( فصل ) في بقية الشروط السبعة ، وقد مر منها أربعة الثلاثة التي في المتن وحلول رأس المال والخامس القدرة على تسليمه فحينئذ ( يشترط كون المسلم فيه [ ص: 13 ] مقدورا على تسليمه ) من غير مشقة كبيرة ( عند وجوب التسليم ) وهو بالعقد في الحال والحلول في المؤجل فإن أسلم في منقطع عند العقد أو الحلول كرطب في الشتاء لم يصح وكذا لو ظن حصوله عند الوجوب لكن بمشقة عظيمة كقدر كثير من الباكورة وصرح بهذا مع دخوله في قوله مع شروط البيع ليرتب عليه ما بعده وليبين به محل القدرة المفترقين فيها فإن بيع المعين يعتبر فيه عند العقد مطلقا وهنا تارة يعتبر هذا مطلقا وتارة يعتبر الحلول كما تقرر ( فإن كان يوجد ببلد آخر ) وإن بعد ( صح ) السلم فيه ( إن اعتيد نقله ) إلى محل التسليم ( للبيع ) للقدرة عليه حينئذ قيل لا بد [ ص: 14 ] من زيادة كثير أو يرد بأن الاعتياد يفهمه ( وإلا ) يعتد نقله للبيع بأن نقل له نادرا أو لم ينقل أصلا أو نقل لنحو هدية ( فلا ) يصح السلم فيه إذ لا قدرة عليه ( ولو أسلم فيما يعم ) وجوده ( فانقطع ) كله أو بعضه لجائحة أفسدته وإن وجد ببلد آخر لكن إن كان يفسد بالنقل أو لا يوجد إلا عند من لا يبيعه أو كان ذلك البلد على مسافة القصر من بلد التسليم ( في محله ) بكسر الحاء أي وقت حلوله وكذا بعده وإن كان التأخير لمطله ( لم ينفسخ في الأظهر ) كما إذا أفلس المشتري بالثمن وليس هذا كتلف المبيع قبل القبض ؛ لأن ذاك في معين وهذا فيما في الذمة ( فيتخير المسلم ) وإن قال له المسلم إليه خذ رأس مالك ( بين فسخه ) في كله لا بعضه المنقطع فقط وإن قبض ما عداه وأتلفه فإذا فسخ لزمه بدله ورجع برأس ماله ( والصبر حتى يوجد ) فيطالب به وخياره على التراخي فله الفسخ وإن أجاز وأسقط حقه منه ( ولو علم قبل المحل ) بكسر الحاء ( انقطاعه عنده فلا خيار له قبله ) ولا ينفسخ بنفسه حينئذ ( في الأصح ) فيهما لأن وقت وجوب التسليم لم يدخل .
أما إذا وجد عند من لا يبيعه إلا بأكثر من ثمن مثله فيلزمه تحصيله بذلك الأكثر [ ص: 15 ] وفارق الغاصب بأنه التزم التحصيل بالعقد باختياره وقبض البدل فالزيادة في مقابلة ما حصل له من نماء ما قبضه بخلاف الغاصب وأيضا فالسلم عقد وضع للربح فلزم المسلم إليه تحصيل هذا الغرض الموضوع له العقد وإلا لانتفت فائدته والغصب باب تعد والمماثلة مطلوبة فيه بنص { بمثل ما اعتدى عليكم } .
حاشية ابن قاسم
( فصل ) ( قول المصنف مقدورا على تسليمه إلخ ) أي ولو بأن يكون موجودا عند المسلم إليه فقط إذا كان [ ص: 13 ] السلم حالا على ما سيأتي عن صاحب الاستقصاء في قوله ولا يصح فيما ندر وجوده بما فيه ( قوله وليبين به محل القدرة المفترقين فيها إلخ ) هكذا ذكر ذلك أيضا شيخ الإسلام ويرد عليه أنه آل الحال إلى عدم افتراق البيع والسلم في ذلك ؛ لأن البيع في الذمة يشترط فيه القدرة عند وجوب التسليم وهو تارة بالعقد وتارة يتأخر عنه كما أن السلم كذلك فاستوى السلم والبيع في الجملة في ذلك وملاحظة بيع المعين دون غيره والحكم بالافتراق بين السلم وبينه مما لا حاجة إليه إلا أن يقال بيع المعين هو المتبادر لأنه الغالب فاتجهت ملاحظته دون غيره ولا يخفى عليك ما فيه لا يقال هما مفترقان من جهة أنه يكفي التسلم في البيع دون السلم لتعلقه بالذمة ؛ لأنا نقول أما أولا فالفرق لم يقع بحيثية التسليم أصلا بل بوقته كما لا يخفى من العبارة فحاصل الفرق أن القدرة معتبرة عند العقد في البيع وأما في السلم فقد تعتبر عند العقد وقد تعتبر عند الحلول وأما ثانيا فالبيع في الذمة يساوي السلم في تعلق كل بما في الذمة فلا أثر لهذا الفرق وأما ثالثا فلا نسلم هذا الفرق ؛ لأن المسلم إليه لو ملك قدر المسلم فيه فغصبه منه غاصب فقال للمسلم القادر على تخليصه تسلمه عن حقك فتسلمه فالظاهر الإجزاء فهذا تسلم [ ص: 14 ] إجزاء في السلم فليتأمل ( قوله بأن الاعتياد يفهمه ) قد يمنع لكن الظاهر أن المتبادر من الاعتياد الكثرة وإن لم تلزمه .
