( ويستثنى ) من عكس الضابط السابق وهو أن كل من لا تصح منه المباشرة لا يصح منه التوكيل ( توكيل الأعمى في البيع والشراء ) وغيرهما مما يتوقف على الرؤية ( فيصح ) وإن لم يقدر على مباشرته للضرورة ونازع الزركشي في استثنائه بأنه يصح بيعه في الجملة وهو السلم وشراؤه لنفسه إذ الشرط صحة المباشرة في الجملة ومن ثم لو ورث بصير عينا لم يرها صح توكيله في بيعها مع عدم صحته منه ولك رده بأن الكلام في بيع الأعيان وهو لا يصح منه مطلقا وفي الشراء الحقيقي وشراؤه لنفسه ليس كذلك بل هو عقد عتاقة فصح الاستثناء ومسألة البصير المذكورة ملحقة بمسألة الأعمى لكن يأتي في الوكيل عن المصنف ما يؤيد ما ذكره الزركشي وبه يسقط أكثر المستثنيات الآتية ويضم للأعمى في الاستثناء من العكس المحرم [ ص: 297 ] في الصور الثلاث السابقة وتوكيل المشتري البائع في أن يوكل من يقبض المبيع منه عنه مع استحالة مباشرته القبض من نفسه والمستحق في نحو قود الطرف مع أنه لا يباشره والوكيل في التوكيل ومالكة أمة لوليها في تزويجها ويستثنى من طرده ، وهو أن كل من صحت مباشرته بملك أو ولاية صح توكيله ولي غير مجبر نهته عنه فلا يوكل وظافر بحقه فلا يوكل في نحو كسر باب وأخذه وإن عجز كما اقتضاه إطلاقهم ويوجه بأن هذا على خلاف الأصل فلم يتوسع فيه والتوكيل في الإقرار وتوكيل وكيل قادر بناء على شمول الولاية للوكالة وسفيه أذن له في النكاح ومثله العبد في ذلك .
قاله ابن الرفعة والتوكيل في تعيين أو تبيين مبهمة واختيار أربع إلا أن يعين له عين امرأة وتوكيل مسلم كافرا في استيفاء قود من مسلم أو نكاح مسلمة ورجحا في توكيل المرتد لغيره في تصرف مالي الوقف واعترضا وفي الروضة يجوز توكيل مستحق أي ما دام في البلد [ ص: 298 ] إن لم يملكها لانحصاره وإلا فمطلقا كما يعلم مما يأتي في بابها في قبض زكاة له وقيده الزركشي نقلا عن القفال بما إذا كان الوكيل ممن لا يستحقها وفيه نظر لما يأتي أنه يجوز التوكيل في تملك المباحات مع أن للوكيل أن يتملكها لنفسه فإذا صرفه عنها للموكل ملكه فكذلك هنا يملك الموكل غير المحصور بقبض وكيله إن نوى الدافع والوكيل الموكل أو نواه الوكيل ولم ينو الدافع شيئا فإن قصد نفسه وهو مستحق والدافع موكله فالذي يظهر أنه لا يملكه واحد منهما أما الوكيل فلأن المالك قصد غيره والعبرة بقصده لا بقصد الآخذ وأما الموكل فلانعزال وكيله بقصده الأخذ لنفسه وإن قصده الدافع ولم يقصد الوكيل شيئا ملكه أو قصد موكله لم يملكه واحد منهما هنا فيما يظهر أيضا لأن الوكيل بقصده الموكل صرف القبض عن نفسه فلم تؤثر نية الدافع وإنما يعتبر قصده حيث لم يصرفه الآخذ عن نفسه كما هو ظاهر ولأن الموكل صرف المالك الدفع عنه بقصده الوكيل فلم يقع للموكل ولو عارض لفظ أحدهما أو تعيينه قصد الآخر تأتى في الملك نظير ما تقرر في معارضة القصدين
حاشية ابن قاسم
