( وللمشتري الخيار ) على الفور هنا ، وفيما يأتي كما علم مما مر ( إن جهله ) أي : الزرع لحدوثه بعد رؤيته المذكورة ، أو لظنه أنه ملكه لقرينة قوية فبان خلافه فيما يظهر ، وبه يندفع ما يقال : كيف يصح بحث الأذرعي وأقروه أن رؤيتها مع عدم ستره لها كافية مع أن الفرض أنه جهله ثم رأيت بعضهم صوره أيضا بأن يظن حال البيع [ ص: 443 ] أنه حصد ثم تبين بقاؤه ، وذلك لتأخر انتفاعه فإن علم ولم يظهر ما يقتضي تأخر الحصاد عن وقته المعتاد على ما بحثه ابن الرفعة لم يخير كما لو جهله وتركه مالكه له ، أو قال : أفرغها منه في زمن لا أجرة له غالبا كيوم ، أو بعضه على ما يأتي في الإجارة ؛ إذ لا ضرر فيهما ( ولا يمنع الزرع ) المذكور ( دخول الأرض في يد المشتري وضمانه إذا حصلت التخلية في الأصح ) لوجود تسلم عين المبيع مع عدم تأتي تفريغه حالا ، وبه فارقت الدار المشحونة بالأمتعة قال الإسنوي وزاد وضمانه بلا فائدة ؛ إذ يلزم من دخوله في يده دخوله في ضمانه ا هـ وكأنه توهم أن نحو إيداع البائع إياه له يزيل حق حبسه وينقله لضمان المشتري ، وقد مر رده بأنه خلاف المنقول فعليه لا تلازم وتعين ما زاده المصنف ثم رأيت الزركشي ذكر هنا نحو ما ذكرته مع جزمه في محل آخر بذلك التوهم فليتنبه له .
( والبذر ) بإعجام الذال ( كالزرع ) فيما ذكر ويأتي فإن كان مزروعه يدوم كنوى النخل دخل ، وإلا فلا ويأتي ما مر من الخيار وفروعه ، ومنها قوله : ( والأصح أنه لا أجرة للمشتري مدة بقاء الزرع ) الذي جهله وأجاز ولو بعد القبض لرضاه بتلف المنفعة تلك المدة فأشبه ما لو ابتاع دارا مشحونة بأمتعة لا أجرة له مدة التفريغ ويبقى ذلك إلى أول أزمنة إمكان قلعه أما العالم فلا أجرة له جزما [ ص: 444 ] نعم إن شرط القطع فأخر لزمته الأجرة لتركه الوفاء الواجب عليه ، وظاهر كلامهم هنا أنه لا فرق في وجوب الأجرة بين أن يطالب بالقطع الواجب وأن لا ، وينافيه ما يأتي في الشجرة أو الثمرة بعد أو قبل بدو الصلاح المشروط قطعهما أنها لا تجب إلا إن طولب بالمشروط فامتنع ، وقد يفرق بأن المؤخر ثم المبيع ، وهنا عين أجنبية عنه ، والمبيع قد يتسامح فيه كثيرا بما لا يتسامح في غيره لمصلحة بقاء العقد بل ولغيرها ، ألا ترى أن استعمال البائع له قبل القبض لا أجرة فيه ، وإن طلب منه قبضه فامتنع تعديا ، ولا كذلك غيره ثم رأيتني أجبت أول الفصل الآتي بما يوافق ذلك وعند قلعه تلزم البائع تسوية الأرض وقلع ما ضر بها كعروق الذرة
حاشية ابن قاسم
( قوله : أو لظنه أنه ملكه ) فيه شيء [ ص: 443 ] مع أنه جهله ( قوله : أنه حصد ) أي : لنحو إخبار كاذب بذلك ( قوله : وتركه مالكه ) لو لم يكن لفائدته وقع وعظم ضرره لطول مدة تفريغه ، أو كثرة أجرته فينبغي عدم سقوط الخيار بتركه وإذا تركه مالكه له لا يملكه إلا بتمليك ( قوله : تفريغه حالا ) أي : بالتخلية في يوم أي : عن جهة البيع ( قوله : وكأنه توهم إلخ ) يمكن منع توهمه ويوجه ما قاله بوجهين الأول أن مراده أنه يلزم من تصور دخولها في يده مع وجود الزرع تصور دخولها في ضمانه بأن تدخل في يده عن جهة قبض المبيع فحيث أفاد أن الزرع لا يمنع دخولها في يده عن جهة البيع فلا حاجة للتصريح بذلك والثاني أن قول المصنف دخول الأرض في يد المشتري مراده دخولها في يده عن جهة البيع بدليل قوله إذا حصلت التخلية لجهة البيع ، وإلا لم يصح ترتب الضمان عليه ؛ إذ التخلية لغير جهة البيع كالإيداع لا ضمان فيه على المشتري والحاصل أنه إن أراد مطلق التخلية لم يصح ترتب الضمان عليها ، أو التخلية عن جهة البيع دل على أن المراد دخولها في يده عن جهة البيع ؛ إذ مطلق الدخول لا يتوقف على التخلية عن جهة البيع فليتأمل ذلك .