( قول المصنف وإلا فلا ) أي وإن كان البلد الموجود فيه دون مسافة القصر كما هو قضية السياق ولا يعارضه مفهوم قوله الآتي أو كان ذلك البلد على مسافة القصر لأن ذلك فيما عرض انقطاعه كما هو صريح التصوير وكلامه هنا في المنقطع في محل التسليم وقت وجوبه فلا يصح السلم فيه وإن كان موجودا بمحل قريب حيث لم يعتد نقله للبيع م ر ( قول المصنف فانقطع ) وفي معنى انقطاعه ما لو غاب المسلم إليه وتعذر الوصول إلى الوفاء مع وجود المسلم فيه م ر ( قوله من لا يبيعه ) أي مطلقا ( قوله على مسافة القصر ) يفهم أنه لو كان على ما دون مسافة القصر فلا خيار ( قوله وكذا بعده ) قد يشمله ما قبله .
( قوله أما إذا وجد عند من لا يبيعه إلخ ) قال في العباب كالروض وغيره فيما دون مرحلتين قال في شرحه وخرج بما دون مرحلتين المرحلتان فأكثر فلا يلزمه التحصيل من ذلك لما فيه من المشقة العظيمة نعم قياس ما مر تخير المسلم وأن خياره على الفور انتهى وقضية كلامه هنا خلاف ذلك ( قوله فيلزمه تحصيله ) وبالأولى إذا باعه بثمن مثله فأقل واعلم أن [ ص: 15 ] الشيخين عبرا بأنهم لو كانوا يبيعونه بثمن غال وجب تحصيله وقضيته وجوب تحصيله وإن زاد على ثمن مثله وأخذ به الزركشي وفرق بين السلم والغصب بما ذكره الشارح وقال الإسنوي المراد بالغلو هنا ارتفاع الأسعار لا الزيادة على ثمن المثل انتهى ولا يخفى ما في الفرق من التكلف .
حاشية الشرواني
( فصل ) ( في بقية الشروط ) ( قوله في بقية الشروط ) إلى قوله وأما إذا وجده في النهاية إلا قوله وأتلفه إلى المتن وكذا في المغني إلا قوله في كله إلى المتن ( قوله وحلول رأس المال ) ومر هو بعد قول المصنف أحدها تسليم رأس المال في المجلس كردي وع ش ( قوله على تسليمه ) أي المسلم فيه فقوله فحينئذ إلخ من تفريع الشيء على [ ص: 13 ] نفسه .
قول المتن ( مقدورا على تسليمه إلخ ) ولو بأن يكون موجودا عند المسلم إليه فقط إذا كان السلم حالا على ما سيأتي عن صاحب الاستقصاء في قوله ولا يصح فيما ندر وجوده بما فيه ا هـ سم قول المتن ( على تسليمه ) ويأتي في تعبيره بالتسليم ما مر في البيع ا هـ نهاية ويفيده أيضا قول الشارح وصرح بهذا مع دخوله إلخ قال ع ش قوله ما مر إلخ أي من أن قدرة المشتري على التسليم كافية كمن اشترى مغصوبا يقدر على انتزاعه وقد يفرق بين ما هنا وبين البيع بأن البيع لما ورد على شيء بعينه اكتفي بقدرة المشتري على انتزاعه بخلاف ما هنا فإن السلم إنما يرد على ما في الذمة فلا بد من قدرة المسلم إليه على إقباضه لكن قال سم على حج : إن المسلم إليه لو ملك قدر المسلم فيه فغصبه منه غاصب فقال للمسلم القادر على تخليصه تسلمه عن حقك فتسلمه فالظاهر الإجزاء فهذا تسلم أجزأ في السلم فتأمل انتهى .
