( الذي ) لكثرة بره وسعة جوده فلذا أخر عن ذينك ( جلت ) عظمت ولاستقرار هذه الصلة في النفوس وإذعانها لها [ ص: 17 ] عدل لذلك عن الجليلة نعمه عن الإحصاء وإن كان صحيحا فاندفع ما قيل إنه إنما أتي بالموصول هنا لقاعدة هي أنه يتوصل بالذي لوصفه تعالى بما ثبت له ولم يرد به توقيف وكان قائله فهم أن هذا لا يؤدى إلا بوصف له تعالى وقد علمت تأديته بوصف النعم بما ذكر وهو لا يحتاج لتوقيف ( نعمه ) فيه إيهام أن سبب عدم حصرها جمعها المنافي { وإن تعدوا نعمة الله } أي تريدوا عد أو تشرعوا في عد كل فرد فرد من أفراد نعمه كما يعلم من أن مدلول العام كالمفرد المضاف هنا كلية { لا تحصوها } أي لا تحصروها فتعين أنه جمع نعمة بمعنى أنعام وجمعه لا إيهام فيه أي جلت أنعماته أي باعتبار كل أثر من آثارها عن أن تحد فيشمل القليل أيضا [ ص: 18 ] ومع هذا التعبير بنعمة موافقة للفظ الآية أولى ومن ثم أصلح في نسخة وكل نعمة وإن سلم حصرها هو باعتبار ذاتها لا متعلقاتها مع دوامها معاشا ومعادا وهي أي حقيقة كل ملائم تحمد عاقبته .
ومن ثم قالوا لا نعمة لله على كافر ، وإنما ملاذه استدراج فإن قلت هذا لا يوافق تفسير النعمة لغة من أنها مطلق الملائم وهو الموافق للاستعمال في أكثر النصوص فما حكمته قلت شأن المصطلحات العرفية مخالفتها للحقائق اللغوية وكونها أخص منها كالحمد والصلاة عرفا ويأتي في تفسير العبد ما يوضح ذلك وفائدتها هنا بيان ما هو نعمة بالحقيقة لا بالصورة التي اكتفى بها أهل اللغة والرزق أعم منها لأنه ما ينتفع به ولو حراما خلافا للمعتزلة ( عن الإحصاء ) بكسر أوله وبالمد أي الضبط وهو الحصر وفسر بالعد ، وهو الفعل فهو غير العدد في ( بالإعداد ) أي بكل فرد فرد منها لا بقيد القلة التي أوهمتها العبارة كما دل عليه الجمع المحلى بأل بقرينة المقام أي عظمت عن أن تحصر أو تعد بعدد كما دلت عليه الآية ومعنى { وأحصى كل شيء عددا } علمه من جهة العدد [ ص: 19 ] ومن أسمائه تعالى المحصي أي العالم أو القوي أو العاد أقوال نعم في الأخير إيهام أن علمه بكل شيء متوقف على عده ، وليس كذلك ( المان ) من المنة وهي النعمة مطلقا أو بقيد كونها ثقيلة مبتدأة من غير مقابل يوجبها فنعمه تعالى من محض فضله إذ لا يجب لأحد عليه شيء خلافا لزعم المعتزلة وجوب الأصلح عليه تعالى الله عن ذلك ( باللطف ) وهو ما يقع به صلاح العبد آخره ويساويه التوفيق الذي هو خلق قدرة الطاعة في العبد ماصدقا لا مفهوما ولعزته لم يذكر في القرآن إلا مرة في هود وليس منه إلا إحسانا وتوفيقا يوفق الله بينهما لأنهما من الوفاق الذي هو ضد الخلاف وقد يطلق التوفيق على أخص من ذلك .
