( ولو قال وكلتك ) في كذا ( ومتى ) أو مهما ( عزلتك فأنت وكيلي صحت ) الوكالة ( في الحال في الأصح ) لأنه نجزها وللخلاف هنا شروط لا حاجة لنا بذكرها فمتى انتفى واحد منها صحت قطعا ( وفي عوده وكيلا بعد العزل الوجهان في تعليقها ) لأنه علقها ثانيا بالعزل والأصح عدم العود لفساد التعليق وقضيته أنه يعود له الإذن العام فينفذ تصرفه وهو كذلك فطريقه أن [ ص: 313 ] يقول عزلتك عزلتك أو متى أو مهما عدت وكيلي فأنت معزول لأنه ليس هنا ما يقتضي التكرار ومن ثم لو أتى بكلما عزلتك فأنت وكيلي عاد مطلقا لاقتضائها التكرار فطريقه أو يوكل من يعزله أو يقول وكلما وكلتك فأنت معزول فإن قال وكلما انعزلت فطريقه وكلما عدت وكيلي لتقاوم التعليقين واعتضد العزل بالأصل وهو الحجر في حق الغير فقدم وليس هذا من التعليق قبل الملك خلافا للسبكي لأنه ملك أصل التعليقين ( ويجريان في تعليق العزل ) بنحو طلوع الشمس والأصح عدم صحته فلا ينعزل بطلوعها وحينئذ فينفذ التصرف على ما اقتضاه كلامهم لكن أطال جمع في استشكاله بأنه كيف ينفذ مع منع المالك منه وتخلص عنه بعضهم بأنه لا يلزم من عدم العزل نفوذ التصرف ولا رفع الوكالة بل قد تبقى ولا ينفذ كما لو نجزها وشرط للتصرف شرطا وأخذ بعضهم بقضية ذلك فجزم بعدم نفوذ التصرف وقد يجاب بأنا لا نسلم أن المنع مفيد إلا لو صحت الصيغة الدالة عليه ونحن قد قررنا بطلان هذه المعلقة فعملنا بأصل بقاء الوكالة إذ لم يوجد له رافع صحيح وحينئذ اتضح نفوذ التصرف عملا بالأصل المذكور فتأمله .
( فرع ) وكله في قبض دينه فتعوض عنه غير جنس حقه [ ص: 314 ] بشرطه فإن كان الموكل قال له وكالة مفوضة أو مطلقة صح كما قاله بعضهم وكأنه تجوز بالقبض عن براءة ذمة المدين وإنما قدرنا ذلك لئلا يلزم إلغاء مفوضة أو مطلقة والعقود تصان عن ذلك ما أمكن ولو وكل اثنين في عتق عبد فقال أحدهما هذا وقال الآخر حر عتق بناء على الأصح أن الكلام لا يشترط صدوره من ناطق واحد وقول بعضهم يشترط مردود بأن هذا لم يحفظ عن نحوي بل عن بعض الأصوليين وبأن كلا من المصطلحين لم يتكلم بلغو بل اتكل على نطق الآخر بالأخرى وبه يعلم أن ما نطق به كل له دخل في العتق لأنه شرط للآخر ومشروط له فلا سابق منهما حتى يترتب عليه العتق هذا ما أشار إليه الإسنوي وغيره ولك أن تقول إن نظر إلى أن كلام كل مقدر ومنوي في صحة كلام الآخر فهما في حكم جملتين فلا يتفرع ذلك على اشتراط اتحاد الناطق ولا عدمه وحينئذ فالعتق إنما وقع بالثاني لا غير وإن لم ينظر لذلك فكل تكلم بلغو لأن مدار الكلام على الإسناد وهو إيقاع النسبة أو انتزاعها وذلك الإيقاع لا يتصور تجزيه حتى ينقسم عليهما وبهذا يعلم أن اشتراط اتحاد الناطق هو التحقيق وزعم أنه لم يحفظ عن نحوي ممنوع فإن قلت أي النظرين أصوب قلت الأول لأن اللفظ حيث أمكن تصحيحه لم يجز إلغاؤه وهنا أمكن تصحيح العتق بسبق كلام الأول لكن قضية قولهم لو قال طالق لم يقع به شيء وإن نوى لفظ أنت ينازع في ذلك إلا أن يفرق بأن أنت ثم لم يدل على إضماره لفظ سبقه كطلقها فتمحضت النية فيه وهي وحدها لا تأثير لها في اللفظ المحذوف لضعفها ولا كذلك حر هنا فإنه قد دل عليه لفظ سبقه فلم تتمحض النية فيه فألحق بالملفوظ به حقيقة فتأمله .