( قوله وهو أن كل إلخ ) الضمير راجع للعكس ش ( قوله ولك رده بأن الكلام في بيع الأعيان إلخ ) فيه نظر بل الكلام في أعم من البيع ومن بيع الأعيان إلا أن يريد بالكلام ما ذكره في الأعمى لكن هذا لا يناسب قوله وغيرهما مما يتوقف على الرؤية ثم قد يقال لا حاجة في مسألة البصير المذكورة إلى الإلحاق المذكور لأن توقف صحة تصرف [ ص: 297 ] الوارث على رؤيتها لا ينفي اتصافه بصحة مباشرته التصرف تأمل ( قوله ويستثنى من طرده وهو ) أي الطرد ( أن كل إلخ ) إن قيل لا حاجة للاستثناء لأن الشرط لا يلزم من وجوده الوجود فلا يلزم من أن شرط الموكل صحة مباشرته ما وكل فيه أن كل من صحت مباشرته صح توكيله حتى يحتاج لاستثناء المذكورات قلت ذكر شرط الموكل في مقام ضبطه وبيان من يصح توكيله ومن لا يصح يقتضي أن المذكور هو جملة ما يشترط فيه وأنه مضبوط بمن وجد فيه ذلك وذلك يوجب للاحتياج إلى الاستثناء وكذا ما يأتي في الوكيل وأيضا فالقاعدة الأصولية أن أل محمولة على العموم حيث لا عهد وأن المضاف لمعرفة للعموم أي حيث لا عهد ولا عهد هنا فقوله شرط الموكل صحة مباشرته إلخ للعموم أي كل شرط لكل موكل فيحتاج للاستثناء وقد يستدل أيضا على أن المراد الضبط بقول المصنف ويستثنى إلخ إذ لو أراد مجرد بيان هذا الشرط لم يحتج لذلك ويرد بأن هذا استثناء من العكس وهو محتاج إليه على تقدير إرادة مجرد بيان هذا الشرط إذ الشرط يلزم من عدمه العدم فلا يدل على إرادة الضبط فليتأمل ( قوله والتوكيل في الإقرار ) هل يصدق هنا بملك أو ولاية ( قوله ورجحا في توكيل المرتد لغيره في تصرف مالي الوقف ) خالفهما في الروض فجزم بالبطلان م ر وأما توكل المرتد في التصرف عن غيره فهو صحيح عنده وعندهما كغيرهما وسيأتي وعبارة الروض وتوكيل المرتد كتصرفه قال في شرحه فلا يصح ثم قال في الروض ولو وكله أي المرتد أحد صح تصرفه ا هـ قال في شرحه وفهم منه بالأولى ما صرح به أصله من أنه لو ارتد الوكيل لم يؤثر في التوكيل ا هـ وقال فيما تقدم وأفهم كلام المصنف ما اقتضاه كلام أصله من أنه لو ارتد الموكل لم يؤثر في التوكيل بل يوقف كملكه بأن يوقف [ ص: 298 ] استمراره لكن جزم ابن الرفعة في المطلب بأن ارتداده عزل وليس بظاهر ا هـ ( قوله لانحصاره ) تعليل ليملكها ش ( قوله إن نوى الدافع والوكيل الموكل إلخ ) سكت عما لو قصد الدافع الموكل ولم يقصد الوكيل شيئا وما لو لم يقصد واحد منهما أحدا والوجه في الثانية ملك الوكيل وفي الأولى ملك الموكل ( قوله وإن قصده ) أي قصد الوكيل لا الموكل وإلا لم يصح قوله أو قصد موكله لم يملكه واحد منهما فتأمله
حاشية الشرواني
( قوله من عكس الضابط ) أي من مفهومه وهو إلى قوله واعترضا في النهاية إلا قوله وإن عجز إلى والتوكيل في الإقرار ( قوله وهو ) أي العكس ش ا هـ سم ( قوله مما يتوقف على الرؤية ) كالإجارة والأخذ بالشفعة نهاية ومغني ( قوله ونازع الزركشي إلخ ) صححه المغني ( قوله لنفسه ) الأولى إسقاط اللام ( قوله إذ الشرط إلخ ) الأولى فالشرط إلخ ( قوله ومن ثم ) أي من أجل أن الشرط صحة المباشرة في الجملة ( قوله رده ) أي نزاع الزركشي ( قوله بأن الكلام إلخ ) فيه نظر بل الكلام في : أعم من البيع ومن بيع الأعيان إلا أن يريد بالكلام ما ذكره في الأعمى لكن هذا لا يناسبه قوله وغيرهما مما يتوقف على الرؤية سم على حج ا هـ ع ش .
