( و ) شمل قوله يعتقده الاعتقاد الجازم لدليل نشأ عن الاجتهاد في الفروع فعليه ( لو اقتدى شافعي بحنفي ) مثلا أتى بمبطل في اعتقادنا أو اعتقاده كأن ( مس فرجه أو افتصد فالأصح الصحة في الفصد دون المس اعتبارا ) فيهما ( بنية المقتدي ) أي اعتقاده ؛ لأنه محدث عنده بالمس دون الفصد وبحث جمع أن محله إذا نسيه لتكون نيته للصلاة جازمة في اعتقاده [ ص: 280 ] بخلاف ما إذا علمه ؛ لأنه متلاعب عندنا أيضا لعلمنا بأنه لم يجزم بالنية ويرد بأن هذا لو كان فرض المسألة لم يأت ما علل به مقابل الأصح عدم صحتها خلف المفتصد من اعتبار نية الإمام ؛ لأنه متلاعب فلا تقع منه صحيحة فلم يتصور جزم المأموم بالنية فالخلاف إنما هو عند علمه حال النية بفصده ، فإن قلت فما وجه صحة الاقتداء به حينئذ وهو متلاعب عندنا كما تقرر قلت كونه متلاعبا عندنا ممنوع إذ غاية أمره أنه حال النية عالم بمبطل عنده وعلمه به مؤثر في جزمه عنده [ ص: 281 ] لا عندنا فتأمله وأيضا فالمدار هنا على وجود صورة صلاة صحيحة عندنا وإلا لم يصح الاقتداء بمخالف مطلقا ؛ لأنه معتقد لعدم وجوب بعض الأركان وهذا مبطل عندنا فاقتضت الحاجة للجماعة اغتفار اعتقاده مبطلا عندنا وإتيانه بمبطل عنده ، وإن تعمده .
حاشية ابن قاسم
( قوله : في المتن فالأصح الصحة في الفصد دون المس اعتبارا بنية المقتدي ) استشكل ذلك بما في الروضة آخر صلاة المسافر من أنه لو سافر شافعي وحنفي في مدة قصر ثم نوى الحنفي الإقامة وشرع في صلاة مقصورة جاز للشافعي أن يقتدي به وقد سئل الجلال السيوطي عن ذلك فأجاب بقوله ما نصه لا إشكال ؛ لأن الحنفي لا تبطل صلاته إلا عند السلام وحينئذ يفارقه المقتدي ويقوم ، وأما قبل السلام فإحرامه بالصلاة صحيح فصح الاقتداء به ما دامت صلاته صحيحة ا هـ وقد يقال فيه نظر ؛ لأن الشافعي يعتقد عدم انعقاد صلاته ؛ لأنه صار مقيما بنية الإقامة
والمقيم إذا نوى القصر لا تنعقد صلاته فلم ينتف الإشكال فليتأمل وقد يجاب بأن الحنفي بمنزلة الجاهل بالحكم لاعتقاده الجواز ونية القصر جهلا لا تضر وهذا الجواب يتوقف على أن [ ص: 280 ] الشافعي المقيم لا تضره نية القصر مع الجهل فليراجع ( قوله : بخلاف ما إذا علمه ) ينبغي أن يكون البطلان على هذا مخصوصا بما إذا علم فصده وعلمه به حال الاقتداء ، فإن لم يعلم ذلك إلا بعد الصلاة فالوجه الصحة كما لو بان حدث الإمام بأن هذا حدث عند الإمام ولم يبن إلا بعد الصلاة وظهور الفصد غالبا لا يزيد على ظهور نحو المس واللمس كذلك إلا أن يفرق بأن نحو الفصد من شأنه أن يطلع عليه ويقصد إظهاره ونحو المس واللمس من شأنه أن لا يطلع عليه وأن يكتم أمره فهو مقصر بعدم العلم في الأول دون الثاني وفيه نظر ، واعلم أنه ينبغي أن محل الكلام إذا علم المأموم أن الإمام فصد ، فإن شك في ذلك فينبغي الصحة