ومن ثم قال المتكلمون اللطف ما يحمل المكلف على الطاعة ثم إن حمل على فعل المطلوب سمي توفيقا أو ترك القبيح سمي عصمة ، وصرح أهل السنة في بحث خلق الأفعال بأن لله تعالى لطفا لو فعله بالكفار لآمنوا اختيارا غير أنه لم يفعله وهو في فعله متفضل وفي تركه عادل ( والإرشاد ) أي الدلالة على سبيل الخير أو الإيصال إليها ( الهادي ) أي الدال أو الموصل ( إلى سبيل ) أي طريق ( الرشاد ) [ ص: 20 ] وهو كالرشد ضد الغي ومن أعظم طرقه وأفضلها التفقه فلذا أعقبه بقوله ( الموفق ) أي المقدر وهو جري على من يجيز غير التوقيفية إذا لو يوهم نقصا
حاشية ابن قاسم
( قوله الذي جلت نعمه ) اعلم أن لفظة الذي واقعة على الله تعالى وعبارة عنه فالتذكير فيها واجب وإن كانت صلتها سببية ولا يلزم من سببية صلتها وإسناد الفعل فيها إلى النعم أن الموصول كذلك وأنه واقع على النعم وقد توهم بعض الطلبة وجوب تأنيث الموصول هنا فيقال التي جلت نعمه وبعضهم جوز التأنيث وذلك خطأ واضح ولا يؤيد ما توهموه جاء رجل قائمة أمه لأن هذا نعت سببي نظير الصلة هنا بل نعتيته بالتأويل أي قائم الأم ( قوله فلذا أخر عن ذينك ) أي فإنه كالنتيجة لهما ( قوله ولاستقرار إلخ ) يتأمل هذا التوجيه وكون الجليلة نعمه لا يناسب المعدول له [ ص: 17 ] قوله عدل لذلك عن الجليلة نعمه ) فيه بحث لأن الجليلة نعمه من قبيل الموصول والصلة على قول ، ولأن استقرار هذه الصلة في النفوس لا يقتضي ترجيح طريق الموصولية .
غاية الأمر أنه يصححه والكلام في الترجيح لا في التصحيح فليتأمل ، وقد يوجه كلام المصنف بأنه أراد النعم الحادثة الواصلة لخلقه شيئا فشيئا فعبر بالفعل الدال على حدوث العظم المستلزم لحدوث النعم ووصولها ( قوله عن الجليلة نعمه ) أي والجليل النعم بالإضافة ( قوله المنافي ) ينبغي أنه نعت أن سبب إذ لا منافاة بين مجرد الجمع والآية فتأمله ( قوله باعتبار كل أثر من آثارها ) لقائل أن يقول إن أريد الإنعامات بالإمكان فهي نفسها لا تحصى من غير حاجة إلى اعتبار آثارها ضرورة عدم تناهيها وإن أريد الإنعامات بالفعل فهي وآثارها محصاة معدودة قطعا ضرورة أنها [ ص: 18 ] متناهية ضرورة أن كل ما دخل في الوجود متناه وكل متناه محصى معدود فليتأمل ( قوله وكل نعمة ) مبتدأ ( قوله تحمد عاقبته ) هذا يخرج الحرام ( قوله وكونها أخص ) إن أراد أنها قد تكون كذلك فكذلك أو أنها لا تكون إلا كذلك فممنوع يؤيد المنع أن الزكاة لغة لمعان كالنماء لا تصدق على المعنى المصطلح عليه أي القدر المخرج .
( قوله والرزق أعم ) قد يشكل على الأعمية أنه يتبادر أن نحو هلاك العدو نعمة لا رزق وقوله ولو حراما أي والحرام لا تحمد عاقبته ( قوله التي أوهمتها العبارة ) أي قبل التأمل وإلا فالصيغة مع أل للكثرة ( قوله ومعنى { وأحصى كل شيء عددا } إلخ ) لا يخفى أن المفهوم من قوله علمه من جهة العدد أن المعنى أنه [ ص: 19 ] علم عدده وهذا يقتضي أن الكلام في المتناهيات ويدل عليه لفظ الشيء لأنه عندنا هو الموجود .
