( باب المواقيت ) جمع ميقات ، وهو لغة الحد وشرعا هنا زمن العبادة ومكانها فإطلاقه عليه حقيقي [ ص: 34 ] إلا عند من يخص التوقيت بالحد بالوقت ، فتوسع ( وقت ) إحرام ( الحج شوال وذو القعدة ) بفتح القاف أفصح من كسرها ( وعشر ليال من ذي الحجة ) بكسر الحاء أفصح من فتحها أي ما بين منتهى غروب آخر رمضان بالنسبة للبلد الذي هو فيه فيصح إحرامه به فيه ، وإن انتقل بعده إلى بلد أخرى تخالف مطلع تلك ووجدهم صياما على الأوجه ؛ لأن وجوب موافقته لهم في الصوم لا يقتضي بطلان حجه الذي انعقد لشدة تشبث الحج ولزومه بل قال في الخادم نقلا عن غيره لا تلزمه الكفارة لو جامع في الثانية ، وإن لزمه الإمساك .
قال وقياسه أنه لا تجب فطرة من لزمته فطرته بغروب شمسه [ ص: 35 ] وعلى هذا يصح الإحرام فيه إعطاء له حكم شوال ا هـ .
وما ذكره في الكفارة قريب ؛ لأنها تسقط بالشبهة ، وفي الفطرة يتعين فرضه فيما إذا حدث المؤدى عنه في البلد الأول قبل غروب اليوم الثاني وإلا فالوجه لزومها ؛ لأن العبرة فيها بمحل المؤدى عنه وأما الإحرام في الثانية فالذي يتجه عدم صحته ؛ لأنه بعد أن انتقل إليها صار مثلهم في الصوم فكذا الحج ؛ لأنه لا فارق بينهما ولا ترد الكفارة لما علمت ، وفجر النحر كذا فسر به جمع من الصحابة رضي الله عنهم قوله تعالى { الحج أشهر معلومات } أي وقته ذلك وقول جمع مجتهدين يجوز الإحرام بالحج في جميع السنة ولكن لا يأتي بشيء من أعماله قبل أشهره رده أصحابنا بأنهم وافقونا على توقيت الطواف والوقوف فأي فارق بينهما وبين الإحرام .
فإن قلت إذا كان غير الإحرام مما ذكر مثله في التوقيت بذلك بالنسبة لمنع تقدمه فلم اقتصر عليه قلت : لأنه المختلف فيه كما علمت بخلاف غيره ولأنه يفهم من منع تقدم الإحرام منع تقدم غيره بالأولى ؛ لأنه تبع له وبهذا يظهر اندفاع الاعتراض عليه بأن الاقتصار على الإحرام موهم ( وفي ليلة النحر ) وهي ليلة عاشر الحجة ( وجه ) أنه لا يصح الإحرام فيها بالحج ؛ لأن الليالي تبع للأيام ويوم النحر لا يصح الإحرام فيه به فكذا ليلته ويرده الخبر الصحيح المصرح بخلافه وعلى الأصح يصح الإحرام به فيها [ ص: 36 ] وإن علم أنه لا يدرك عرفة قبل الفجر فإذا فاته تحلل بما يأتي
( قوله : لا يقتضي بطلان حجه إلخ ) ينبغي أن يريد بطلان خصوص الحج أما أصل النسك فلا يتوهم بطلانه مع ما تقرر أن الإحرام بالحج في غير وقته ينعقد عمرة .
( قوله : لا تلزمه الكفارة لو جامع في البلد الثانية ، وإن لزمه الإمساك ) قد يقال إن كان نوى الصوم قبل الانتقال فكيف تصح نيته مع دخول شوال في حقه حينئذ ، وإن كان لم ينو فهذا لا كفارة بجماعه ، وإن كان في الثانية من أول الشهر ولم يفارقها إذ لم تفسد صوما وكلا القسمين مما لا يحتمل التوقف فما موقع هذا الكلام وحينئذ فما ذكره في الكفارة لا يمكن غيره فلا يقتصر على أنه قريب ولا يحتاج إلى توجيهه بسقوطها بالشبهة ، فإن قلت يمكن تصوير ذلك بما إذا انتقل في الليلة التي رئي فيها هلال شوال في البلد الأول إلى البلد الثاني فوجدهم لم يروا الهلال وقد بيتوا النية فيبيتها معهم قلت عدم الكفارة حينئذ بعيد مع أن هذا التصوير لا يوافق قوله ، وإن لزمه الإمساك وقد يجاب بمنع البعد المذكور [ ص: 35 ] مع احتمال كون هذا اليوم يوم عيد في حق المنتقل إليهم ومنع عدم الموافقة المذكورة ؛ لأن المراد أنه إذا جامع في هذا اليوم يلزمه الإمساك ولا كفارة .