ا هـ ع ش أي فهذا صريح في عدم الفرق ( قوله من غير مشقة كبيرة ) أي بالنسبة لغالب الناس في تحصيله إلى موضع وجوب التسليم ا هـ ع ش وفي البجيرمي عن الشوبري والمراد مشقة لا تحتمل عادة فيما يظهر ا هـ .
( قوله وكذا لو ظن إلخ ) أي فإنه لا يصح وعليه فلو تبين أنه كثير في نفس الأمر فهل يتبين صحة العقد اكتفاء بما في نفس الأمر أو لا نظرا لفقد الشرط ظاهرا فيه نظر وقضية قولهم العبرة في شروط البيع بما في نفس الأمر الأول ا هـ ع ش أقول وقضية قولهم ما وقع فاسدا لا ينقلب صحيحا الثاني فليراجع ( قوله من الباكورة ) هي أول الفاكهة ا هـ مغني وفي البجيرمي هي الثمرة عند الابتداء وعند النفاد أي الانتهاء راجع الأنوار شوبري وفي المصباح والزيادي هي أول ما يدرك منها ا هـ .
( قوله وصرح بهذا ) أي بالشرط الخامس ( قوله في قوله مع شروط إلخ ) أي المذكور أول الباب ( قوله ليرتب إلخ ) هذا وإن نفع في مجرد تصريحه بهذا الشرط إلا أنه لا ينفع في قول الشارح م ر فيما سبق سبعة وقوله وليبين إلخ فيه أن البيع لا ينحصر في بيع المعين كما مرت الإشارة إليه والحاصل أنه لم يحصل جواب عن عد هذا شرطا زائدا عن شروط البيع ا هـ رشيدي ( قوله المفترقين ) أي البيع والسلم كردي وع ش ( قوله فيها ) أي في القدرة ا هـ كردي ولعل الأولى أي في محل القدرة والتأنيث باعتبار المضاف إليه .
( قوله فإن بيع المعين إلخ ) فيه أن البيع في الذمة كالسلم يعتبر فيه القدرة تارة عند العقد وتارة عند الحلول فاستوى السلم والبيع في الجملة وملاحظة بيع المعين دون غيره والحكم بالافتراق بينه وبين السلم مما لا حاجة إليه ا هـ سم ( وقوله تعتبر ) أي القدرة ( قوله مطلقا ) لمجرد التأكيد إذ بيع المعين لا يدخله أجل وعبارته توهم أنه يصح حالا ومؤجلا وليس كذلك فلعل مراده أنه ليس له إلا هذه الحالة وهي كونه حالا أو أن المراد سواء كان ثمنه حالا أو مؤجلا لكن هذا بعيد عن السياق فلو أسقط مطلقا لكان أولى ا هـ ع ش ( قوله وهنا ) أي في السلم ( قوله هذا ) أي العقد يعني اقتران القدرة به ( قوله الحلول ) أي وجود القدرة عنده .
( قوله إلى محل التسليم ) خرج به ما عداه ولو دون مسافة القصر منه وكأن الفرق بينه وبين ما يأتي أنه يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء ا هـ بصري قول المتن ( للبيع ) أي ونحوه من المعاملات [ ص: 14 ] ا هـ مغني ( قوله من زيادة كثير ) أي بعد قوله إن اعتيد نقله ا هـ ع ش ( قوله بأن الاعتياد إلخ ) قد يمنع لكن الظاهر أن المتبادر من الاعتياد الكثرة وإن لم تلزمه ا هـ سم وأقره ع ش والسيد عمر قول المتن ( وإلا فلا ) أي وإن كان البلد الموجود فيه دون مسافة القصر كما هو قضية السياق ولا يعارضه مفهوم قوله الآتي أو كان ذلك البلد على مسافة القصر لأن ذلك فيما عرض انقطاعه كما هو صريح التصوير وكلامه هنا في المنقطع من محل التسليم وقت وجوبه فلا يصح السلم فيه وإن كان بمحل قريب حيث لم يعتد نقله للبيع م ر ا هـ سم وفي النهاية والمغني ما يوافقه ( قوله لنحو هدية ) أي ما لم يعتد المهدى إليه بيعها وإلا فتكون كالمنقول للبيع وبقي ما لو كان المسلم إليه هو المهدى إليه هل يصح أيضا فيه نظر والأقرب عدم الصحة لأنه لا يتقاعد عما لو أسلم في لحم الصيد الذي يعز وجوده لمن عنده وقد قالوا فيه بعدم الصحة على المعتمد وعما لو أسلم إلى كافر في عبد مسلم فإنه لا يصح ولو كان عنده عبد كافر وأسلم لندرة ملكه له اللهم إلا أن يقال لما اعتيد نقله للمهدى إليه كثيرا وهو المسلم إليه صيره بمنزلة الموجود وقت وجوب التسليم ا هـ ع ش وهذا الأخير أي الصحة هو الأقرب لما ذكره قول المتن ( فانقطع ) وفي معنى انقطاعه ما لو غاب المسلم إليه وتعذر الوصول إلى الوفاء مع وجود المسلم فيه نهاية وسم ويأتي عن المغني مثله بزيادة قال ع ش قوله م ر وتعذر الوصول أي بأن لم يكن له مال في البلد أو كان وشق الوصول إليه بأن لم يكن ثم قاض أو كان وامتنع من البيع عليه إما مطلقا أو امتنع إلا برشوة وإن قلت ا هـ .