( قوله : إياه ) أي المبيع ، قوله : له أي : للمشتري ( قوله : وتعين ما زاده المصنف ) التعين ممنوع إذ يعلم من عدم منع الزرع دخولها في يد المشتري أنها إذا دخلت عن جهة البيع حصل الضمان فتأمله ( قوله : لا أجرة إلخ ) قد يدل هذا على أنه لا أجرة لمدة تفريغ الأرض من الزرع المذكور [ ص: 444 ] وسيأتي ما فيه وأنها لا تلزم خلافا لما في شرح الروض ( قوله : يلزم البائع تسوية الأرض إلخ ) قال في شرح الروض تشبيها بما إذا كان في الدار أمتعة لا يتسع لها باب الدار فإنه ينقض وعلى البائع ضمانه ا هـ فإن قلت إن كان هذا النقض قبل القبض فجناية البائع قبله غير مضمونة كالآفة فلا يصح قوله : وعلى البائع ضمانه ، أو بعد القبض أشكل بأن القبض لا يصح مع وجود أمتعة البائع فهذا التقدير غير ممكن قلت نختار الشق الثاني ، وقد يتصور صحة القبض مع وجود أمتعة البائع كما إذا جمعها في موضع من الدار وخلى بينه وبينها فإنه يحصل القبض لما عدا ذلك الموضع فإذا نقلها من ذلك الموضع إلى غيره منها وخلى بينه وبينه حصل القبض للجميع وكما لو كانت تلك الأمتعة حقيرة فإنها لا تمنع القبض لا يقال الحقير يتسع له باب الدار ؛ لأن إطلاق ذلك ممنوع ؛ لأن باب الدار قد يكون ضيقا جدا والحقير خابية للماء كبيرة أدخلها قبل تضييق الباب
حاشية الشرواني
( قوله : مما مر ) أي : في الرد بالعيب ا هـ كردي ( قوله : أي الزرع ) أي : الذي لا يدخل نهاية ومغني ( قوله : لظنه أنه إلخ ) أي : ظن المشتري أن الزرع ا هـ كردي ، وحاصل هذا التصوير أن المراد بالجهل هنا ما يشمل جهل الصفة ، وبه يندفع قول سم قوله لظنه إلخ فيه شيء مع أنه جهله ا هـ .
( قوله وبه يندفع ) أي : بقوله لظنه إلخ ( قوله : مع أن الفرض إلخ ) ظرف لقوله يصح إلخ أي : كيف تتصور الرؤية مع الجهل ( قوله : صوره ) أي الجهل ( قوله : أنه حصد ) أي : لنحو إخبار كاذب بذلك ا هـ سم ( قوله : وذلك ) أي : ثبوت الخيار للمشتري إن جهل الزرع قوله : فإن علم إلى المتن في النهاية ، وكذا في المغني إلا قوله : على [ ص: 443 ] ما بحثه ابن الرفعة ، قوله : كيوم إلخ .
( قوله : فإن علم إلخ ) ظاهره سواء كان الزرع للمالك أو لغيره ويوجه بأنه اشتراها مسلوبة المنفعة ، ولو قيل بأن له الخيار إذا بان الزرع لغير المالك لم يكن بعيدا لاختلاف الأغراض باختلاف الأشخاص والأحوال ا هـ ع ش ( قوله : ولم يظهر إلخ ) أي : فإن ظهر ثبت له الخيار ا هـ ع ش ( قوله : على ما بحثه ) عبارة النهاية كما بحثه ا هـ .
( قوله : وتركه ) أي الزرع ( مالكه له ) أي : للمشتري ، ولو لم يكن لفائدته وقع وعظم ضرره لطول مدة تفريغه ، أو كثرة أجرته فينبغي عدم سقوط الخيار بتركه سم على حج وينبغي أن محل سقوط خياره بتركه ما لم يتضرر المشتري بالزرع بأن كان يفوت عليه منفعة الأرض المرادة من الاستئجار له بأن كان مراده زرع شيء فيها لا يتأتى زرعه حالا مع وجود الزرع الذي بها ا هـ ع ش ، وقوله : الاستئجار لعله محرف من الاشتراء عبارة الإيعاب إن تركه له ، ولم يضر بقاؤه الأرض ا هـ .
