[ ص: 2 ] كتاب الوصايا ) قيل الأنسب تقديمها على ما قبلها ؛ لأن الإنسان يوصي ، ثم يموت ، ثم تقسم تركته ، ويرد بأن علم قسمة الوصايا ودورياتها متأخر عن علم الفرائض وتابع له فتعين تقديم الفرائض كما درج عليه أكثرهم جمع وصية مصدر أو اسمه ومنه { حين الوصية } ، وبمعنى اسم المفعول ومنه { من بعد وصية } من وصيت الشيء بالشيء بالتخفيف وصلته ، ومن ثم قال في القاموس وصى كوعى وصل واتصل و { يوصيكم الله } يفرض عليكم وتواصوا به أوصى به أولهم آخرهم ا هـ ويقال وصى وأوصى بكذا لفلان بمعنى وأوصى إليه ووصاه وأوصاه توصية ووصية عهد إليه ، وجعله وصية فعلم إطلاق الوصية على التبرع الآتي قريبا والعهد الآتي آخر الباب [ ص: 3 ] وأنها لغة الإيصال ؛ لأن الموصي وصل خير دنياه بخير عقباه ، كذا وقع في عبارة وفي عبارة شارح وصل القربة الواقعة بعد الموت بالقربات المنجزة في حياته ، وهذا أوضح ؛ لأن القصد بالوصية إيصال ثوابها إلى ما قدمه منجزا في حياته ، وشرعا لا بمعنى الإيصاء لما يأتي فيه تبرع بحق مضاف ولو تقديرا لما بعد الموت ليس بتدبير ولا تعليق عتق بصفة ، وإن التحقا بها حكما كتبرع نجز في مرض الموت ، أو ما ألحق به
وهي سنة مؤكدة إجماعا وإن كانت الصدقة بصحة فمرض أفضل فينبغي أن لا يغفل عنها ساعة كما نص عليه الخبر الصحيح { ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي به يبيت ليلة أو ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عند رأسه } أي ما الحزم أو المعروف شرعا إلا ذلك ؛ لأن الإنسان لا يدري متى يفجؤه الموت ، وقد تباح كما يأتي وعليه حمل قول الرافعي إنها ليست عقد قربة أي دائما بخلاف التدبير ، وتجب وإن لم يقع به نحو مرض على ما اقتضاه إطلاقهم لكن يأتي قبيل قوله وطلق حامل ما يصرح بتقييد الوجوب بالمخوف ونحوه بحضرة من يثبت الحق به إن ترتب على تركها ضياع حق عليه أو عنده ولا يكتفى بعلم الورثة أو ضياع [ ص: 4 ] نحو أطفاله لما يأتي في الإيصاء وتحرم لمن عرف منه أنه متى كان له شيء في تركة أفسدها ، وتكره بالزيادة على الثلث إن لم يقصد حرمان ورثته ، وإلا حرمت على ما يأتي وأركانها موص وموصى له وموصى به وصيغة
حاشية ابن قاسم
[ ص: 2 ] كتاب الوصايا )
( قوله ؛ لأن الإنسان يوصي ) أي ولأن الوصية مقدمة على الميراث ( قوله ويرد إلخ ) كان حاصل الرد أن العمل في مسائل الوصايا قد يتوقف على معرفة الفرائض كما في الوصية بنصيب أحد الوراث وبجزء مما بقي بعد النصيب ( قوله متأخر ) لم ذلك وفيه ما مر ( قوله فتعين ) كيف يتعين مع وجود الوجه الظاهر للأول ( قوله [ ص: 3 ] وصل خير دنياه ) كان المراد بخير دنياه ما صدر منه من الخير في حياته وبخير عقباه ما يقع بعد موته من الخير الذي تسبب فيه بالوصية ( قوله