قال الإمام في تفسيره ما نصه وأما قوله { وأحصى كل شيء عددا } فيدل على كونه عالما بجميع الموجودات فإن قيل إحصاء العدد إنما يكون في المتناهي ، وأما لفظة كل شيء فتدل على كونه غير متناه فيلزم وقوع التناقض في الآية قلنا لا شك أن إحصاء العدد إنما يكون في المتناهي ، وأما لفظة كل شيء فإنه لا يدل على كونه غير متناه لأن الشيء عندنا هو الموجودات والموجودات متناهية في العدد وهذه الآية أحد ما يحتج به على أن المعدوم ليس بشيء ، وذلك لأن المعدوم لو كان شيئا لكانت الأشياء غير متناهية وقوله { أحصى كل شيء عددا } يقتضي كون تلك المحصيات متناهية فيلزم الجمع بين كونها متناهية وغير متناهية ، وذلك محال يوجب القطع بأن المعدوم ليس بشيء حتى يندفع التناقض ، والله تعالى أعلم انتهى .
وحينئذ فلينظر ما موقع كلام الشيخ الشارح هذا أعني قوله ومعنى إلخ في هذا المحل فإنه إن أراد به دفع اعتراض يرد على قوله الذي جلت نعمه عن الإحصاء بالأعداد بأن يقال يرد عليه أن الله تعالى يعلم عدد الأشياء ومنها النعم فكان اللائق في دفعه أن يقول هكذا ولا يرد قوله وأحصى إلخ لأنه في الموجودات ، والمراد هنا بالنعم أعم .
وأما مجرد ما ذكره فلا يتجه منه الدفع فليتأمل ( قوله فنعمه تعالى [ ص: 20 ] إلخ ) إن كان هذا التفريع أيضا على الأول الشامل لما إذا كانت النعمة غير المبتدأة بل في مقابلة ما يوجبها فالمراد بالموجب حينئذ المقتضي بقضية الفضل فلا ينافي قوله إذ لا يجب إلخ ، وإن اختص بالثاني أشكل الأول حينئذ حيث اقتضى أنها ليست بمحض الفضل فليتأمل فإنه قد يمنع شمول الأول لغير المبتدأة بناء على أن قوله مبتدأة راجع للأول أيضا
حاشية الشرواني
( قول المتن الذي جلت نعمه ) اعلم أن لفظة الذي واقعة على الله تعالى وعبارة عنه فالتذكير فيها واجب وإن كانت صلتها سببية ولا يلزم من سببية صلتها وإسناد الفعل فيها إلى النعم أن الموصول واقع على النعم ، وقد توهم بعض الطلبة وجوب تأنيث الموصول هنا وبعضهم جوازه فيقال التي جلت نعمه ، وذلك خطأ واضح سم ( قوله لكثرة بره ) متعلق بقول المصنف جلت المتضمن لمعنى امتنعت ليصح تعلق قوله عن الإحصاء به كردي ( قوله فلذا أخر عن ذينك ) أي فإنه كالنتيجة لهما سم أي للبر والجواد ( قوله ولاستقرار هذه الصلة إلخ ) يتأمل هذا التوجيه وكون [ ص: 17 ] الجليلة نعمه لا يناسب المعدول له سم ( قوله عدل إلخ ) فيه بحث ؛ لأن الجليلة نعمه من قبيل الموصول والصلة على قول ، ولأن استقرار هذه الصلة في النفوس لا تقتضي ترجيح طريق الموصولية غاية الأمر أنه يصححه ، والكلام في الترجيح لا في التصحيح فليتأمل .