( قوله : ويرد إلخ ) قد يرد أيضا بصحة الصلاة خلف المحدث العالم بحدث نفسه مع اتفاقهما على أنه حدث فلتصح مع اختلافهما بالأولى ، وإنما صح هنا مع علم المأموم أيضا نظرا لاعتقاده أنه ليس حدثا ويجاب بأن صحتها خلف المحدث العالم بحدث نفسه شرطها جهل الإمام ، والحكم في نظره هنا بأن علم الإمام فصد نفسه وجهله المأموم هو الصحة أيضا ، وإنما الكلام مع علم المأموم فلا يصح الاقتداء في صورة الحدث ، وإن جهل الإمام حدث نفسه ، ويصح في صورة الفصد إن جهل الإمام الفصد لا إن علم ، والحاصل أنه حيث علم المأموم الحدث لا يصح اقتداؤه علم الإمام حال نفسه أو جهله وحيث علم المأموم الفصد ، فإن علمه الإمام أيضا لم يصح ، والأصح إن جهله صح علم الإمام أو لا فتأمله ( قوله : إنما هو عند علمه حال النية بفصده ) قال في شرح العباب ويؤيده ما يأتي من صحة الصلاة خلف المحدث العالم بحدث نفسه ، وإن كان متلاعبا nindex.php?page=showalam&ids=13790وللشافعي قول أنها لا تصح خلف العالم لتلاعبه فالإشكال إنما يتوجه على هذا القول الضعيف بل أنكر الأكثرون نسبته nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي
فإن قلت يفرق بأن المأموم هنا عالم بتلاعب الإمام بخلافه في الحدث قلت العبرة في الشروط بما في نفس الأمر أيضا فاستويا من هذه الحيثية إلخ ما أطال به فراجعه ولقائل أن يقول مما يقطع بالفرق بين المسألتين وأن إحداهما لا تخرج عن الأخرى بطلان اقتداء العالم بحدث الإمام ابتداء ، وإن نسي هو حدث نفسه وعلم المأموم أنه نسيه بخلاف العالم بافتصاد الإمام يصح اقتداؤه به وحينئذ يندفع التأييد المذكور ومما يوضح اندفاعه أن الصلاة خلف المحدث مطلقا إنما تصح بشرط جهل المأموم بحدثه بخلاف الصلاة خلف المفتصد ، وإنما لم يضر علمه بحدث نفسه لجهل المأموم بالحدث وكونه مما يخفى ولا كذلك مسألة الفصد لفرضها في علم المأموم بالفصد فلا بد من كون الإمام ناسيا له لئلا يكون متلاعبا عند المأموم فلا يتأتى ارتباطه به ، وأما ما ذكره من السؤال فظاهر ، وأما جوابه عنه فيرد عليه أن اعتبار نفس الأمر إنما هو في صلاة الفاعل وهو هنا الإمام ، وأما بالنسبة لغيره كالمقتدي به فجاز أن يفترق الحال لمعنى يقتضي الافتراق
( قوله : قلت كونه متلاعبا عندنا ممنوع إلخ ) أقول لا يخفى ما في هذا الجواب ، فإن علمه [ ص: 281 ] بمبطل في اعتقاده يوجب قطعا عدم جزمه بالفعل في الواقع بل وعدم نية مطلقا كذلك إذ لا يتصور مع ارتكاب المبطل ، والعلم به نية كما هو معلوم واعتقادنا عدم المبطل إنما يقتضي الجزم لمن قام به ذلك الاعتقاد لا لمن قام به نقيضه فنحن مع اعتقادنا عدم المبطل نعلم ونعتقد أنه لم يحصل له جزم بالفعل بل حصل له بالفعل عدم الجزم وذلك مضر ، وأما إن حصل له من عدم الجزم خلاف مقتضى اعتقادنا فهذا شيء آخر لا ينفي التأثير في جزمه وعدم حصوله فتدبره ، فإنه واضح لتعلم أن هذا الجواب ليس بشيء ( قوله : لا عندنا ) لك أن تقول اعتقادنا إنما يمنع تأثير العلم المذكور حيث وافقنا المباشر في اعتقادنا لا حيث خالفنا ( قوله : وهذا مبطل عندنا ) قد يجاب بمنع إطلاقه ، وإنما يبطل ممن يعتقد ركنية المتروك ( قوله : اغتفار اعتقاده مبطلا ) كعدم وجوب بعض الأركان .