حاشية ابن قاسم
( قوله فينفذ التصرف على ما اقتضاه كلامهم إلخ ) ألحق م ر خلاف ذلك وهو امتناع التصرف بعموم المنع الحاصل من العزل ولهذا قال في شرح الروض وعلى المرجح وهو فساد العزل المعلق يمنع من التصرف عند وجود الشرط لوجود المنع كما أن التصرف المعلق ينفذ في الوكالة الفاسدة بالتعليق عند وجود الشرط لوجود الإذن انتهى .
( قوله وقد يجاب بأنا لا نسلم أن المنع مفيد إلخ ) لك أن تمنع هذا الجواب بأن قياس ما تقدم في الوكالة المعلقة من جواز التصرف بعموم الإذن مع فساد الصيغة الدالة عليه بالتعليق ولا اعتبار بأصل بقاء الوكالة كما لم يعتبروا هناك أصل منع التصرف في ملك الغير تأمل ( قوله [ ص: 314 ] وإنما قدرنا ذلك لئلا يلزم إلغاء إلخ ) قد يمنع لزوم ما ذكر لإمكان إعماله بالنسبة لغير التفويض ( قوله فالعتق إنما وقع بالثاني لا غير ) يتأمل ( قوله لأن مدار الكلام على الإسناد إلخ ) هذا شيء رد به المرادي القول بعدم اشتراط اتحاد الناطق ويمكن أن يقال هذا لا يفيد هنا لأن الظاهر أن تأثر هذه الصيغة لا يتوقف شرعا على اتصاف الآتي بالإسناد بل متى نطق بها حصل العتق قام به الإسناد المذكور أولا ولا ينافيه قولهم لا بد من قصد اللفظ لمعناه لأن المراد بذلك الاحتراز عن الصارف على أن الإسناد بالمعنى المذكور إنما هو في الخبر لأنه الذي يتصف بالإيقاع أو الانتزاع كما يعلم من محله لا في الإنشاء كما في مسألتنا فليتأمل ( قوله وذلك الإيقاع لا يتصور تجزيه إلخ ) قد يقال لا حاجة إلى ذلك لأن الإيقاع معناه إدراك الوقوع ويمكن كلا من الناطقين أن يقصدوا ربط ما نطق به بما نطق به الآخر ويدرك وقوع ذلك الربط فتأمله ولا محذور في قصد الربط من كل منهما وإدراكه وقوعه كذلك ( قوله لكن قضية قولهم لو قال طالق لم يقع إلخ ) قد يقال هذا ليس نظير ما ذكر إنما نظيره أن يوكل اثنين في طلاق زوجته فيقول أحدهما أنت والآخر طالق وقد يلتزم هنا الوقوع
حاشية الشرواني
( قوله أو مهما ) أي أو إذا ( قوله لأنه نجزها ) إلى قول المتن ويجريان في النهاية ( قوله لأنه علقها ) إلى قوله لتقاوم إلخ في المغني إلا قوله أو متى إلى لأنه ( قوله وقضيته ) أي التعليل ( قوله فطريقه ) عبارة المغني فطريقه في أن لا ينفذ تصرفه أن يكرر [ ص: 313 ] عزله فيقول عزلتك عزلتك ا هـ .