بالقربات المنجزة في حياته ) قد يقال القربة الصادرة من الموصي ليس إلا الإيصاء وهو في حياته ، والواقع بعد موته إنما هو أثر الإيصاء وهو وصول الموصى به للموصى له ، وقد يجاب بأن نحو الإعتاق الموصى بإيقاعه بعد الموت وإعطاء زيد بعد موته الموصى به فموته ينسب إليه لتسببه فيها ( قوله أو ضياع إلخ ) انظر إدخاله هنا مع قوله السابق لا بمعنى الإيصاء ، ويحرم إلخ أي فالأحكام الخمسة متصورة فيها
حاشية الشرواني
[ ص: 2 ] بسم الله الرحمن الرحيم ( كتاب الوصايا )
( قوله قيل الأنسب تقديمها إلخ ) ارتضى به المغني ( قوله تقديمها إلخ ) أي تقديم الوصايا على الفرائض ( قوله : لأن الإنسان إلخ ) ولأن الوصية مقدمة على الميراث ا هـ سم ( قوله ويرد إلخ ) كان حاصل الرد أن العمل في مسائل الوصايا قد يتوقف على معرفة الفرائض كما في الوصية بنصيب أحد الورثة وبجزء مما يبقى بعد النصيب ا هـ سم ( قوله ودورياتها ) أي علم دوريات القسمة وقد مر مثالها عن سم آنفا ( قوله فتعين إلخ ) كيف يتعين مع وجود الوجه الظاهر للأول كذا أفاده المحشي سم ولك أن تقول لا وجه للتوقف بعد تسليم التوقف كما سبق له والله أعلم ا هـ سم . ( قوله جمع وصية ) أي وهي أي الوصايا جمع إلخ كهدية وهدايا ا هـ نهاية ( قوله مصدر ) أي بمعنى الإيصاء أو اسم للإيصاء ا هـ كردي ( قوله ومنه ) أي من لفظ الوصية بالمعنى المصدري مصدرا أو اسمه ( قوله وبمعنى اسم المفعول ) عطف على قوله مصدر إلخ باعتبار المعنى ( قوله من وصيت إلخ ) أي مأخوذ منه خبر ثان لمبتدأ محذوف ، والخبر الأول قوله مصدر والأصل وهي أي الوصية مصدر إلخ ومأخوذ من وصيت إلخ ( قوله يفرض إلخ ) تفسير لما قبيله ، وكذا قوله أوصى به إلخ تفسير لما قبيله وقوله أولهم بالرفع على الفاعلية ، وقوله آخرهم بالنصب على المفعولية ( قوله ويقال وصى ) أي من باب التفعيل ( قوله ووصاه ) من باب التفعلل عبارة القاموس ووصاه توصية عهد إليه ، والاسم الوصاة والوصاية والوصية وهو الموصى به أيضا ا هـ .
( قوله فعلم إلخ ) يعني علم إطلاقه على التبرع من قوله ويقال وصى وأوصى له بكذا إلخ وإطلاقه على العهد من قوله وأوصاه توصية ووصية إلخ لكن في علم الإطلاق الأول مما ذكره خفاء ولو ذكر ما قدمته من القاموس لظهر التفريع ( قوله [ ص: 3 ] وأنها لغة إلخ ) عطف على إطلاق الوصية إلخ ( قوله وصل خير دنياه ) كان المراد بخير دنياه ما صدر منه من الخير في حياته وبخير عقباه ما يقع بعد موته من الخير الذي تسبب فيه بالوصية ا هـ سم ( قوله كذا وقع في عبارة ) اقتصر عليها النهاية والمغني وشرح المنهج ( قوله القربة الواقعة بعد الموت ) أي القربة التي تسبب في وقوعها بعد الموت بالوصية ( قوله لا بمعنى الإيصاء ) أي جعل الشخص وصيا ا هـ كردي .