( قوله : وتركه مالكه إلخ ) ولا يملكه إلا بتمليك نهاية ومغني ( قوله لوجود تسليم ) إلى قوله ثم رأيت في النهاية ( قوله : تفريغه حالا ) أي : بالتخلية في يوم ا هـ سم ( قوله : وبه فارقت إلخ ) أي : بعدم تأتي تفريغه حالا ( قوله : وزاد ) أي : المصنف .
( قوله : من دخوله في يده ) أي : عن جهة البيع كما هو المراد بقول المصنف دخول الأرض في يد المشتري فرده على الإسنوي غير ظاهر ؛ لأنها متى دخلت في يد المشتري عن جهة البيع دخلت في ضمانه ا هـ سم عبارة ع ش والرشيدي رد كلام الإسنوي واضح بالنظر لقوله في يد المشتري أما مع النظر للسياق من أن المراد تدخل في يده عن جهة البيع فالرد غير ظاهر ؛ لأنها متى دخلت في يده عن جهة البيع دخلت في ضمانه ثم رأيت في سم على حج ما يصرح به ا هـ .
( قوله : أن نحو إيداع البائع إلخ ) أي : ككونها في يد المشتري بنحو إجارة ا هـ نهاية ( قوله إياه له ) أي : المبيع للمشتري ا هـ سم ( قوله لا تلازم ) أي : بين الدخول في يد المشتري والدخول في ضمانه ومر عن سم و ع ش جوابه ( قوله : فيما ذكر ) إلى قوله نعم في المغني والنهاية ( قوله : من الخيار ) أي : وصحة قبضها مشغولة به ا هـ مغني ( قوله وفروعه ) أي : فروع الخيار من قوله فإن علم إلخ .
( قوله : ومنها ) أي : من فروعه لا بقيد المرور قول المتن ( مدة بقاء الزرع ) أي والبذر ومدة تفريغ الأرض من الزرع المذكور خلافا لما في شرح الروض سم ونهاية ( قوله : ولو بعد القبض ) غاية لقول المتن لا أجرة إلخ ( قوله : إلى أول أزمنة إلخ ) لكن لو أراد عند أوانه دياس الحنطة مثلا في مكانها لم يمكن إلا بالرضا سم على منهج أقول لو أخر بعد أوانه هل تلزمه الأجرة ، وإن لم يطالب أم لا تلزم إلا بعد الطلب فيه نظر والأقرب الثاني ؛ لأن الظاهر أنه لا يلزم بالقطع بعد دخول أوان الحصاد إلا بعد طلب المشتري وفرق بينه وبين ما لو شرط القطع حيث لزمته فيه الأجرة مطلقا بوجود المخالفة للشرط في تلك صريحا ، ولا كذلك هنا ، ويؤيد هذا الفرق ما قيل فيما لو استأجر مدة لحفظ متاع وفرغت المدة ، ولم يطالبه المؤجر بالمفتاح ولا بإخراج الأمتعة من أنه لا تلزمه الأجرة لما مضى بعد فراغ المدة ا هـ ع ش ( قوله إمكان قلعه ) أي : أو قطعه .
( قوله : أما العالم إلخ ) فتقييد [ ص: 444 ] الشارح بالجهل لأجل محل الخلاف نهاية ومغني ( قوله : إن شرط القطع ) أي : أو القلع ( قوله : فأخر ) أي : القطع ( قوله : لزمته إلخ ) أي : غير ما استثني من القصب وشجر الخلاف على ما مر من النهاية والمغني وشيخ الإسلام من وجوب اشتراط قطعه مع عدم التكليف به خلافا للشارح ( قوله لزمته الأجرة ) اعتمده ع ش ( قوله وينافيه ) أي : عدم الفرق ( قوله : بالقطع ) أي ، أو القلع ( قوله : إنها ) أي : الأجرة بيان لما يأتي ( قوله : بالمشروط ) وهو القطع ( قوله : وإن طلب ) ببناء المفعول ( منه ) أي البائع ( قبضه ) أي : إقباضه ( قوله : وعند قلعه ) إلى المتن في النهاية ( قوله : ما ضر بها ) كان الأولى ما ضرها ، أو ما أضر بها ؛ لأن الثلاثي المجرد من هذه المادة يتعدى بنفسه ، والمزيد فيه الهمزة يتعدى بحرف الجر ا هـ ع ش