( قوله أنه يقول إلخ ) الأولى حذف الضمير ( قوله عزلتك عزلتك ) فإنه ينعزل بالأولى وتعود وينعزل بالثانية ولا تعود ا هـ كردي
( قوله أو متى أو مهما عدت إلخ ) أي والطريق الثانية أن يقول متى أو مهما عدت إلخ ( قوله لأنه ليس إلخ ) تعليل لعدم نفوذ التصرف بالطريقتين المذكورتين ( قوله هنا ) أي في الصيغ المذكورة ( قوله ومن ثم ) أي من أجل أن عدم العود وعدم النفوذ لأجل عدم مقتضى التكرار ( قوله عاد مطلقا ) أي عن التقييد بمدة عبارة المغني تكرار العود بتكرر العزل ا هـ .
( قوله لاقتضائها ) أي لفظة كلما ( قوله فطريقه إلخ ) أي طريق عدم نفوذ تصرفه إذا حصل العزل عبارة المغني وينفذ تصرفه على الأول لما مر وطريقه في أن لا ينفذ تصرفه أن يوكل غيره في عزله لأن المعلق عليه عزل نفسه إلا إن كان قد قال عزلتك أو عزل أحد عني فلا يكفي التوكيل بالعزل بل يتعين أن يقول كلما عدت وكيلي فأنت معزول فيمتنع تصرفه ا هـ
( قوله أو يقول إلخ ) أي والطريق الثانية أن يقول بعد قوله كلما عزلتك إلخ وكلما وكلتك إلخ ( قوله فإن قال إلخ ) أي بدل قوله كلما عزلتك ( قوله وكلما انعزلت ) أي فأنت وكيلي ( قوله فطريقه إلخ ) أي وطريق عدم نفوذ تصرفه بعد العزل ( قوله وكلما عدت ) أي فأنت معزول ( قوله لتقاوم التعليقين ) أي لتعارض تعليق العزل وتعليق الوكالة ( قوله وليس هذا ) أي تعلق العزل عبارة المغني فإن قيل هذا أي قوله كلما عدت وكيلي فأنت معزول تعليق للعزل على الوكالة فهو تعليق قبل الملك لأنه لا يملك العزل عن الوكالة التي لم تصدر منه فهو كقوله إن ملكت فلانة فهي حرة أو نكحتها فهي طالق وهو باطل أجيب بأن العزل المعلق إنما يؤثر فيما يثبت فيه التصرف بلفظ الوكالة المعلقة السابق على لفظ العزل لا فيما يثبت فيه التصرف بلفظ الوكالة المتأخر عنه إذ لا يصح إبطال العقود قبل عقدها فإن قيل إذا كان تصرفه نافذا مع فساد الوكالة فما فائدة صحتها أجيب بأن الفائدة في ذلك استقرار الجعل المسمى إن كان بخلاف الفاسدة فإنه يسقط ويجب أجرة المثل ا هـ قول المتن ( ويجريان ) أي الوجهان في صحة تعليق الوكالة ا هـ مغني
( قوله في استشكاله ) المتبادر أن مرجع الضمير نفوذ التصرف وعليه فقوله بأنه إلخ على ظاهره وقوله وتخلص إلخ ليس كذلك بل هو في الحقيقة أخذ بقضية الإشكال نظير ما يأتي آنفا ويحتمل أن مرجعه عدم الانعزال فقوله بأنه كيف إلخ يعني بأن عدم الانعزال مستلزم لنفوذ التصرف فكيف ينفذ إلخ وحينئذ فقوله وتخلص إلخ على ظاهره من منع ما ادعاه المستشكل