وقد يوجه كلام المصنف بأنه أراد النعم الحادثة الواصلة لخلقه شيئا فشيئا فعبر بالفعل الدال على حدوث العظم المستلزم لحدوث النعم ووصولها سم ، ودفع الكردي قول سم ولأن استقرار إلخ بما نصه قوله عدل لذلك اللام بمعنى إلى أي عدل إلى تركيب الذي جلت إلخ عن تركيب الجليلة إلخ لأن استقرار الفعلية أقوى من الاسمية ا هـ .
( قوله عن الجليلة نعمه ) أي والجليل النعم بالإضافة سم ( قوله بما ثبت له ) وهو هنا جلالة نعمه عن الإحصاء ( قوله ولم يرد به ) أي بوصفه تعالى بذلك ( قوله إن هذا ) أي ثبوت جلالة النعم عن الإحصاء له تعالى وقال الكردي أي ثبوت معنى جلت له تعالى ا هـ ( قوله لا يؤدى ) ببناء المفعول ( قوله إلا بوصف له ) أي بجعله وصفا وحالا له تعالى كردي ( قوله وقد علمت إلخ ) جملة حالية في معنى التعليل أي وليس كما فهم ؛ لأنك قد علمت إلخ أي من قولنا وإن كان صحيحا ، ويصح كون علمت ببناء المفعول أيضا ( قوله بوصف النعم بما ذكر ) أي بجعل الجلالة صفة للنعم وإسنادها إليها ( قوله وهو إلخ ) أي وصف النعم بما ذكر قول المتن ( نعمه ) جمع نعمة بكسر النون بمعنى إنعام وهو الإحسان . وأما النعمة بفتح النون فهي التنعم وبضمها المسرة
نهاية زاد المغني وفي بعض النسخ نعمته بالإفراد وهو الموافق لقوله تعالى { وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها } وأبلغ في المعنى ا هـ قال الرشيدي قوله م ر بمعنى إنعام لم يبقه على ظاهره لما فيه من إيهام أن سبب عدم حصرها جمعها فينافي صريحا { وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها } المقتضى انتفاء الإحصاء عن كل فرد فرد من النعم أي باعتبار المتعلقات فالحمد على الإنعام وإن أوهم أن عدم الإحصاء بسبب جمعيته أيضا إلا أنه ليس فيه منافاة صريحة للآية ، وهذا ما أشار إليه الشهاب ابن حجر ا هـ .
( قوله المنافي ) ينبغي أنه نعت أن سبب إلخ إذ لا منافاة بين مجرد الجمع والآية فتأمله سم ( قوله من أفراد نعمه ) أي إنعاماته ، وإنما عبر بالجمع تقريبا لتعبير المصنف مما في الآية وإلا فكان الظاهر أن يقول من أفراد نعمته بالإفراد ( قوله كما يعلم إلخ ) علة لحمل الآية على الاستغراق ( قوله كالمفرد المضاف هنا ) أي نعمة الله وهو مثال للعام ( قوله كلية ) أي الحكم على كل فرد فرد ( قوله فتعين ) أي لدفع الإيهام أنه جمع نعمة بفتح النون بمعنى إنعام والنعمة بالكسر أثرها كردي ( قوله لدفع الإيهام ) الأولى لدفع المنافاة وقوله بفتح إلخ مخالف لما مر آنفا عن المغني والنهاية ( قوله وجمعه ) أي لفظ نعمه بهذا المعنى .
وقوله لا إيهام فيه فيه توقف ولو قال لا منافاة فيه لظهر ( قوله أي جلت إنعاماته أي إلخ ) تفسير للمتن على ما قرره بقوله فتعين وفي المعنى علة لنفي الإيهام بل لنفي المنافاة كما مر ( قوله باعتبار كل أثر من آثارها ) لقائل أن يقول إن أريد الإنعامات بالإمكان فهي نفسها لا تحصى من غير حاجة إلى اعتبار آثارها ضرورة عدم تناهيها ، وإن أريد الإنعامات بالفعل فهي وآثارها محصاة معدودة قطعا ضرورة أنها متناهية ضرورة أن كل ما دخل في الوجود متناه وكل متناه محصى معدود فليتأمل سم وأجاب ع ش بأن كلام الشارح في إحصاء الآثار وآثار إنعاماته تعالى وإن كانت محصاة في نفس الأمر لكن لا قدرة للبشر على عدها وإحصائها ا هـ .
