلخ ) فيه نظر . ا هـ . سم وضمير مذهبه nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة . ( قوله : وإلا فهو عابث إلخ ) هذا ممنوع . ا هـ . سم عبارة السيد عمر الأولى فلا يجزيه التقليد أو غير هذه العبارة كما يعلم من قوله : آنفا وبه يعلم إلخ فاعلم . ا هـ . ( قوله : وكذا ) أي : له تقليد nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة في إسقاط القضاء . ( قوله : من أقدم ) أي : وهو متذكر للمس . ( قوله : على مذهبه ) أي : المقدم . ( قوله : وقد عذر به ) ينبغي ، وإن لم يعذر به ؛ لأنه عند عقده الصلاة جازم لها لا عابث معه فليجز التقليد بشرطه فليتأمل . ا هـ . سيد عمر .
( قوله : أو لم يتعذر ) إلى قوله ونازع كثيرون في النهاية إلا قوله : ومر إلى المتن . ( قوله : مما يأتي ) أي : آنفا في السوادة . ( قوله : ولم يخلع إلخ ) وإلا اتجه تنفيذها . ا هـ . نهاية . ( قوله : نفذت أحكامه ) أي : ومنها التولية وهو صريح في صحة توليته حينئذ لغير الأهل وسيأتي ما فيه . ا هـ . رشيدي . ( قول المتن : فاسقا إلخ ) أي : مسلما فاسقا إلخ . ا هـ . مغني . ( قوله : ولو جاهلا ) أي : محضا كما يأتي في قوله : ولا بعد فيه إلخ ويأتي عن النهاية ، والمغني وشرح المنهج أنه يشترط في غير الأهل معرفة طرف من الأحكام . ( قول المتن : للضرورة ) أي : لضرورة الناس أي : لاضطرارهم إلى القاضي وشدة احتياجهم إليه لتعطل مصالحهم بدونه ، وقد تعين فيمن ولاه السلطان وهذا التعليل يصح بالنسبة لما زاده الشارح أيضا ؛ لأنه لما انحصر الأمر فيمن ولاه السلطان ولو مع وجود الأهل ثبت اضطرار الناس إليه لعدم وجود قاض أهل وهذا في غاية الظهور . ا هـ . سم .
( قوله : وصوبه ) أي : النزاع . ( قوله : وهو عجيب ) أي : تصويب الزركشي . ( قوله : أو ذو الشوكة ) الأولى ذا [ ص: 114 ] الشوكة بالألف . ( قوله : أو غير عالم به ) المتجه في هذا أنه إن كان بحيث لو علم لم يوله لم ينفذ حكمه وإلا نفذ . ا هـ . سم . ( قوله : وأحكام من ولوه ) أي : ولو فاسقا وكان ينبغي أن يذكره فإنه محط الاستدلال . ( قوله : ورجح البلقيني نفوذ تولية امرأة إلخ ) أفتى به فيما عدا الكافر شيخنا الشهاب الرملي . ا هـ . سم عبارة النهاية : ولو ابتلي الناس بولاية امرأة ، أو قن ، أو أعمى فيما يضبطه نفذ قضاؤه للضرورة كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى وألحق ابن عبد السلام الصبي بالمرأة ونحوها لا كافر . ا هـ . وسيأتي عن المغني ما يوافقه . ( قوله : وكافر ) عطف على امرأة . ا هـ . ع ش . ( قوله : ونازعه الأذرعي وغيره في الكافر ) يفهم أنهما لم ينازعا في المرأة وليس بمراد عبارة الأسنى ويأتي عن المغني ما يوافقها في النقل عن الأذرعي . وكلام المصنف كأصله قد يقتضي أن القضاء ينفذ عن المرأة ، والكافر إذا وليا بالشوكة . وقال الأذرعي وغيره : الظاهر أنه لا ينفذ منهما . ا هـ . ( قوله : الأوجه ما قاله ) أي : البلقيني فتنفذ تولية الكافر أيضا خلافا للنهاية كما مر آنفا ، والمغني عبارته تنبيه أفهم تقييده بالفاسق أي : المسلم كما قررته في كلامه أنه لا ينفذ من المرأة ، والكافر إذا وليا بالشوكة واستظهره الأذرعي لكن صرح ابن عبد السلام بنفوذه من الصبي ، والمرأة دون الكافر وهذا هو الظاهر وللعادل أن يتولى القضاء من الأمير الباغي . ا هـ . ( قوله : وسبقه ) أي : البلقيني . ( قوله : ولا بعد فيه إلخ ) يأتي عن النهاية ، والمغني ما يخالفه .