( قوله : وعلى هذا يصح الإحرام ) أي ينعقد الإحرام فيه بالحج حجا .
( قوله : وفي الفطرة يتعين فرضه فيما إذا كان إلخ ) قد يشكل فرضه فيما ذكر أيضا ؛ لأن ظاهر عبارته أن كلامه في الوجوب بغروب شمس هذا اليوم لا في لزوم الإخراج في البلد الثاني وحينئذ فالوجه الوجوب ، وإن كان المؤدى عنه في البلد الأول غاية الأمر أنه يلزم الإخراج فيها في الثاني ، فإن قلت لا يصح الحمل على ظاهر عبارته للقطع بحصول الوجوب ؛ لأن السبب فيه إما غروب هذا اليوم أو الذي قبله وقد وجدا جميعا فلا يصح نفي الوجوب قلت يتصور ذلك بما إذا لم يدرك من تلزمه فطرته غروب ما قبل هذا اليوم كولد أو رقيق حدث في هذا اليوم لكن قد ينافي الحمل على الظاهر المذكور قوله من لزمته فطرته ؛ لأن ظاهره تحقق اللزوم عنده وأن كلامه ليس إلا في وجوب الإخراج إلا أن يؤول على اللزوم باعتبار ما سن شأنه نعم قد يجاب عن الإشكال بالتزام أن المعتبر في كل من أصل الوجوب ومن الإخراج بلد المؤدى عنه فلا يلزم فطرته إذا لم يدرك غروب شمس رمضان باعتبار بلده ، وإن كان أدركها باعتبار غيرها ، وإن كان المؤدي حينئذ بذلك الغير والحاصل أنه إن أدرك وقت الوجوب باعتبار البلد وجبت الفطرة ولا كلام أو باعتبار البلد الثاني فقط بأن حدث بعد غروب رمضان البلد الأول فالوجه عدم الوجوب .
( قوله : وفجر النحر ) عطف على منتهى في قوله قبل أي ما بين منتهى غروب آخر رمضان .
( قوله : قلت ؛ لأنه المختلف فيه إلخ ) أقول يكفي في صحة الاقتصار واتجاهه صحة الإحرام في جميع هذه المدة بخلاف بقية الأعمال ا هـ . ( قوله وعلى الأصح يصح الإحرام به فيها إلخ ) صرح به الروياني ومرادهم أن هذا وقته مع إمكانه في بقية [ ص: 36 ] الوقت حتى لو أحرم من مصر يوم عرفة لم ينعقد الحج بلا شك قاله في الخادم قال وفي انعقاده عمرة تردد والأرجح نعم شرح م ر .
( قوله : وإن علم إلخ ) في الروض وشرحه في باب الإحصار فصل ، وإن وجد المحصر طريقا واستطاع سلوكه لزمه سلوكه ، وإن طال حتى يصل البيت ، وإن علم الفوت ؛ لأن سبب التحلل هو الحصر لا خوف الفوات ولهذا لو أحرم بالحج يوم عرفة بالشام لم يجز له التحلل أي في الحال بسبب الفوات ا هـ وقضية قوله ولهذا إلخ انعقاد الحج وعدم انعقاده عمرة
حاشية الشرواني
( باب المواقيت ) ( قوله فإطلاقه ) أي : الميقات ( عليه ) أي : المكان ( حقيقي ) أي اصطلاحا ( فرع ) أتى بأعمال الحج [ ص: 34 ] وتوابعه ثم شك في أصل نيته هل كان أتى بها أو لا فالقياس عدم إجزائه ، وهو نظير الصلاة وغيرها وأما ما نقل عن بعض الناس من الإجزاء فارقا بينه وبين الصلاة بأن قضاءه يشق فالظاهر أنه غير صحيح سم و ( قوله : اصطلاحا ) أي : ولغة ، و ( قوله : وأما ما نقل عن بعض الناس إلخ ) أي : قياسا على نحو الصوم وإليه ميل القلب ثم رأيت اعتمده ع ش والونائي كما يأتي .