( قوله فتشمل إلخ ) متفرع على اعتبار أثر الإنعام يعني لما كان قوله نعمه بمعنى الإنعامات ، وكان عدم إحصائها باعتبار كل فرد من آثارها فيشمل ذلك [ ص: 18 ] القول قليل الإنعامات كما يشمل جميعها كردي ( قوله ومع هذا ) أي التوجيه الدافع للإيهام بل للمنافاة ( قوله موافقة ) مفعول له لقوله أولى أو حال من نعمته وقوله أولى خبر لتعبير ( قوله أصلح ) أي المصنف ، ويحتمل أنه ببناء المفعول فالمصلح غيره ( قوله وكل نعمة ) مبتدأ سم أي بمعنى الإنعام عبارة الكردي هو جواب سؤال ، كأن قائلا يقول إن الفرد لا يكون إلا محصورا فكيف يقال كل فرد ممتنع عن الإحصاء ا هـ .
( قوله وإن سلم حصرها ) لعل الواو حالية لا غائية ( قوله هو إلخ ) أي الحصر ( قوله مع دوامها ) أي متعلقاتها ( قوله وهي ) أي النعمة وقوله أي حقيقة أي بمعنى الأثر الحاصل بالإنعام ع ش ( قوله كل ملائم إلخ ) الأولى حذف لفظة كل ( قوله تحمد عاقبته ) فهذا يخرج الحرام سم وكذا يخرج المكروه ( قوله فما حكمته ) أي المخالفة بالتقييد بتحمد عاقبته ( قوله شأن المصطلحات ) أي الغالب فيها ( قوله وكونها إلخ ) عطف تفسير لقوله مخالفتها إلخ كردي ( قوله أخص منها ) إن أراد أنها قد تكون كذلك أي فمسلم أو أنها لا تكون إلا كذلك فممنوع يؤيد المنع أن الزكاة لغة لمعان كالنماء لا تصدق على المعنى المصطلح عليه أي القدر المخرج سم ومر أن معنى الغلبة هو المراد هنا فلا اعتراض ( قوله وفائدتها ) أي المخالفة ورجح الكردي التمييز إلى المصطلحات ا هـ .
( قوله والرزق أعم ) قد يشكل على الأعمية أنه يتبادر أن نحو هلاك العدو نعمة لا رزق وقوله ولو حراما أي والحرام لا تحمد عاقبته سم وقد يمنع قوله لا رزق ولو سلم فيحمل العموم على الوجهي كما ترجاه البصري ( قوله وهو الحصر ) أي الإحاطة ( قوله وفسر ) أي الإحصاء قول المتن ( بالأعداد ) بفتح الهمزة جمع عدد مغني زاد النهاية والباء للاستعانة أو المصاحبة ( قوله لا بقيد القلة إلخ ) عبارة المغني والنهاية فإن قيل الأعداد جمع قلة والشيء قد لا يضبطه العدد القليل ويضبطه الكثير ولذا قيل لو عبر بالتعداد الذي هو مصدر عد لكان أولى أجيب بأن جمع القلة المحلى بالألف واللام يفيد العموم ا هـ .