( قوله : ولو تعارض ) إلى قوله : ومحله في النهاية إلا قوله : وخرج إلى ويجب وقوله : كما يفيد إلى وبحث وقوله : ما سبقه إليه nindex.php?page=showalam&ids=13926البيضاوي . ( قوله : ويراجع إلخ ) أي : الدين . ( قوله : ويجب ) أي : ومع ذلك لو خالف نفذ ما فعله كما هو ظاهر . ا هـ . سم . ( قوله : عليه ) أي : السلطان . ا هـ . ع ش والأولى أي : المولى . ( قوله : ويجب عليه رعاية الأمثل إلخ ) فيه ما يأتي وكان الأولى تأخيره عما بعده . ا هـ . رشيدي . ( قوله : وما ذكر في المقلد محله إلخ ) هذا إنما يأتي لو أبقى المتن على ظاهره الموافق لكلام غيره وأما بعد أن حوله إلى ما مر فلا موقع لهذا هنا وحاصل المراد كما يؤخذ من كلامهم أن السلطان إذا ولى قاضيا بالشوكة نفذ توليته مطلقا سواء أكان هناك أهل للقضاء أم لا ، وإن ولاه لا بالشوكة ، أو ولاه قاضي القضاة كذلك فيشترط في صحة توليته فقد أهل للقضاء . ا هـ . رشيدي . ( قوله : وكذا الفاسق إلخ ) ومعلوم أنه يشترط في غير الأهل معرفة طرف من الأحكام نهاية وشرح المنهج ومغني وتقدم في الشارح ما يخالفه . ( قوله : إن ولاه إلخ ) أي : من غير الأهل للقضاء مع وجود الأهل له أخذا مما يأتي . ( قوله : يلزمه بيان مستنده ) أفتى بذلك شيخنا الشهاب الرملي . ا هـ . سم .
( قوله : يلزمه بيان مستنده ) أي إذا سئل عنه ، والمراد بمستنده ما استند عليه من بينة أو نقول ، أو نحو ذلك وعبارة الخادم : فإن سأله المحكوم عليه عن السبب فجزم صاحب الحاوي وتبعه الروياني بأنه يلزمه بيانه إذا كان قد حكم بنكوله ويمين الطالب ؛ لأنه يقدر على دفعه بالبينة ، أو كان بالبينة تعين فإنه يقدر على مقابلتها بمثلها فترجح بينة صاحب اليد قال : ولا يلزم إذا كان قد حكم بالإقرار ، أو بالبينة بحق في الذمة . وخرج من هذا تخصيص قول الأصحاب أن الحاكم لا يسأل أي سؤال اعتراض ، أما سؤال من يطلب الدفع عن نفسه فيتعين على الحاكم الإبداء ليجد المحكوم عليه التخلص انتهت ، لكن كلام [ ص: 115 ] الخادم هذا كما ترى شامل لقاضي الضرورة وغيره للتعاليل التي ذكرها . ا هـ . رشيدي أقول : المتبادر من المقام أن المراد بالمستند هنا ما يشمل كلام نقلة المذهب في المسألة أقوالا ووجوها ، والمتعقبين لهم من أهل النظر فليراجع . ( قوله : في سائر أحكامه ) أي : ولو بديهية . ا هـ . ع ش . ( قوله : في الأول ) أي : قاضي الضرورة . ( قوله : في الرجل ، والمرأة ) أي : إذا كانت الخصومة بينهما . ا هـ . ع ش .