حاشية الشرواني
( قوله : لدليل ) يغني عنه ما بعده وكان الأخصر الأولى الاعتقاد الناشئ عن الاجتهاد في الفروع عبارة المغني ثم شرع في اختلاف المذاهب في الفروع فقال ولو اقتدى إلخ ( قوله : مثلا ) إلى قوله وبحث جمع في المغني وإلى قوله وأيضا في النهاية إلا أنه حكى الرد الآتي بقيل ثم أجاب عنه ( قوله : كأن مس فرجه ) أي أو ترك الطمأنينة أو البسملة أو الفاتحة أو بعضها مغني قول المتن ( فالأصح الصحة في الفصد إلخ ) قضيته أن هذا الإمام يتحمل عن المأموم كغيره وتدرك الركعة بإدراكه راكعا فليحرر سم على المنهج أقول وهو ظاهر لأن اعتقاد صحته صيره من أهل التحمل ع ش
قول المتن ( دون المس ) أي ونحوه مما تقدم ( اعتبارا بنية المقتدي ) ، والثاني عكس ذلك اعتبارا باعتقاد المقتدي به مغني قول المتن ( اعتبارا بنية المقتدي ) ولا يشكل على هذا حكمنا باستعمال مائه وعدم مفارقته عند سجوده لصلاة قولهم : لو نوى مسافران شافعي وحنفي إقامة أربعة أيام بموضع انقطع بوصولهما سفر الشافعي فقط وجاز له أي يكره الاقتداء بالحنفي مع اعتقاده بطلان صلاته ؛ لأن كلامهم هنا في ترك واجب لا يجوزه الشافعي مطلقا بخلافه ثم ، فإنه يجوز القصر في الجملة نهاية زاد المغني ما نصه ، والمعتمد ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=11976الشيخ أبو حامد وغيره أن صورة ذلك إذا لم يعلم أنه نوى القصر ، فإن علم أنه نواه فمقتضى المذهب أنه لا تصح صلاته خلفه كمجتهدين اختلفا في القبلة فصلى أحدهما خلف الآخر . ا هـ .
( قوله : وبحث جمع إلخ ) اعتمده النهاية والمغني وسم والبصري وكذا الشهاب الرملي والطبلاوي كما في ع ش عن سم على المنهج ( قوله : إن محله ) أي محل الصحة في الفصد ( قوله : إذا نسيه ) أي نسي الإمام كونه مفتصدا نهاية [ ص: 280 ] عبارة سم بعد كلام نصها ، والحاصل أنه حيث علم المأموم الحدث لا يصح اقتداؤه علم الإمام حال نفسه أو جهله وحيث علم المأموم الفصد ، فإن علمه الإمام أيضا لم يصح أيضا والأصح ، وإن جهله صح علم الإمام أو لا فتأمله ا هـ و ( قوله : فإن علم الإمام إلخ ) أي وعلم المأموم علمه به بخلاف ما إذا شك فيه فيصح كما يأتي عنه آنفا
( قوله : إذا علمه إلخ ) ينبغي أن يكون البطلان على هذا مخصوصا بما إذا علم المأموم فصد الإمام وعلم علمه به حال النية ، فإن شك في ذلك فينبغي الصحة ولو علم ذلك بعد الصلاة كما لو بان حدث الإمام ، فإن ذلك حدث عند الإمام ولم يبن إلا بعد الصلاة سم ( قوله : أيضا ) أي كما أنه متلاعب في اعتقاده ( قوله : ويرد إلخ ) أي تصوير الخلاف بكون الإمام ناسيا ( قوله : بأن هذا لو كان ) أي النسيان و ( قوله : فرض المسألة ) خبر كان و ( قوله : لم يأت إلخ ) جواب لو ، والجملة الشرطية خبر أن ( قوله : عدم صحتها إلخ ) مفعول علل و ( قوله : من اعتبار نية الإمام ) بيان لما علل إلخ ( قوله : لأن إلخ ) تعليل لاستلزام ذلك الاعتبار عدم الصحة ويحتمل أن الأول متعلق بعدم صحتها إلخ ، والثاني بدل مما علل إلخ ( قوله : منه صحيحة ) أي من الإمام نية صحيحة ( قوله : عند علمه ) أي الإمام الحنفي ( قوله : قلت كونه متلاعبا عندنا ممنوع إلخ ) أقول لا يخفى ما في هذا الجواب ، فإن علمه بمبطل في اعتقاده يوجب قطعا عدم جزمه بالفعل في الواقع واعتقادنا عدم المبطل إنما يقتضي الجزم لمن قام به ذلك الاعتقاد لا لمن قام به نقيضه فنحن مع اعتقادنا عدم المبطل نعلم ونعتقد أنه لم يحصل له جزم بالفعل بل حصل له بالفعل عدم الجزم وذلك مضر
وأما إن [ ص: 281 ] ما حصل له من عدم الجزم خلاف مقتضى اعتقادنا فهذا شيء آخر لا ينفي التأثير في جزمه وعدم حصوله فتدبر ، فإنه واضح سم وبصري ( قوله : لا عندنا ) لك أن تقول اعتقادنا إنما يمنع تأثير العلم المذكور حيث وافقنا المباشر في اعتقادنا لا حيث خالفنا سم ( قوله : وهذا مبطل عندنا ) قد يجاب بمنع إطلاقه ، وإنما يبطل ممن اعتقد ركنية المتروك سم وفيه نظر إذ الكلام هنا في الاعتقاد سواء أتى ما اعتقد عدم وجوبه أو تركه ( قوله : اغتفار اعتقاده مبطلا ) أي كعدم وجوب بعض الأركان سم .