( قوله من لا يبيعه ) أي مطلقا ا هـ سم عبارة الكردي بخلاف ما لو كان يبيعه بثمن غال فيجب تحصيله ا هـ وهذا على مختار الشارح الآتي والأول على مختار النهاية والمغني كما يأتي ( قوله على مسافة القصر ) يفهم أنه لو كان على ما دون مسافة القصر فلا خيار ا هـ سم ( قوله وكذا بعده ) قد يشمله ما قبله ا هـ سم أي إذ الظاهر أن المراد بمحله ما بعد تمام الأجل ( قوله لمطله ) أي مدافعة المسلم إليه المسلم ا هـ كردي قول المتن ( في الأظهر ) ويجري الخلاف إذا قصر المسلم إليه في الدفع حتى انقطع أو حل الأجل بموت المسلم إليه قبل وجود المسلم فيه أو تأخر التسليم لغيبة أحد العاقدين ثم حضر بعد انقطاعه ا هـ مغني وفي ع ش عن العميرة مثله ( قوله وإن قال له المسلم إليه إلخ ) أي فلا يجبر على قبول رأس المال بل هو على خياره بين الصبر والفسخ ا هـ ع ش ( قوله لا بعضه المنقطع ) أي قهرا أما إذا تراضيا على ذلك فيجوز أخذا مما تقدم فيما لو باع عبدين وظهر عيب أحدهما ا هـ ع ش ( قوله بدله ) أي بدل ما أتلفه من المثل أو القيمة .
قول المتن ( حتى يوجد ) أي ولو في العام القابل مثلا ا هـ ع ش ( قوله بنفسه ) أي الانقطاع ا هـ ع ش ( قوله فيهما ) أي في عدم الخيار وعدم الانفساخ ا هـ مغني .
( قوله أما إذا وجد عند من لا يبيعه ) قال في الإيعاب كالروض وغيره فيما دون مرحلتين قال في شرحه وخرج بما دون مرحلتين المرحلتان فأكثر فلا يلزمه التحصيل منه لما فيه من المشقة العظيمة نعم قياس ما مر تخير المسلم وأن خياره على الفور انتهى وقضية كلامه هنا خلافه ا هـ سم ( قوله فيلزمه تحصيله ) خالفه النهاية والمغني فقالا ولو وجده يباع بثمن غال أي ولم يزد على ثمن مثله وجب تحصيله وهذا هو [ ص: 15 ] مراد الروضة بقولها وجب تحصيله وإن غلا سعره لا أن المراد أنه يباع بأكثر من ثمن مثله لأن الشارع جعل الموجود بأكثر من قيمته كالمعدوم كما في الرقبة وماء الطهارة وأيضا فالغاصب لا يكلف ذلك أيضا على الأصح فهنا أولى وفرق بعضهم بين الغصب وما هنا بما لا يجدي ا هـ قال ع ش قوله ولم يزد على ثمن مثله ظاهره وإن قلت الزيادة وينبغي خلافه فيما لو كان قدرا يتغابن به وقوله كما في الرقبة أي الواجبة في الكفارة وقوله وفرق بعضهم مراده حج ا هـ .
( قوله وفارق ) أي المسلم إليه ( قوله وقبض البدل ) أي رأس المال .