( ويتصرف الولي بالمصلحة ) لقوله تعالى { إلا بالتي هي أحسن } فيمتنع تصرف لا خير فيه ولا شر كما صرح به جمع ويلزمه حفظ ماله واستنماؤه قدر النفقة والزكاة والمؤن إن أمكنه [ ص: 180 ] لا المبالغة فيه وقال العراقيون إن الاستنماء كذلك مندوب ولا يلزمه أن يقدمه على نفسه وله السفر به في طريق آمن لمقصد آمن برا لا بحرا نعم إن كان الخوف في السفر ولو بحرا أقل منه في البلد ولم يجد من يقترضه سافر به ولو اضطر إلى سفر مخوف أو في بحر أقرضه أمينا موسرا وهو الأولى أو أودعه لمن يأتي في الوديعة فإن تعذر سافر به وفي الحضر عند خوف نحو نهب يقرضه لمن ذكر فإن تعذر أودعه وللقاضي الإقراض مطلقا ؛ لأنه مشغول ، ولو طلب منه ماله بأكثر من ثمن مثله لزمه بيعه إلا ما احتاجه وعقارا يكفيه بل شراء عقار غلته تكفيه أولى من التجارة ، ولو أخر لتوقع زيادة فتلف لم يضمن ويأتي في زيادة راغب هنا في زمن الخيار ما مر في عدل الرهن ويضمن ورق توت أخره حتى فات وقته كسائر الأطعمة لا ما أخر إجارته وعمارته ولو مع تمكنه حتى تلف ؛ لأن هذا تحصيل فهو كترك تلقيح النخل لكنه يأثم بخلاف ترك علف الدابة احتياطا للروح نعم ينبغي أنه لو أشرف مكانه على خراب ولو جعل تحته مرمة حفظ فتركها مع تيسرها أن يضمن ؛ لأن هذا يعد تفويتا حينئذ كما هو ظاهر ثم رأيت الماوردي صرح بما يؤيده وهو أنه لو فرط في حفظ رقاب الأموال عن أن تمتد إليها اليد ضمن ما تلف منها ا هـ وعد في البحر مما لا يضمن بترك سقيه الشجر واعترض بأنها كالدواب ويرد بما تقرر من الفرق بين ذي الروح وغيره وله بل عليه كما هو ظاهر بذل شيء من ماله لتخليص بقيته من ظالم وله كما أفتى به nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح إيجار أرض بستانه بما يفي بمنفعتها وقيمة الثمر [ ص: 181 ] ثم يساقيه على شجره بسهم من ألف لليتيم والباقي للمستأجر وسيأتي ما فيه في المساقاة قال الماوردي ولا يشتري ما يخاف فساده وإن كان مربحا .
( تنبيه ) أخذ الإسنوي من منعهم إركاب ماله البحر منع إركابه أيضا وإركاب الحامل قال بل أولى ؛ لأن حرمة النفس آكد والبهائم والزوجة والقن البالغ بغير رضاهما ا هـ وردوه بأن المدار في ماله على المصلحة وهي منتفية في ذلك ولا كذلك في الصور المذكورة وإذا جوزوا إحضار المولى للجهاد ولم يروا لخوف قتله فكذا هنا ، فإن قلت : ذاك فيه تمرين على تحمل الأخطار في العبادات وهذه مصلحة ظاهرة بخلاف ما هنا قلت ممنوع بل إركابه البحر فيه نظير ذلك كالتمرين على اكتساب الأموال وتحمل الأخطار في العبادة أيضا في نحو الركوب لحج أو جهاد ، ويؤيد ذلك أنهم لم يشترطوا في تصرفه في بدن موليه بنحو قطع سلعة نظير ما اشترطوه هنا ( ويبني دوره ) مثلا ( بالطين ) لقلة مؤنته مع الانتفاع بنقضه ( والآجر ) وهو الطوب المحرق لبقائه ( لا اللبن ) وهو الطوب النيء لقلة بقائه ( والجص ) وهو الجبس لكثرة مؤنته مع عدم الانتفاع بنقضه فالواو هنا بمعنى أو التي في العزيز فيمتنع اللبن مع طين أو جص وجص مع لبن أو آجر هذا ما عليه النص والجمهور واختار آخرون عادة البلد كيف كانت وهو الأوجه مدركا ، وأفهم قوله دوره أنه لا يبتدئ بناء له وليس كذلك لكن إن ساوى مصرفه ولم يجد عقارا يباع فإن وجده والشراء أحظ تعين الشراء .