( قوله : إلا عند من يخص إلخ ) عبارة شيخنا وبعضهم خصه بالزماني نظرا لأخذه من الوقت والأشهر أنه شامل للزماني والمكاني ا هـ .
( قوله : بالحد ) الباء داخلة على المقصور عليه
( قوله : بالوقت ) متعلق بالحد .
( قوله : فتوسع ) يعني فيستعمل عنده في المكان مجازا كردي أي : بعلاقة التقييد ثم هذا بالنظر لأصل اللغة وإلا فقد صار الميقات حقيقة شرعية في كل من الزمن والمكان حفني قول المتن ( وقت إحرام الحج إلخ ) أي : لمكي وغيره و ( قوله وذو القعدة ) سمي بذلك لقعودهم عن القتال فيه و ( قوله : وعشر ليال ) أي : بالأيام بينها ، وهي تسعة ، و ( قوله : من ذي الحجة ) سمي بذلك لوقوع الحج فيه نهاية ومغني .
( قوله : أي ما بين ) إلى قوله كذا فسر به ذكره ع ش عن الشارح وأقره .
( قوله : فيصح إحرامه به فيه إلخ ) عبارة الونائي فلو أحرم في بلد بعد ثبوت شوال عنده أو تبين ثبوته بعد ثم سافر إلى بلد لم ير فيها لم يضره ، وإن وافق أهلها في الصوم أما لو أحرم بعد الانتقال إليها لم ينعقد حجا ا هـ .
( قوله : ووجدهم ) أي : أهل البلد الأخرى ( قوله على الأوجه ) اعتمده شيخنا .
( قوله : لا يقتضي بطلان حجه إلخ ) ينبغي أن يريد بطلان خصوص الحج أما أصل النسك فلا يتوهم بطلانه مع ما تقرر أن الإحرام بالحج في غير وقته ينعقد عمرة سم ( قوله : وإن لزمه الإمساك إلخ ) الأولى ، وإن لزمه الصوم بأن وصلها قبل أن يعيد ، فإن لزوم الكفارة إنما يتوهم حينئذ وأما صورة الإمساك فهي فيما إذا وصلها بعد أن عيد فلا كفارة قطعا ثم رأيت عبارة الخادم مصرحة بأن الكلام مفروض في مسألة الصوم لا في مسألة الإمساك بصري وقد يجاب بما في سم من تصوير المسألة بما إذا انتقل في الليلة التي رئي فيها هلال شوال في البلد الأول إلى البلد الثاني فوجدهم لم يروا الهلال وقد بيتوا النية فبيتها معهم فلو جامع في البلد الثاني فلا يبعد عدم وجوب الكفارة لاحتمال كون هذا اليوم يوم عيد في حق المنتقل إليهم أيضا ولا ينافي ذلك التصوير قوله ، وإن لزمه الإمساك ؛ لأن المراد أنه إذا جامع في هذا اليوم يلزمه الإمساك ولا كفارة ا هـ .
( قوله : قال ) أي : الزركشي في الخادم .
( قوله : وقياسه ) أي عدم لزوم الكفارة فيما ذكر ( قوله من لزمته ) الأنسب من تلزمه بصري أي : من شأنه أن تلزمه فطرته .
( قوله : بغروب شمسه ) أي : البلد [ ص: 35 ] المنتقل إليه .
( قوله : وعلى هذا يصح الإحرام ) أي : ينعقد الإحرام بالحج حجا سم .
( قوله : في ) أي في البلد الثاني .