( قوله وفي الشراء الحقيقي ) عطف على قوله في بيع الأعيان ( قوله منه ) أي الأعمى وكذا ضمير شراؤه ( قوله ومسألة البصير ) عطف على الكلام إلخ ( قوله ملحقة إلخ ) أي فهي مستثناة أيضا ا هـ ع ش ( قوله لكن يأتي إلخ ) الآتي هو قوله أشار المصنف في مسألة طلاق الكافر للمسلمة فإنه يصح طلاقه في الجملة إلخ ا هـ ع ش ( قوله في الوكيل ) أي في شروطه ( قوله ما ذكره الزركشي ) أي من أنه لا استثناء لأن توكيل الأعمى فيما ذكر داخل في طرد الضابط ومنطوقه ( قوله وبه يسقط إلخ ) أي بما ذكره الزركشي ( قوله الآتية ) أي آنفا ( قوله ويضم ) إلى قوله ويستثنى في المغني .
[ ص: 297 ] قوله في الصور الثلاثة إلخ ) هي قوله أما إذا وكله ليعقد عنه إلخ ا هـ ع ش ( قوله وتوكيل المشتري إلخ ) أي وعكسه عبارة المغني وتوكيل المشتري بإذن البائع من يقبض الثمن منه مع أنه يمتنع قبضه من نفسه ا هـ .
( وقوله والمستحق إلخ ) و ( قوله والوكيل إلخ ) و ( قوله ومالكة أمة إلخ ) عطف على قوله المشتري إلخ ( قوله منه عنه ) أي من البائع عن جهة المشتري ولأجله ( قوله في نحو قود إلخ ) عبارة المغني لقطع طرف أو لحد قذف ا هـ .
( قوله ويستثنى ) إلى قوله ورجحا في المغني إلا قوله وإن عجز إلى وتوكيل مسلم وقوله ومثله إلى والتوكيل ( قوله من طرده إلخ ) إن قيل لا حاجة للاستثناء لأن الشرط لا يلزم من وجوده الوجود فلا يلزم من أن شرط الموكل صحة مباشرته ما وكل فيه أن كل من صحت مباشرته صح توكيله حتى يحتاج لاستثناء المذكورات قلت ذكر شرط الموكل في مقام ضبطه وبيان من يصح توكيله ومن لا يصح يقتضي أن المذكور هو جملة ما يشترط فيه وأنه مضبوط بمن وجد فيه ذلك وذلك يوجب الاحتياج للاستثناء وكذا ما يأتي في الوكيل وأيضا فالقاعدة الأصولية أن أل محمولة على العموم حيث لا عهد وأن المضاف لمعرفة للعموم أي حيث لا عهد ولا عهد هنا فقوله شرط الموكل صحة مباشرته إلخ للعموم أي كل شرط لكل موكل فيحتاج للاستثناء سم وسيد عمر .
