( فصل ) في بيع مال المفلس وقسمته وتوابعهما ( يبادر ) ندبا [ ص: 128 ] ( القاضي ) أي : قاضي بلد المفلس إذ الولاية على ماله ولو بغير بلده له تبعا للمفلس ( بعد الحجر ) على المفلس ( ببيع ماله ) بقدر الحاجة ( وقسمه ) أي : ثمن المبيع الدال عليه ما قبله ( بين الغرماء ) بنسبة ديونهم أو بتمليكه لهم كذلك إن رآه مصلحة لتضرر المفلس بطول الحجر والغريم بتأخير الحق لكن لا يفرط في الاستعجال خشية من بخس الثمن ويجب كما يأتي البدار لبيع ما يخشى فساده أو فواته بالتأخير ولا يتولى بنفسه أو مأذونه بيع شيء له حتى يثبت عنده كما اعتمده ابن الرفعة وغيره ولو بعلمه أنه ملكه ويؤيده قولهم لو طلب شركاء منه قسمة ما بأيديهم لم يقسمه بينهم حتى يثبت عنده أنه ملكهم ولا تكفي اليد ؛ لأن تصرفه حكم أي : فيما رفع إليه وطلب منه فصله نعم الوجه حمل هذا على يد مجردة وترجيح السبكي nindex.php?page=showalam&ids=12795كابن الصلاح الاكتفاء باليد على ما إذا انضم إليها تصرف طالت مدته وخلا عن منازع ولو كانت العين بيد المرتهن أو الوارث كفى إقراره بأنه له أي ؛ لأن قول ذي اليد حجة في الملك كما صرحوا به ويشترط ما ذكر من ثبوت الملك والحيازة أو الحيازة بشرطها المذكور لجواز تصرف القاضي في غير هذا المحل [ ص: 129 ] أيضا ومر أن غير المفلس لا يتعين فيه تولي الحاكم للبيع بل له بيعه وإجباره عليه ولو عين المدعي أحدهما لم يتعين على الأوجه ويستثنى من قسمه بين الغرماء مكاتب حجر عليه وعليه دين معاملة وجناية ونجوم فيقدم الأول ؛ لأن لغيره تعلقا آخر بتقدير العجز وهو الرقبة ثم الثاني ؛ لأنه مستقر ، ومرتهن فيقدم بالمرهون ومجني عليه فيقدم بأرش الجناية من رقبة العبد الجاني وألحق بهما الزركشي من له حبس لنحو قصارة وخياطة حتى يقضي الأجرة ، ومستحق حق فوري كزكاة فيقدم عليهم كما بعد الموت ويؤخذ منه أن جميع الحقوق المتعلقة بعين التركة المقدمة على ذوي الديون المرسلة في الذمة تقدم هنا على الغرماء .
( ويقدم ) في البيع ( ما ) يسرع ثم ما ( يخاف فساده ) كهريسة وفاكهة ثم ما تعلق بعينه حق كمرهون ( ثم الحيوان ) إلا المدبر فيؤخره ندبا عن الكل احتياطا للعتق وذلك ؛ لأنه معرض للتلف وله مؤنة ( ثم المنقول ) ؛ لأنه يخشى ضياعه ( ثم العقار ) بفتح عينه ويجوز ضمها مقدما البناء على الأرض وأطلق في الأنوار ندب هذا الترتيب والأوجه وفاقا للأذرعي أنه في غير ما يسرع فساده وغير الحيوان مستحب وفيهما واجب وقد يجب تقديم نحو عقار للخوف عليه من ظالم .
