وأركانه أربعة عاقدان ومعقود عليه وصيغة في غير القرض الحكمي وبدأ بها لأنها أهمها للخلاف القوي في أصلها وتفاصيلها فقال ( وصيغته ) الصريحة متعددة منها ( أقرضتك أو أسلفتك ) كذا أو هذا ، وقد ينظر فيه بأنه مشترك بين القرض والسلم إلا أن يقال المتبادر منه القرض لا سيما وذكر المتعلق في السلم يخرج هذا ( أو خذه بمثله ) أو ببدله ؛ لأن ذكر المثل أو البدل فيه نص في مقصود القرض إذ وضعه على رد المثل صورة وبه فارق جعلهم خذه بكذا كناية بيع واندفع ما للغزي وغيره هنا واتضح أنه صريح كما هو ظاهر كلام الشيخين لا كناية خلافا لجمع .
وبحث بعض هؤلاء أن خذه بمثله كناية بيع ويرده ما قررته مما يعلم منه أن القصد من الثمن مطلق العوضية لا المثلية حقيقية ولا صورة ، وهنا بالعكس فلم يصلح للكناية ثم . نعم بحث السبكي وغيره إن أخذه بكذا كناية هنا كالبيع وفي شرح الإسنوي في ملكتك هذا الدرهم بمثله أو بدرهم هل هو بيع فيترتب عليه أحكام الصرف أو قرض فيه نظر والمتجه الأول ويؤيده أنهم لم يذكروا هذا المثال هنا ا هـ وما قاله محتمل في خصوص هذا المثال ؛ لأنه صالح للصرف والقرض إذ المثلية مقصودة في كل منهما وإن اختلف المراد بها فيهما فلذا استوى قوله بمثله وقوله بدرهم واحتمل في كل البيع والقرض .
[ ص: 38 ] وحينئذ فالذي يتجه أنهما إن نويا به أحدهما تعين لما تقرر من صلاحيته لهما وإلا كان في بمثله صريح قرض وفي بدرهم صريح بيع عملا بالمتبادر فيهم ، وقد يستشكل هذا بأنه لا نظير له وهو صراحته في بابين مختلفين ويتخصص بالنية إن وجدت وإلا فبالمتبادر ويجاب بالتزام ذلك لضرورة اقتضاء النظر له فتأمله ( أو ملكتكه على أن ترد بدله ) أو خذه ورد بدله أو اصرفه في حوائجك ورد بدله فإن حذف ورد بدله فكناية كخذه فقط أي إن سبقه أقرضني وإلا فهو كناية قرض أو بيع أو هبة أو اقتصر على ملكتكه ولم ينو البدل فهبة وإلا فكناية ، ولو اختلفا في ذكر البدل صدق الآخذ وإنما صدق مطعم مضطر أنه قرض حملا للناس على هذه المكرمة التي بها إحياء النفوس إذ لو أحوجوا للإشهاد لفاتت النفس أو في نيته صدق الدافع كما في بع هذا وأنفقه على نفسك بنية القرض كذا قيل وقولهم لا ثواب في الهبة المطلقة وإن نواه الواهب صريح في أنه لا عبرة بنيته ويفرق بينه وبين ما ذكر بأن هنا لفظا صريحا مملكا فلم يقبل الرفع بالنية .