قال جمع واشتراط مساواته لمصرفه في غاية الندرة وهو في التحقيق منع للبناء .
حاشية ابن قاسم
( قوله وهو الأولى ) فهو مخير على خلاف قوله فيما بعده فإن تعذر أودعه والفرق لائح ( قوله إجارته وعمارته ) الوجه الضمان فيهما ؛ لأنه يلزمه حفظ المال ودفع متلفاته كالوديع وعبارة شرح الروض قال الروياني ولو ترك عمارة عقاره حتى خرب مع القدرة أثم وهل يضمن كما في ترك علف الدابة أو لا كما في ترك التلقيح وجهان جاريان فيما لو ترك إيجاره مع القدرة وأوجههما عدم الضمان فيهما ويفارق ترك العلف بأن فيه إتلاف روح بخلاف ما هنا انتهى وأقول بل الأوجه الضمان فيهما بل ويتجه في ترك التلقيح مع الإمكان .
( قوله واعترض ) [ ص: 181 ] الاعتراض أوجه .
( قوله النص والجمهور ) وهو المعتمد م ر ا هـ .
( قوله عادة البلد ) الوجه جواز اتباعها عند المصلحة م ر ( قوله لكن إن ساوى مصرفه ) الوجه جواز البقاء إذا كانت المصلحة فيه وإن لم يساو مصرفه
حاشية الشرواني
قول المتن ( ويتصرف الولي ) أي : أبا أو غيره ( بالمصلحة ) أي : وجوبا نهاية ومغني ( قوله لقوله تعالى ) إلى قوله وقال في النهاية والمغني ( قوله واستنماؤه إلخ ) فلوترك استنماءه مع القدرة عليه وصرف ماله عليه في النفقة فهل يضمنه أو لا فيه نظر وقياس ما يأتي فيما لو ترك عمارة العقار حتى خرب الضمان وقد يفرق بأن ترك العمارة يؤدي إلى فساد المال وترك الاستنماء إنما يؤدي إلى عدم التحصيل وإن ترتب عليه ضياع المال في النفقة ا هـ ع ش ولعل الفرق هو الظاهر لا سيما على مختار الشارح والمغني الآتي في ترك عمارة العقار من عدم الضمان خلافا للنهاية ثم رأيت في الجمل ما نصه المعتمد لا ضمان ا هـ .
( قوله إن أمكنه ) قال القليوبي ويتصرف الولي وجوبا ولو بالزراعة حيث رآها ولأب عجز نصب غيره عنه ولو بأجرة مثله من مال المحجور عليه أو رفع الأمر لحاكم يفعل ما فيه المصلحة وللولي غير الحاكم أن يأخذ من مال المحجور قدر أقل الأمرين من أجرة مثله وكفايته فإن نقص عن كفاية الأب أو الجد الفقير فله إتمام كفايته ولا يتوقف في أخذ ذلك على حاكم ويمتنع على الحاكم الأخذ [ ص: 180 ] مطلقا ا هـ بجيرمي وقال ع ش وخرج بالولي غيره كالوكيل الذي لم يجعل له موكله شيئا على عمله فليس له الأخذ لما يأتي أن الولي إذا جاز له الأخذ ؛ لأنه أي : أخذه تصرف في مال من لا يمكن معاقدته وهو يفهم عدم جواز أخذ الوكيل لإمكان مراجعة موكله في تقدير شيء له أو عزله من التصرف ومنه يؤخذ امتناع ما يقع كثيرا من اختيار شخص حاذق لشراء متاع فيشتريه بأقل من قيمته لحذقه ومعرفته ويأخذ لنفسه تمام القيمة معللا ذلك بأنه هو الذي وفره لحذقه وبأنه فوت على نفسه أيضا زمنا كان يمكنه فيه الاكتساب فيجب عليه رد ما بقي لمالكه لما ذكر من إمكان مراجعته إلخ فتنبه له فإنه يقع كثيرا ا هـ .
( قوله لا المبالغة فيه ) أي : في الاستنماء ( قوله أن الاستنماء كذلك ) أي بالمبالغة قاله الكردي والمتبادر أن المشار إليه قوله قدر النفقة إلخ فليراجع .