حاشية ابن قاسم
[ ص: 128 ] ( فصل ) ( قوله أو مأذونه ) يشمل المفلس ويأتي ما يصرح به ( قوله لو كانت العين بيد المرتهن أو الوارث إلخ ) عبارة أدب القضاء لشيخ الإسلام في الفصل الثاني عشر وأما ثبوت الملك والحيازة فشرط لكن يكفي ثبوت أحدهما على الأصح فلا يبيع القاضي الرهن أو التركة إلا بعد ثبوت ذلك نعم إن كانت العين بيد المرتهن أو الوارث كفى إقراره بذلك قاله ابن أبي الدم ا هـ وعبارة الغزي في الباب السابع من أدب القضاء ما نصه فقال ابن أبي الدم إذا طلب من الحاكم بيع مرهون نظر فيه فإن كان في يد مرتهن واعترف بأنه ملك [ ص: 129 ] الراهن وأن يده على إقباضه له وأن الراهن رهنه عنده وأقبضه هو باع الحاكم ذلك من غير تكليف المرتهن لإثبات ملكية الراهن قطعا ؛ لأن اليد دليل الملك ظاهرا إلى أن قال فإن كان الرهن في يد المرتهن كفى إقراره أو في يد الورثة جاء ما تقدم ا هـ . وقوله من غير تكليف المرتهن لإثبات ملكية الراهن يفهم أنه يكلف إثبات الرهنية وهو ظاهر موافق لقول العباب في باب الرهن فإن لم يبعه أي الراهن المرهون باعه القاضي بعد ثبوت الدين والرهن وملك الرهن كالممتنع بلا رهن من البيع لدينه وكما لو أثبت المرتهن أو وارثه بذلك في غيبة الراهن ا هـ نعم اعتبار إثبات ملك الراهن ينبغي أن يشمل إثباته باعتراف المرتهن فلا يخالف ما هنا ما ذكره الشارح كالغزي وغيره وقول الغزي ؛ لأن اليد دليل الملك ظاهرا يحتمل أن يريد يد الراهن بمقتضى إقرار المرتهن ثم بحثت [ ص: 130 ] بجمع ذلك م ر فوافق عليه .
حاشية الشرواني
( فصل في بيع مال المفلس ) ( قوله وتوابعهما ) كترك ما يليق به من الثياب والنفقة عليه وإجارة أم ولده وكيفية أداء الشهادة عليه قول المتن ( يبادر القاضي ) خرج به المحكم فليس له البيع وإن قلنا له الحجر على ما قاله حج في شرح العباب وإن كان عموم قول الشارح م ر فيما سبق حجر القاضي دون غيره خلافه ؛ لأن الحجر يستدعي قسمة المال على جميع الغرماء فمن الجائز أن ثم غير غرمائه الموجودين ونظر المحكم قاصر عن معرفتهم ا هـ ع ش ( قوله ندبا ) أي : ما لم تدع الضرورة ولو من بعضهم للبيع وإلا فتجب المبادرة كما يؤخذ بالأولى من [ ص: 128 ] وجوب القسمة إذا طلبها الغرماء ا هـ ع ش قول المتن ( القاضي ) أي : أو نائبه ا هـ نهاية ( قوله أي : قاضي ) إلى قوله ويجب في المغني وكذا في النهاية إلا قوله أو بتمليكه إلى التضرر إلخ قول المتن ( ببيع ماله ) ومثله النزول عن الوظائف بدراهم قليوبي ا هـ بجيرمي ( قوله بقدر الحاجة ) هذا صريح في أنه لا يبيع إلا بقدر الدين ويشكل بما تقدم من أنه لا يحجر عليه إلا إذا زاد دينه على ماله إلا أن يجاب بأنه قد يبرئه بعض الغرماء أو يحدث له مال بعد بإرث ونحوه ع ش ا هـ بجيرمي ( قوله أو بتمليكه إلخ ) وكيفيته أن يبيع كل واحد جزءا معينا من مال المفلس نسبته إلى كله كنسبة دين المشتري إلى جملة ديون المفلس أو يبيع جملة مال المفلس بجملة ديون جميع الغرماء إن استوت الديون في الصفة وإلا بطل ؛ لأنه يصير كما لو باع عبيد جمع بثمن واحد وهو باطل وفي ع فيما تقدم وما يقتضي ذلك ا هـع ش ( قوله كذلك ) أي : بنسبة ديونهم ( قوله لتضرر المفلس إلخ ) تعليل للمتن ( قوله لا يفرط إلخ ) أي لا يبالغ في الاستعجال أي لا يجوز له ذلك ا هـ ع ش ( قوله من بخس الثمن ) أي نقصه ا هـ كردي ( قوله أو فواته ) أي : بنحو الغصب ( قوله ولا يتولى ) أي : القاضي ( قوله أو مأذونه ) يشمل المفلس ويأتي ما يصرح به ا هـ سم ولعله أراد بذلك ما يأتي في شرح وليبع بحضرة المفلس وغرمائه من قول الشارح وليستغن عن بينة بملكه على ما مر ا هـ .