( قوله عنه ) أي الإشكال ( قوله ولا رفع الوكالة ) هذا غني عن البيان وغير متوهم أصلا ( قوله بقضية ذلك ) أي الإشكال ا هـ كردي ( قوله وقد يجاب ) أي عن الإشكال ( قوله بأنا لا نسلم إلخ ) لك أن تمنع هذا الجواب بأن قياس ما تقدم في الوكالة المعلقة من جواز التصرف لعموم الإذن مع فساد الصيغة الدالة عليه بالتعليق أن لا اعتبار بأصل بقاء الوكالة هنا كما لم يعتبروا هناك أصل منع التصرف في ملك الغير تأمل ا هـ سم
( قوله مفيد ) أي لعدم نفوذ التصرف ا هـ كردي والأولى لمنع التصرف ( قوله الصيغة ) أي تعليق العزل ( وقوله ونحن قد قررنا ) إشارة إلى قوله والأصح عدم صحته ( وقوله بطلان هذه المعلقة ) أي تعليق العزل والتأنيث باعتبار الصيغة كما عبر عنه بها آنفا ا هـ كردي ولك أن [ ص: 314 ] تقول إن المعنى اختلال هذه الصيغة الدالة على التعليق ( قوله بشرطه ) احتراز عن نحو دين السلم مما لا يجوز الاعتياض عنه ( قوله وكأنه ) أي الموكل ( تجوز ) أي أراد على سبيل المجاز
( قوله ذلك ) أي قوله وكأنه إلخ ( قوله لئلا يلزم إلخ ) قد يمنع لزوم ما ذكر لإمكان إعماله بالنسبة لغير التفويض ا هـ سم وقد يجاب بأن التوكيل المذكور كان يفيد ذلك المعنى بدون هذه الزيادة ( قوله هذا ) مقول فقال ( وقوله حر ) مقول وقال ( وقوله عتق جواب ولو إلخ ) ( قوله المصطلحين ) أي من الوكيلين المتفقين على أن يتكلم كل ببعض الكلام ( قوله بل اتكل على نطق الآخر إلخ ) أي ترك النطق بالكلمة الأخرى اكتفاء بنطق صاحبه بها ( قوله وبه يعلم ) أي بقوله وبأن كلا إلخ ( قوله مشروط له ) الأولى به ( قوله هذا ما أشار إلخ ) لعل الإشارة إلى قوله ولو وكل إلى هنا ويحتمل أن الإشارة إلى قوله وبأن كلا إلى هنا ( قوله أن كلام كل ) أي منطوق كل أي مثله ( قوله فهما إلخ ) أي منطوقاهما
( قوله فلا يتفرع ذلك ) أي العتق أو الخلاف فيه وعلى الأول فقوله على اشتراط اتحاد الناطق إلخ لمجرد توسيع الدائرة وإلا فحق المقام الاقتصار على المعطوف أي عدم اشتراط الاتحاد ( قوله وحينئذ ) أي حين النظر إلى أن كلام كل إلخ ( قوله فالعتق إنما وقع بالثاني إلخ ) يتأمل ا هـ سم أقول يظهر وجه الحصر من قول الشارح الآتي إلا أن يفرق إلخ ( قوله وهو إيقاع النسبة إلخ ) قد يقال كون الإسناد بهذا المعنى إنما هو في الخبر كما يعلم من محله لا في الإنشاء كما في مسألتنا ا هـ سم
( قوله وذلك الإيقاع لا يتصور تجزيه ) قد يقال لا حاجة إلى ذلك لأنه يمكن لكل من الناطقين أن يقصد ربط ما نطق به بما نطق به الآخر ويدرك وقوع ذلك الربط ولا محذور في ذلك ا هـ سم ( قوله وبهذا يعلم إلخ ) أي بقوله لأن مقدار الكلام ( قوله لكن قضية قولهم لو قال طالق إلخ ) قد يقال هذا ليس نظير ما ذكر وإنما نظيره أن يوكل اثنين في طلاق زوجته فيقول أحدهما أنت والآخر طالق وقد يلتزم هنا الوقوع ا هـ سم ( قوله في ذلك ) أي ترجيح الأول ( قوله ولا كذلك ) أي ليس مثل لفظ أنت ( قوله حر إلخ ) الأصوب هذا ( قوله لفظ سبقه ) وهو كلام الأول