وثم لفظا محتملا فقبل نية القرض به وبهذا يعلم أنه حيث كان اللفظ المأتي به كناية صدق الدافع في نيته به أو صريحا في التمليك بلا بدل صدق الآخذ في نفي ذكر البدل أو نيته وفي قواعد الزركشي ما حاصله قالوا هنا اختلفا في ذكر القرض صدق الآخذ وفي الهبة قال وهبتك بعوض فقال مجانا صدق المتهب ، ولو قال أعتقتك بألف أو طلقتك بألف فقالا مجانا صدقا بيمينيهما ؛ لأن المالك في الكل يدعي زيادة لفظ ملزم على اللفظ المملك المتفقين عليه والأصل عدمه وبراءة الذمة [ ص: 39 ] ومر أنه لو قال بعتك فقال بل وهبتني حلف كل على نفي قول الآخر لأنهما هنا اختلفا في أصل اللفظ المملك فصدق المالك ؛ لأنه أعرف باللفظ الصادر منه فصدق في عود العين إليه لا في إلزام ذمة الآخر بالثمن عملا بأصل براءتها منه أو في أن المأخوذ قرض أو قراض مثلا فسيأتي تفصيله آخر القراض ويأتي آخر الصداق ما له تعلق بما هنا ، ولو أقر بالقرض وقال فورا أو لا لم أقبض لم يقبل كما أفهمه كلام الرافعي وغيره نعم له تحليفه أنه أقبضه كما يعلم مما يأتي في الرهن وقال الماوردي يصدق المقترض بيمينه وابن الصباغ إن قاله فورا ويظهر فيما اشتهر من استعمال لفظ العارية هنا أنه فيما لا تصح إعارته كناية ؛ لأنه لم يجد نفاذا في موضوعه وفي غيره ليس كناية ؛ لأنه صريح في بابه ووجد نفاذا في موضوعه ثم رأيت بعضهم أطلق صراحتها هنا إن شاعت ويرده ما ذكرته من التفصيل الذي لا بد منه فإن قلت الشيوع لا يعتد به إلا فيما لا يصلح للعارية قلت بتسليمه هو لا دخل له في الصراحة ؛ لأن الذي له دخل فيها الشيوع على ألسنة حملة الشرع لا في ألسنة العوام كما هنا .
حاشية ابن قاسم
( قوله مشترك بين القرض والسلم ) مع قوله هذا لا يحتمل السلم ( قوله لا ذكر المثل ) انظر خذ هذا الدينار بدينار ثم رأيت قوله الآتي نعم بحث السبكي وغيره إلخ ( قوله أن خذه بكذا كناية ) مما يؤيد رد هذا قاعدة ما كان صريحا في بابه ولهذا رده شيخنا الشهاب الرملي [ ص: 38 ] واعتمده أنه صريح هنا ولا ينعقد به البيع مطلقا .
( قوله أو في نيته ) أي نية البدل في قوله ملكتكه ( قوله ويفرق بينه وبين ما ذكر ) أي بين قوله ملكتكه وقوله بع هذا وأنفقه على نفسك كذا يظهر في شرح هذا الكلام ( قوله فلم يقبل الرفع ) كان المراد بالرفع إلزام البدل ( قوله أو صريحا في التمليك ) إن كان إشارة إلى مسألة الهبة المطلقة فلا حاجة لتصديق الآخذ في نفي النية لأنها وإن ثبتت لم تؤثر كما أفاده كلامه .
[ ص: 39 ] قوله ولو أقر بالقرض إلخ ) عبارة شرح م ر ولو أقر بالقرض وقال لم أقبض صدق بيمينه كما قاله الماوردي [ ص: 40 ] لعدم المنافاة إذ القرض يطلق عليه اسم القرض قبل القبض وقال ابن الصباغ إن قاله فورا .
حاشية الشرواني
( قوله غير القرض الحكمي ) أي وأما القرض الحكمي كالإنفاق على اللقيط المحتاج وإطعام الجائع وكسوة العاري فسيأتي أنه لا يفتقر إلى إيجاب وقبول ( قوله وقد ينظر فيه ) أي في أسلفتك ا هـ ع ش ( قوله مشترك بين القرض والسلم ) مع قوله هذا لا يحتمل السلم ا هـ سم وفيه تأمل ( قوله وذكر المتعلق ) نحو قوله أسلفتك كذا في كذا ا هـ ع ش عبارة الكردي وهو قوله في كذا كما يقال أسلفتك كذا في عبد صفته كذا ا هـ .
( قوله أو ببدله ) أسقطه النهاية والمغني ( قوله ؛ لأن ذكر المثل ) إلى قوله وبحث في النهاية إلا قوله أو البدل ( قوله فيه ) أي في خذه بمثله أو ببدله ( قوله إذا وضعه إلخ ) هذا التعليل لا يظهر بالنسبة إلى قوله أو البدل ( قوله صورة ) الأولى ولو صورة ( قوله وبه فارق ) أي بقوله ؛ لأن ذكر المثل أو البدل إلخ ع ش ( قوله واندفع إلخ ) كقوله واتضح إلخ عطف على فارق ( قوله أنه صريح ) أي خذه بمثله أو بدله صريح في القرض ( قوله لا كناية ) أي في القرض ( قوله خلافا لجمع ) منهم شيخ الإسلام في شرح منهجه ا هـ ع ش .