ولا يخفى أنه ليس ظاهرا في الشمول فضلا عن الصراحة بل هو كالصريح في عدم الشمول ويأتي آنفا عن المغني ما قد يصرح بعدم الشمول ويحتمل أن " لا " ساقطة من قلم الناسخين والأصل لا يشمل المفلس إلخ ( قوله حتى يثبت عنده إلخ ) على هذا هل يتوقف سماعه على دعوى أم لا ا هـ ع أقول الأقرب الثاني ؛ لأن المدار على ما يفيد الظن للقاضي غير مستند فيه إلى إخبار المالك ا هـ ع ش أقول قضية كلام الشارح في التنبيه الآتي قبيل قول المصنف ثم إن كان الدين إلخ الأول ( قوله كما اعتمده ابن الرفعة ) وهو أظهر ا هـ مغني ( قوله منه ) أي : من القاضي ( قوله ولا تكفي اليد إلخ ) عطف على قوله ولا يتولى إلخ ( قوله ؛ لأن تصرفه حكم ) وسيأتي في الفرائض ما فيه ا هـ نهاية عبارة البجيرمي وبيع الحاكم ليس حكما على المعتمد قليوبي ونقل عن شيخنا أن تصرفه ليس حكما وإنما هو نيابة اقتضتها الولاية حلبي ا هـ .
( قوله حمل هذا ) أي : القول بعدم كفاية اليد ( قوله وترجيح السبكي ) أي وحمل ترجيحه و ( قوله الاكتفاء ) مفعول الترجيح ( قوله على ما إذا إلخ ) عبارة النهاية ورجح السبكي تبعا لما اقتضاه كلام جماعة الاكتفاء باليد ونقله عن العبادي وذكر الأذرعي أن nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح أفتى بما يوافقه والإجماع الفعلي عليه وهو المعتمد ا هـ قال ع ش قوله الاكتفاء باليد ظاهره وإن لم ينضم إليها تصرف أو نحوه لكن قال حج الاكتفاء باليد محمول على ما إذا إلخ والأقرب ظاهر إطلاق الشارح م ر ؛ لأن الحجر عليه وظهوره مع عدم المنازعة في شيء مما بيده مشعر بأن ما في يده ملكه ا هـ .
( قوله بيد المرتهن أو الوارث ) قضية التعليل الآتي أنهما مجرد مثال فمثلهما نحو الوديع والغاصب فليراجع ( قوله من ثبوت الملك والحيازة ) تأمل ما وجه زيادة الحيازة الموهم أن ثبوت الملك فقط غير كاف ا هـسيد عمر ( قوله بشرطها المذكور ) أي بقوله إذا انضم إليها تصرف إلخ .
( قوله في غير هذا المحل ) أي : في كل مديون ممتنع وإذا قيل بعدم الاكتفاء باليد قال ابن الرفعة فيتجه أن يتعين الحبس إلى أن يتولى الممتنع من الوفاء البيع بنفسه ا هـ مغني عبارة النهاية وما ثبت للمفلس مع بيع ماله كما ذكر رعاية لحق الغريم يأتي نظيره في ممتنع عن أداء حق وجب عليه بأن أيسر وطالبه به صاحبه وامتنع من أدائه فيأمره الحاكم به فإن امتنع وله مال ظاهر وهو من جنس الدين وفي منه أو من غيره باع عليه ماله إن كان بمحل ولايته ا هـ . قال ع ش قوله في ممتنع أي ولو مرة واحدة وقوله إن كان أي : المال بمحل ولايته قضيته أنه لا يبيعه إذا كان في غير [ ص: 129 ] محل ولايته بل يكتب لقاضي بلد المال ليبيعه وقضية قوله السابق ولو بغير بلده له خلافه لتسويته بين المفلس والممتنع إلا أن يحمل ما سبق على أن المراد أن قاضي بلد المفلس له الولاية على ماله وإن كان ببلد آخر والطريق في بيعه أن يرسل إلى قاضي بلد المال ليبيعه وكأنه نائب عن قاضي بلد المال ا هـ .