( قوله بحق ) أي من مال وغيره ( قوله مضاف ) نعت تبرع ا هـ كردي ( قوله ولو تقديرا ) أي كأن يقول أوصيت لفلان بكذا انتهى سم على منهج فإنه بمنزلة لفلان بعد موتي كذا ا هـ ع ش أي ؛ لأن الوصية صريحة ، وإن لم يذكر بعدها لفظ بعد الموت ( قوله وإن التحقا ) أي التدبير والتعليق بها أي بالوصية وقوله كتبرع إلخ أي كإلحاقه ( قوله أو ما ألحق به ) أي بمرض الموت كتقديمه لنحو القتل مما سيأتي ( قوله وهي سنة ) إلى التنبيه في النهاية إلا قوله فمرض وقوله شرعا وقوله إن لم يقصد إلى وأركانها وقوله وإلا ففيه نظر إلى كما تصح وقوله إلا بالعتق إلى المتن ، وقوله وتسوية قبره ولو بها وقوله أي لغير تعبد إلخ ( قوله سنة مؤكدة ) والوصية للأقرب غير الوارث فالأقرب ثم ذي رضاع ثم صهر ثم ذي ولاء ثم ذي جوار أفضل منها لغيره كما في الصدقة المنجزة ، وتقدم فيها أن القريب البعيد يقدم على الأجنبي ، وأن أهل الخير المحتاجين ممن ذكر أولى من غيرهم فينبغي مجيئه هنا ، وصرح الأصل بأن الوصية للمحارم أي ممن ذكر أفضل من غيرهم ا هـ روض مع شرحه ( قوله أفضل ) أي من صدقته مريضا وبعد الموت مغني وشرح الروض ( قوله عنها ) أي الوصية ( قوله ما حق امرئ مسلم إلخ ) ما بمعنى ليس وقوله مسلم وقوله له شيء صفتان لقوله امرئ ، وقوله يوصي به صفة لشيء ( قوله يبيت إلخ ) على حذف أن خبر ما والمستثنى حال والبيتوتة في ليلة أو ليلتين ليست بقيد ، والمراد بالكتابة الإشهاد والمراد ما الحزم والرأي في حقه أن يمضي عليه زمن إلا والحال أن وصيته مشهد عليها ا هـ بجيرمي بتصرف وعبارة ع ش قال الطيبي في شرح المصابيح ما بمعنى ليس ، وقوله يبيت ليلة أو ليلتين صفة ثانية لامرئ ، ويوصي فيه صفة شيء والمستثنى خبره قال المظهري قيد ليلتين تأكيد وليس بتحديد يعني لا ينبغي له أن يمضي عليه زمان وإن كان قليلا إلا ووصيته مكتوبة أقول في تخصيص ليلتين تسامح في إرادة المبالغة
ا هـ .
( قوله شرعا ) عبارة المغني من الأخلاق ا هـ .
( قوله كما يأتي ) أي في فك أسارى كفار قبيل قول المصنف كعمارة كنيسة ( قوله وعليه ) أي على أنها قد تباح ( قوله أي دائما ) أي فكلامه من سلب العموم لا من عموم السلب ( قوله ما يصرح بتقييد الوجوب إلخ ) معتمد ا هـ ع ش ( قوله بالمخوف ) أي بعروض المرض المخوف ( قوله بحضرة من يثبت إلخ ) قد يقال هذا لا يناسب ما الكلام فيه من الوصية بمعنى التبرع ا هـ رشيدي ( قوله بحضرة من يثبت الحق به ) ، وينبغي كما قال الإسنوي أنه يكتفى بالشاهد الواحد ا هـ مغني أي إن كان حقا ماليا كما في شرح الروض أقول ظاهره كفايته وإن كان القاضي لا يحكم بشاهد ويمين كالحنفي فليراجع ، ثم رأيت ما يأتي في الإيصاء من قول الشارح والنهاية نعم من بإقليم يتعذر فيه من يثبت بالخط أو يقبل الشاهد واليمين ينبغي أنه لا يكتفى منه بذينك ا هـ .
قال السيد عمر قوله بإقليم لو قال ببلد لكان أولى فيما يظهر ا هـ .
( قوله إن ترتب إلخ ) أي إذا لم يعلم بذلك أي الحق من يثبت بقوله بخلاف ما إذا كان به من يثبت بقوله فلا تجب الوصية به قال الأذرعي إذا لم يخش منهم كتمانه كالورثة والموصى لهم انتهى وهو حسن مغني وشرح الروض ( قوله حق عليه إلخ ) عبارة المغني والروض مع شرحه حق لله تعالى كزكاة وحج أو حق لآدميين كوديعة ومغصوب ا هـ .
( قوله وعنده ) لعل المراد به نحو الوديعة ( قوله أو ضياع إلخ ) هذا استطرادي وإلا فالكلام في الوصية بمعنى التبرع لا الإيصاء عبارة سم قوله أو ضياع إلخ انظر إدخاله هنا مع قوله لا بمعنى [ ص: 4 ] الإيصاء ا هـ .
( قوله نحو أطفاله ) أي كالمجانين ا هـ ع ش ( قوله وتحرم ) أي مع الصحة ا هـ ع ش ( قوله إن عرف إلخ ) وكذا إذا غلب على ظنه أن الموصى له يصرف الموصى به في معصية فتحرم الوصية وتصح ا هـ ع ش ( قوله وتكره إلخ ) أي فالأحكام الخمسة متصورة فيها ا هـ سم