أي : لأن أل إذا دخلت على الجمع أبطلت منه معنى الجمعية وصيرت أفراده آحادا على الصحيح رشيدي ( قوله التي أوهمتها العبارة ) أي قبل التأمل وإلا فالصيغة مع أل للكثرة سم ( قوله كما دل عليه ) أي على استغراق جميع الأفراد الجمع المحلى بأل أي كما صرحوا بأن الحكم إن لم يكن على الماهية من حيث هي بل من حيث الوجود ولم يكن قرينة البعضية ، وكان المقام خطابيا يحمل على الاستغراق لئلا يلزم الترجيح بلا مرجح عبد الحكيم على المطول ( قوله بقرينة المقام ) أي لما اتفق عليه المحققون من أن اللام موضوع للجنس والقول بأنه موضوع للاستغراق وهم فإنه إنما يستفاد بمعونة القرائن عبد الحكيم وبه يندفع قول ع ش أن المعرف باللام مفردا كان أو جمعا للاستغراق إن لم يتحقق عهد فإفادتها للاستغراق وضعي لا يتوقف على قرينة فقول ابن حجر بقرينة المقام فيه نظر ا هـ .
( قوله أي عظمت عن أن تحصر إلخ ) ونعم الله تعالى وإن كانت لا تحصى تنحصر في جنسين دنيوي وأخروي ، والأول قسمان موهبي وكسبي والموهبي قسمان روحاني كنفخ الروح فيه وإشرافه بالعقل وما يتبعه من القوى كالفكر والفهم والنطق وجسماني كتحليق البدن والقوى الحالة فيه والهيئات العارضة له من الصحة وكمال الأعضاء ، والكسبي تزكية النفس عن الرذائل وتحليتها بالأخلاق والملكات الفاضلة وتزين البدن بالهيئات المطبوعة والحلي المستحسنة وحصول الجاه والمال والثاني أي الأخروي أن يعفو عما فرط منه ويرضى عنه ويبوئه في أعلى عليين مع الملائكة المقربين نهاية ( قوله كما تدل عليه الآية ) أي المتقدمة في شرح نعمه ( قوله ومعنى وأحصى كل شيء عددا إلخ ) لا يخفى أن المفهوم من قوله علمه من جهة [ ص: 19 ] العدد أن المعنى أنه علم عدده وهذا يقتضي أن الكلام في المتناهيات ويدل عليه لفظ الشيء لأنه عندنا هو الموجودات كما صرح بذلك الإمام في تفسيره وحينئذ فلينظر ما موقع كلامه هذا في هذا المحل فإنه إن أراد به دفع اعتراض يرد على قول المصنف الذي جلت نعمه إلخ بأن يقال يرد عليه أن الله تعالى يعلم عدد الأشياء ، ومنها النعم كان اللائق في دفعه أن يقول هكذا ولا يرد قوله وأحصى إلخ ؛ لأنه في الموجودات والمراد هنا بالنعم أعم .
وأما مجرد ما ذكره فلا يتجه منه الدفع فليتأمل سم بحذف وأشار الكردي إلى دفع اعتراض سم بما نصه قوله ومعنى أحصى إلخ هذا جواب عما يقال كيف عظمت عن أن تعد بدليل تلك الآية وهذه الآية صريحة في أنها تعد لأنه تعالى عاد لكل شيء ومن الأشياء النعم فأجاب بأن معنى الإحصاء فيها العلم من حيث العدد ولا يلزم من العلم من تلك الحيثية العد ا هـ .
ولك أن تقول ولو سلمنا أن المراد بما في الآية الثانية العد فلا منافاة أيضا ؛ لأن المراد بما في المتن عد الخلق كما مر عن ع ش ( قوله ومن أسمائه تعالى إلخ ) تقوية لهذا المعنى كردي ( قوله أقوال ) أي هذه التفاسير الثلاثة أقوال لكل منها قائل ( قوله نعم في الأخير إيهام ) قد يتوقف في هذا الإيهام بصري والإيهام ظاهر لا مجال لإنكاره ( قوله مطلقا ) أي ثقيلة كانت أو لا ( قوله مبتدأة إلخ ) حال من النعمة بقسميه أي حال كون النعمة الثقيلة وغيرها مبتدأة إلخ فيصح التفريع الآتي كردي أي فيسقط ما لسم هنا من استشكاله ( قوله أخرة ) بفتح الهمزة والخاء والراء في شرح اللب أي آخر عمره البصري عبارة ع ش أي في آخر أمره وهو بوزن درجة ويظهر أنه ظرف لصلاح إلخ ، وقال الكردي ليقع ا هـ .