( قوله ومر إلخ ) أي : في الرهن ا هـ كردي ( قوله أن غير المفلس ) إلى قوله وألحق بهما في النهاية والمغني ( قوله بل له إلخ ) أي : للحاكم ا هـ كردي ( قوله وإجباره عليه ) أي : إكراه القاضي الممتنع مع تعزيره بحبس أو غيره على بيع ما يفي بالدين من ماله لا على بيع جميعه مطلقا ا هـ نهاية أي سواء زاد الدين أم لا رشيدي ( قوله أحدهما ) أي : بيع القاضي وإجباره نهاية ومغني ( قوله مكاتب حجر عليه ) وصورة الحجر على المكاتب أن يحجر عليه لغير نجوم الكتابة ومعاملة السيد فيتعدى الحجر إليهما تبعا ا هـ ع ش .
( قوله وجناية ) عطف على المعاملة و ( قوله ونجوم ) على الدين ( قوله ومرتهن ومجني عليه ومستحق حق فوري ) عطف على مكاتب ا هـ كردي ( قوله لنحو قصارة وخياطة ) يعني أن للقصار والخياط حبس الثوب حتى يقبض أجرته فيقدم بأجرته من ذلك الثوب على الغرماء ا هـ كردي ( قوله ومستحق حق إلخ ) هل هذا على إطلاقه أو مبني على مختار الشارح من جواز الحجر لحق الله الفوري مطلقا وقد مر فيه خلاف للنهاية والمغني وتفصيل لسم .
( قوله وعليه دين معاملة ) لعل مراده لغير السيد أخذا من التعليل الآتي ( قوله ويؤخذ منه ) أي : من قوله كما بعد الموت ( قوله ما يسرع إلخ ) عبارة النهاية ويقدم حتما ما يخاف فساده ويقدم عليه ما يسرع له الفساد ولو لم يكن مرهونا لئلا يضيع ثم المرهون والجاني لتعجيل حق مستحقهما ا هـ قال ع ش قوله والجاني الواو فيه بمعنى ثم كما يفهم من كلامه م ر بعد وفي بعض الهوامش لابن حج تقديم الجاني على المرهون وهو الموافق لما في المطلب ا هـ ( قوله كهريسة وفاكهة ) الأول مثال للأول والثاني للثاني ( قوله ثم ما تعلق بعينه إلخ ) إلى قول المتن وليبع في النهاية إلا قوله ندبا وكذا في المغني إلا قوله بفتح عينه ويجوز ضمها ( قوله إلا المدبر ) وينبغي أن مثله المعلق عتقه بصفة ا هـ ع ش ( قوله ندبا ) وفي البجيرمي عن الحلبي وجوبا ا هـ وهو ظاهر النهاية والمغني ( قوله عن الكل ) شامل للعقار ا هـ ع ش .
( قوله وذلك ) أي تقديم الحيوان على ما بعده ( قوله ضياعه ) أي بسرقة ونحوها ويقدم الملبوس على النحاس ونحوه قاله الماوردي مغني ونهاية ( قوله في غير ما يسرع فساده وغير الحيوان ) أي وغير ما بينهما مما يخاف فساده ثم ما تعلق بعينه حق كما صرح به المغني ( قوله وفيهما ) أي : وفيما بينهما كما مر ( قوله من ظالم ) أو نحوه فالأحسن تفويض الأمر إلى اجتهاد الحاكم ويحمل كلامهم على الغالب وعليه بذل الوسع فيما يراه الأصلح نهاية ومغني قال ع ش قوله فيحمل كلامهم أي : في الترتيب المذكور في كلام المصنف ا هـ .