( قوله وهو ) أي الطرد ا هـ سم ( قوله ولي غير مجبر ) بالتوصيف نائب فاعل يستثنى ( قوله نهته عنه ) أي أذنت له موليته في النكاح ونهته عن التوكيل ا هـ مغني ( قوله وظافر إلخ ) وقوله والتوكيل في الإقرار وقوله وتوكيل وكيل وقوله وسفيه وقوله والتوكيل في تعيين إلخ وقوله وتوكيل مسلم إلخ عطف على قوله ولي إلخ ( قوله كما اقتضاه إطلاقهم ) عبارة النهاية والمغني كما صرح به جمع ويحتمل جوازه عند عجزه ا هـ أقول وهو متجه والله أعلم ثم رأيت ابن عبد الحق في حاشية المحلي قال وهو متجه انتهى ا هـ سيد عمر ( قوله بناء على شمول الولاية للوكالة ) أي وإلا فلا حاجة إلى استثنائه وتقدم له في شرح فلا يصح توكيل صبي إلخ أنه ليس بمالك ولا ولي ا هـ سيد عمر ( قوله شمول الولاية للوكالة ) أي بأن يراد بالولاية في المتن التسليط من جهة الشارع ( قوله وسفيه إلخ ) عطف على وكيل ( قوله والتوكيل في تعيين إلخ ) والتوكيل في رد المغصوب والمسروق مع قدرته على الرد بنفسه لا يجوز كما قاله الشيخ عز الدين بن عبد السلام ا هـ مغني ( قوله ورجحا [ ص: 298 ] إلخ ) خالفهما في الروض فجزم بالبطلان وأما توكل المرتد في التصرف عن غيره فهو صحيح عنده وعندهما كغيرهما وسيأتي ا هـ سم عبارة النهاية وذكرا في توكيل المرتد لغيره في تصرف مالي الوقف وجزم ابن المقري ببطلانه واستوجهه الشيخ رحمه الله في فتاويه ا هـ قال ع ش قوله م ر واستوجهه أي البطلان معتمد ويؤيده أن ما يقبل الوقف هو الذي يصح تعليقه وذلك منتف في الوكالة ا هـ .
( قوله الوقف ) مفعول رجحا أي رجحا موقوفية توكيل المرتد كموقوفية ملكه ا هـ كردي ( قوله إن لم يملكها ) أي الزكاة ( قوله لانحصاره ) أي المستحق تعليل ليملكها ش ا هـ سم ( قوله وإلا ) أي وإن ملكها لانحصاره ( قوله فمطلقا ) أي فيجوز توكيله دام في البلد أو لا ( قوله في قبض زكاة له ) متعلق بتوكيل مستحق ( قوله وقيده ) أي الجواز ( قوله فإذا صرفه عنها ) أي صرف التملك عن نفسه ( قوله وإن قصده ) أي قصد الوكيل ( ولم يقصد الوكيل شيئا ) أي أو قصد نفسه كما هو واضح ولعله تركه لوضوحه ا هـ سيد عمر ( قوله أو قصد ) أي الوكيل ( قوله لم يملكه إلخ ) سكت عما لو قصد الدافع الموكل ولم يقصده الوكيل شيئا وما لو لم يقصد واحد منهما أحدا والوجه في الثانية ملك الوكيل وفي الأولى ملك الموكل سم وسيد عمر ( قوله لم يملكه واحد منهما ) محل تأمل لأن العبرة في أداء الدين بقصد الدافع المؤدى وإن قصد الدائن أخذه على سبيل التبرع مع أن حقوق الآدميين مبنية على المضايقة ا هـ سيد عمر ولك دفعه بأنه فرق بين صرف الآخذ عن نفسه بالكلية وبين صرفه عن الجهة التي قصدها الدافع ( قوله ولأن الموكل إلخ ) الأولى إسقاط اللام ( قوله صرف المالك الدفع ) فعل ففاعل فمفعول ( عنه ) أي الموكل ( بقصده ) أي المالك ( قوله لفظ أحدهما ) أي الدافع والوكيل وبقي ما لو وجد لفظ أو تعيين فقط من أحدهما ولم يوجد من الآخر شيء من الثلاثة ولعل الملك فيه نظير ما تقرر في وجود قصد من أحدهما دون الآخر فليراجع ( قوله أو تعيينه ) لعل المراد التعيين بغير اللفظ كالإشارة ا هـ سيد عمر .