( قوله ويرده إلخ ) مما يؤيد رد هذا قاعدة ما كان صريحا في بابه ولهذا رده شيخنا الشهاب الرملي واعتمد أنه صريح هنا ولا ينعقد به البيع مطلقا ا هـ سم ( قوله للكناية ثم ) أي في البيع ( قوله بحث السبكي إلخ ) اعتمده النهاية والمغني ( قوله أن خذه بكذا كناية ) ينبغي تصويره بما إذا كان المسمى مثل المقرض كخذ هذا الدينار وعليه فيفرق بين معنى المثل ولفظه بما مر من أن ذكر المثل فيه نص إلخ ا هـ ع ش ( قوله هذا المثال ) أي ملكتك هذا الدرهم بمثله أو بدرهم وأل في المثال للجنس وإلا فما ذكر مثالان و ( قوله هنا ) أي في القرض ( قوله محتمل ) لعله بكسر الميم ( قوله وإن اختلف المراد بها فيهما ) فإن المراد بالمثلية في القرض مماثلة الشيء المقرض حقيقة أو صورة وفي الصرف عدم الزيادة والنقصان ( قوله فلذا إلخ ) الإشارة [ ص: 38 ] إلى قوله إذ المثلية إلخ ( قوله وحينئذ ) أي حين صلاحيته للصرف والقرض ( قوله وهو صراحته إلخ ) تفسير لهذا في وقد يستشكل هذا ( قوله صراحته في بابين إلخ ) في لزوم ذلك مما مر نظر بل مقتضاه أنه صريح في أحدهما وهو ما يتبادر منه ، كناية في الآخر وهو ما يحتاج إلى النية فيه ليتأمل نعم يشكل بقولهم ما كان صريحا في بابه ووجد نفاذا في موضوعه لا يكون كناية في غيره وحينئذ يجاب بنحو ما أفاده الشارح ثم رأيت الفاضل المحشي قال قوله وهو صراحته إلخ يتأمل انتهى .
وهو إشارة إلى ما ذكر ا هـ سيد عمر ويمكن دفع النظر بأن مراد الشارح بالصراحة في بابين إلخ الصلاحية لهما بقرينة سابق كلامه ( قوله اقتضاء النظر ) أي الفكر والدليل ( قوله فإن حذف ورد بدله ) أي من اصرفه في حوائجك إلخ ( قوله أي إن سبقه ) أي إنما يكون خذه كناية إن سبقه إلخ فمثله قوله اصرفه في حوائجك ( وقوله وإلا فهو إلخ ) أي وإن يسبقه أقرضني ا هـ ع ش ( قوله كناية قرض أو بيع ) صورته في البيع أن يتقدم ذكر الثمن في لفظ المشتري كبعنيه بعشرة فقال البائع خذه ا هـ سيد عمر عبارة ع ش قوله أو بيع مشكل بأن البيع لا بد فيه من ذكر الثمن ولا تكفي نيته لا مع الصريح ولا مع الكناية على ما اعتمده م ر وعبارة حج في البيع بكذا لا يشترط ذكره بل تكفي نيته على ما فيه مما بينته في شرح الإرشاد ا هـ .
( قوله أو اقتصر إلخ ) عطف على قوله حذف إلخ ( قوله وإلا فكناية ) أي وإن نوى البدل فكناية قرض سم على حج ا هـ ع ش ( قوله ولو اختلفا ) إلى قوله أو في نيته في النهاية .
( قوله في ذكر البدل ) أي مع قوله ملكتكه بأن يقول أحدهما ذكر معه ويقول الآخر لا ا هـ كردي وقوله مع قوله ملكتكه أي أو قوله خذه أو قوله اصرفه في حوائجك ( قوله صدق الآخذ ) أي بيمينه ؛ لأن الأصل عدم ذكره مغني ونهاية قال ع ش ظاهره وإن كان باقيا قال سم على منهج قال م ر محله أي تصديق الآخذ إذا كان باقيا وإلا فالقول قول الدافع انتهى فليحرر . أقول والأقرب ظاهر إطلاق الشارح م ر وحيث صدق في عدم ذكر البدل لم يكن هبة بل هو باق على ملك دافعه لأن خذه مجردة عن ذكر البدل كناية ولم توجد نية من الدافع فيجب رده لمالكه وليس للمالك مطالبته بالبدل ا هـ ع ش وقوله وإن كان باقيا حق المقام وإن لم يكن باقيا وقوله وحيث صدق إلخ إنما يتأتى في قوله خذه وقوله اصرفه في حوائجك دون قوله ملكتكه لما مر آنفا أنه عند عدم النية هبة ( قوله أو في نيته ) أي نية البدل في قوله ملكتكه ا هـ سم عبارة الكردي عطف على ذكر البدل أي أو اختلفا في نية البدل ا هـ ويظهر أن مثل قوله ملكتكه هنا قوله خذه وقوله اصرفه في حوائجك .