( قوله ويساويه إلخ ) عبارة المغني عقب المتن بضم اللام وسكون الطاء أي الرأفة والرفق وهو من الله تعالى التوفيق والعصمة بأن يخلق قدرة الطاعة في العبد قال المصنف في شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وفتحهما لغة فيه .
( فائدة ) قال السهيلي لما جاء البشير إلى يعقوب أعطاه في البشارة كلمات يرويها عن أبيه عن جده عليهم الصلاة والسلام وهي يا لطيفا فوق كل لطيف الطف بي في أموري كلها كما أحب ورضني في دنياي وآخرتي ا هـ .
( قوله خلق قدرة الطاعة إلخ ) أي سواء كانت فعل مطلوب أو ترك معصية ع ش ( قوله ولعزته ) أي ندرة التوفيق في الإنسان كردي ( قوله إلا مرة في هود ) أي في قوله تعالى { وما توفيقي إلا بالله } في الحديث { لا يتوفق عبد حتى يوفقه الله تعالى } وفي أوائل الإحياء أن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال { قليل من التوفيق خير من كثير من العلم } نهاية أي الخالي عن التوفيق ع ش ( قوله وليس منه ) أي من التوفيق بالمعنى المذكور ( قوله : لأنهما ) أي الآيتين الأخيرتين نهاية ( قوله من ذلك ) أي من اللطف أو من معنى التوفيق المتقدم في قوله الذي هو إلخ ( قوله على الطاعة ) أي سواء كانت فعل مطلوب أو ترك معصية ( قوله وصرح أهل السنة ) أي أئمتهم وعلماؤهم ( قوله لطفا ) أي نوعا من اللطف ( قوله أو الإيصال إليها ) أي إلى سبيل الخير وهو من عطف الخاص واستحسن الرشيدي حمل الإرشاد على معنى الإيصال والهادي على معنى الدال فرارا عن التكرار [ ص: 20 ] وقد يجاب بأن المقام مقام الإطناب ولا يعاب فيه بتكرر نحو الألفاظ المترادفة ( قوله كالرشد ) بضم الراء وسكون الشين بفتحهما نهاية ومغني .
( قوله ضد الغي ) وهو الهدى والاستقامة وهداية الله تعالى تتنوع أنواعا لا يحصيها عد لكنها تنحصر في أجناس مترتبة الأول إفاضة القوى التي يتمكن بها من الاهتداء إلى مصالحه كالقوة العقلية والحواس الباطنة والثاني نصب الدلائل الفارقة بين الحق والباطل والصلاح والفساد ، والثالث الهداية بإرسال الرسل وإنزال الكتب ، والرابع أن يكشف على قلوبهم السرائر ويريهم الأشياء كما هي بالوحي أو الإلهام أو المنامات الصادقة وهذا قسم يختص بنيله الأنبياء والأولياء نهاية قال الرشيدي لا يظهر ترتب الرابع على ما قبيله ؛ لأنه قسم برأسه ، وإنما يظهر ترتبه على الأول فلعل قوله مترتبة أي في الجملة ا هـ .
( قوله أعقبه ) كذا في النسخة المقابلة على أصل الشارح رحمه الله تعالى مرارا من التعقيب وفي بعض النسخ أعقبه من الأفعال ولعله من تحريف الناسخ ( قوله أي المقدر ) من الأقدار بمعنى خلق القدرة ( قوله وهو ) أي إطلاق الموفق على الله تعالى ( قوله على من إلخ ) أي على مذهب من إلخ ( قوله إذا لم توهم ) أي الصفة الغير التوقيفية