( قوله ولا يلزمه أن يقدمه إلخ ) قال في شرح الروض وليس عليه أن يشتري له إلا بعد استغنائه عن الشراء لنفسه فإن لم يستغن عنه قدم نفسه انتهى ا هـ كردي ( قوله وله السفر ) عبارة المغني والنهاية وله أن يسافر بمال الصبي والمجنون وقت الأمن والتسفير به مع ثقة ولو بلا ضرورة من نحو حريق أو نهب ؛ لأن المصلحة قد تقتضي ذلك لا في نحو بحر وإن غلبت السلامة ؛ لأنه مظنة عدمها ا هـ قال ع ش قوله وإن غلبت إلخ ظاهره ولو تعين طريقا وهو كذلك حيث لم تدع ضرورة إلى السفر به ا هـ .
( قوله من يقترض ) أي : وهو أمين موسر أخذا مما يأتي ( قوله وهو الأولى ) فهو مخير على خلاف قوله فيما بعده فإن تعذر أودعه والفرق لائح ا هـ سم ( قوله فإن تعذرا ) أي : الإقراض والإيداع ( قوله وللقاضي ) إلى قوله لا ما أخر إجارته في النهاية وإلى قوله نعم في المغني ( قوله مطلقا ) أي : عند الخوف وعدمه ( قوله منه ) أي : من الولي ( ماله ) أي : الصبي ( قوله وعقارا إلخ ) عطف على ما احتاجه ( قوله بل شراء عقار إلخ ) كما قاله الماوردي ومحله عند الأمن عليه من جور سلطان أو غيره أو خراب للعقار ولم يجد به ثقل خراج نهاية ومغني ( قوله لتوقع زيادة ) أي : توقعا قريبا ا هـ ع ش ( قوله ما مر ) أي : من لزوم الفسخ والانفساخ بنفسه عند عدمه ( قوله ويضمن ورق إلخ ) أي : حيث جرت العادة بأنه يجنى وينتفع به ا هـ ع ش ( قوله لا ما أخر إجارته إلخ ) وفاقا للمغني وشرح الروض وخلافا للنهاية ووافقه سم عبارته قوله إجارته وعمارته الوجه الضمان فيهما ؛ لأنه يلزمه حفظ المال ودفع متلفاته كالوديع ا هـ وقال ع ش قوله م ر حتى خرب قضيته أنه لو لم يخرب لا تلزمه الأجرة التي فوتها بعدم الإيجار والظاهر أنه ليس بقيد كما يؤخذ من كلام سم فيضمن وإن لم يخرب ومثل ذلك الناظر على الوقف ا هـ .
( قوله فهو كترك تلقيح النخل إلخ ) وفي سم بعد نقل ما يوافقه عن شرح الروض ما نصه وأقول بل الأوجه الضمان فيهما أي : في ترك الإجارة وترك العمارة بل ويتجه في ترك التلقيح مع الإمكان ا هـ عبارة ع ش أما لو غلب على الظن فساده عند عدم التلقيح اتجه الضمان ا هـ .
( قوله أن يضمن ) فاعل ينبغي ( قوله اليد ) أي المتعدية ( قوله لا يضمن من الثلاثي ) ببناء الفاعل فالضمير للولي أو ببناء المفعول فالضمير للموصول ( وقوله بترك سقيه ) متعلق بيضمن والضمير المجرور للموصول ( وقوله الشجر ) مفعول عد ( قوله واعترض إلخ ) الاعتراض أوجه ا هـ سم ( قوله بأنها ) أي الأشجار ( قوله وله بل ) إلى التنبيه في النهاية والمغني إلا قوله وسيأتي إلى قال ( قوله بذل شيء إلخ ) أي : وإن كان ما يبذله كثيرا بحيث يكون التفاوت بينه وبين ما يسترجعه من المظالم قليلا ا هـ ع ش ( قوله كما أفتى به إلخ ) معتمد ا هـ ع ش ( قوله أرض إلخ ) عبارة النهاية والمغني بياض أرض [ ص: 181 ] بستانه بأجرة وافية بمقدار منفعة الأرض وقيمة الثمر إلخ ا هـ قوله م ر وقيمة الثمر أي : وقت طلوعها وبيعها على ما جرت به العادة الغالبة فيه ا هـ ع ش ( قوله ثم يساقيه على شجره ) أي : يساقي الولي المستأجر على شجر البستان ا هـ كردي ( قوله ما يخاف فساده ) عبارة النهاية والمغني ما يسرع فساده ا هـ قال ع ش ظاهره وإن أمكن بيعه عاجلا قبل خشية فساده وينبغي خلافه حيث غلب على ظنه بيعه قبل ذلك بحسب العادة وعليه فلو أخلف فلا ضمان ؛ لأن فعله صدر بناء على المصلحة الظاهرة وهو كاف ا هـ .