( قوله ويفرق بينه ) أي بين الاقتصار على ملكتكه وبين ما ذكر وهو قوله بع هذا وأنفقه على نفسك سم وكردي ( قوله بأن هنا ) أي في الهبة المطلقة ( قوله فلم يقبل الرفع ) كأن المراد بالرفع إلزام البدل ا هـ سم ( قوله وثم ) أي في قوله بع هذا إلخ ( قوله وبهذا يعلم ) أي بالفرق المذكور ( قوله في نيته به ) أي نية البدل باللفظ الكنائي ( قوله أو صريحا في التمليك ) إن كان إشارة إلى مسألة الهبة المطلقة فلا حاجة لتصديق الآخذ في نفي النية ؛ لأنها وإن ثبتت لم تؤثر كما أفاده كلامه ا هـ سم . عبارة الكردي قوله أو صريحا في التمليك كملكتكه هنا ا هـ وهو الظاهر .
( قوله وفي قواعد الزركشي إلخ ) تأييد لقوله أنه حيث كان اللفظ إلخ ( قوله هنا ) أي في القرض ( اختلفا ) أي لو أختلفا ( قوله وفي الهبة ) أي وقالوا في الهبة ( وقوله قال إلخ ) أي لو قال إلخ ( قوله صدق المتهب ) أي بيمينه ( قوله فقالا ) أي العبد والزوجة ( قوله في الكل ) أي في كل من الصور الأربع ( قوله عليه ) أي اللفظ المملك أي على وجوده ( قوله والأصل عدمه ) أي الزائد الملزم ( قوله وبراءة الذمة ) [ ص: 39 ] عطف على ، عدمه ( قوله ومر ) أي في باب اختلاف المتابعين ا هـ كردي ( قوله هنا ) أي فيما لو قال بعتك إلخ .
( قوله ذمة الآخر ) أي مدعي الهبة ( قوله أو في أن المأخوذ ) عطف على قوله في ذكر العوض ا هـ كردي والظاهر بل المتعين أنه عطف على قوله في ذكر البدل كما هو صريح صنيع النهاية ولأن قوله في ذكر العوض مما حكاه الزركشي وما هنا من كلام الشارح نفسه بلا حكاية ( قوله فورا أو لا ) أي أو بلا فور ( قوله لم أقبض ) مقول قال عبارة النهاية لو أقر بالقرض وقال لم أقبض صدق بيمينه كما قاله الماوردي لعدم المنافاة إذ المقرض يطلق عليه اسم القرض قبل القبض وقال ابن الصباغ إن قاله فورا ا هـ فظاهر صنيع النهاية اعتماد مقالة الماوردي بإطلاقها أي سواء أقاله فورا أو لا ا هـ بصري ( قوله لم يقبل ) خلافا للنهاية ( قوله يصدق المقترض بيمينه ) معتمد ا هـ ع ش ( قوله وابن الصباغ إلخ ) ضعيف ا هـ ع ش ( قوله من استعمال إلخ ) بيان لما اشتهر ( قوله هنا ) أي في القرض ( قوله وفي غيره ) عطف على قوله فيما لا تصح إلخ ( قوله ووجد نفاذا إلخ ) قد يقال إنه يلزم ما ذكر في المسألة المنقولة عن شرح الإسنوي ومع ذلك تقدم ما فيها للشارح فيحتمل أن يجعل هنا لفظ العارية كناية مطلقا ويكون ذلك مستثنى أيضا للمدرك وهو الشيوع فليتأمل ا هـ سيد عمر ( قوله صراحتها ) الأولى صراحته أي لفظ العارية ( قوله هنا ) أي في القرض ( قوله لا يعتد به إلا فيما إلخ ) أي فلا يأتي فيه التفصيل المار فتكون العارية الشائعة في القرض صريحا فيه ( قوله بتسليمه ) أي الحصر ( قوله هو ) أي الشيوع ( قوله فيها ) أي الصراحة ( قوله الشيوع إلخ ) خبر أن .