( قوله : بالشبهة ) لعل المراد بها هنا عدم كونه من رمضان في حقه أصالة بل تبعا لهم ويحتمل أنه ما مر عن سم آنفا .
( قوله : فيما إذا حدث المؤدى عنه إلخ ) أي : كولد أو رفيق حدث في البلد الأول في اليوم الثاني والحاصل أنه إن أراد المؤدى عنه وقت الوجوب باعتبار البلدين وجبت الفطرة أو باعتبار البلد الثاني فقط بأن حدث بعد غروب رمضان البلد الأول فيه فالوجه عدم الوجوب سم .
( قوله : وإلا ) أي : بأن حدث في البلدة الثانية قبل غروب اليوم الثاني .
( قوله : ؛ لأن العبرة إلخ ) راجع لما قبل وإلا أيضا ( قوله فكذا الحج ) أي : فلا ينعقد الإحرام فيه بالحج حجا ( فرع ) من نوى ليلة الثلاثين من رمضان الحج إن كانت من شوال وإلا فعمرة فبانت من شوال فحج وإلا فعمرة ومن أحرم بحج معتقدا تقدمه على الوقت فبان فيه أجزأه ولو أخطأ الوقت كل الحجيج فهل يغتفر كخطأ الوقوف أو ينعقد عمرة وجهان الأوفق الثاني كذا في العباب أي : والنهاية ولا يخفى أن إطلاق الأولى يخالف نظيرها فيما لو نوى ليلة الثلاثين من شعبان صوم غد من رمضان إن كان منه فبان حيث لا يقع عنه إلا بالشرط السابق في محله والفرق شدة تعلق الحج سم و ع ش .
( قوله : لما علمت ) أي من أنها تسقط بالشبهة .
( قوله : وفجر النحر ) عطف على منتهى في قوله أي : ما بين منتهى غروب إلخ سم .
( قوله : كذا فسر به ) أي : بما في المتن من شوال وذي القعدة وعشر ليال من ذي الحجة نهاية ومغني وقال الكردي وضمير به يرجع إلى قوله أي : ما بين إلخ ا هـ .
( قوله : أي : وقته ذلك ) أي : وقت الإحرام به أشهر معلومات إذ فعله لا يحتاج لأشهر وأطلقها على شهرين وبعض شهر تغليبا أو إطلاقا للجمع على ما فوق الواحد نهاية ومغني .
( قوله : يجوز الإحرام بالحج إلخ ) أي وينعقد حجا .
( قوله : فلم اقتصر عليه ) أي : المصنف على الإحرام .
( قوله : وبهذا ) أي بالتعليل الثاني .
( قوله : وعلى الأصح يصح الإحرام به فيها إلخ ) [ ص: 36 ] وفاقا للمغني وخلافا للنهاية هنا عبارة الأول وظاهر كلامه أنه يصح إحرامه بالحج إذا ضاق زمن الوقوف عن إدراكه وبه صرح الروياني ا هـ زاد الثاني ومرادهم أن هذا وقته مع إمكانه في بقية الوقت حتى لو أحرم من مصر يوم عرفة لم ينعقد الحج بلا شك قاله في الخادم ا هـ قال ع ش قوله م ر ومرادهم أن هذا إلخ قد يتوقف في أن هذا مرادهم بعد فرض الكلام فيمن أحرم في ليلة النحر ولم يبق من الوقت ما يمكن معه الوقوف فليتأمل ا هـ وقال الرشيدي قوله م ر ومرادهم أن هذا إلخ انظر ما مراد الشارح م ر بسياق هذا عقب كلام الروياني هل مراده تعقبه به أو مجرد إثبات المنافاة بينهما أو الإشارة إلى أنهما متغايران وحينئذ فما وجه المغايرة فليحرر وسيأتي في الباب الآتي ما يدل على اختياره لكلام الروياني ا هـ وكذا عقب سم كلام النهاية بما نصه وقول الروض وشرحه في باب الإحصار ولهذا لو أحرم بالحج يوم عرفة بالشام لم يجز له التحلل أي : في الحال بسبب الفوات ا هـ قضيته انعقاد الحج وعدم انعقاده عمرة ا هـ .