وقوله وينبغي إلى قوله وعليه في السيد عمر ما يوافقه ( قوله والبهائم ) أي : التي لغير الصبي ا هـ ع ش ( قوله وردوه إلخ ) اعتمده المغني والنهاية أيضا عبارتهما قال الإسنوي ولا يركب الصبي البحر وإن غلبت سلامته كماله وفرق غيره بأنه إنما حرم ذلك في ماله لمنافاته غرض ولايته عليه في حفظه وتنميته بخلافه هو فيجوز أن يركبه البحر إذا غلبت السلامة كما يجوز إركاب نفسه والفرق أظهر والصواب كما قاله الأذرعي عدم تحريم إركاب البهائم والأرقاء والحامل عند غلبة السلامة خلافا للإسنوي في الجميع ا هـ .
( قوله في ذلك ) أي : في إركاب ماله البحر .
( قوله ولم يروا ) أي : لم ينظر الأصحاب ( قوله ويؤيد ذلك ) أي : الفرق بين نفس الصبي وماله ( قوله نظيره إلخ ) مفعول لم يشترطوا قول المتن ( دوره ) أي : الصبي ومثله المجنون والسفيه نهاية ومغني ( قوله مثلا ) أي ومساكنه ( قوله لقلة ) إلى قوله ويظهر في النهاية والمغني ( قوله نقضه ) بضم النون أي : ما انتقض من البنيان قول المتن ( والآجر ) هذا في البلاد التي يعز فيها وجود الحجارة فإن كان في بلد توجد الحجارة فيه فهي أولى من الآجر ؛ لأنها أكثر بقاء وأقل مؤنة نهاية ومغني ( قوله فالواو ) تفريع على ما يفيده لتعليل ( قوله هذا ) أي : ما ذكره من اشتراط كون البناء بالطين والآجر ( قوله ما عليه النص والجمهور ) وهو المعتمد ا هـ نهاية ( قوله عادة البلد ) الوجه جواز اتباعها عند المصلحة انتهى م ر انتهى سم على حج ومثله على منهج ويمكن حمل كلام الشارح م ر على ما إذا لم تقتض المصلحة الجري على عادة البلد فلا تنافي بين كلامه هنا وما نقله عنه سم ا هـ ع ش ( قوله وهو الأوجه إلخ ) عبارة المغني واختار كثير من الأصحاب جواز البناء على عادة البلد كيف كان واختاره الروياني واستحسنه الشاشي والقلب إليه أميل ا هـ أقول ولي به أسوة في ذلك بل يكاد أن يقطع به في بلد لا يتيسر فيها غير اللبن أو تكثر المؤن في غيره ولا يحتملها مال المولى فلو لم يرخص باعتبار العادة لأدى إلى تلف العقار وتعطله وهذا مما تأباه محاسن الشريعة وقواعد المذهب ا هـ سيد عمر .
( قوله دوره ) أي التي تهدم بعض جدرانها ا هـ ع ش ( قوله ليس كذلك ) عبارة المغني وليس مرادا وعبارة النهاية وكما يجوز بناء عقاره يجوز ابتداء بنائه له ا هـ أو يشتري له أرضا خالية من البناء ثم يحدثه فيها ا هـ ع ش ( قوله لكن إن ساوى إلخ ) الوجه جواز البناء إذا كانت المصلحة فيه وإن لم يساو مصرفه ا هـ سم ( قوله والشراء إلخ ) أي : والحال أن الشراء إلخ ( قوله واشتراط مساواته إلخ ) أي : فلا يشترط ذلك ا هـ ع ش عبارة البجيرمي فالمعتمد أنه ليس بشرط زيادي ا هـ .