( وإنما يستحق ) القاتل السلب ( بركوب غرر يكفي به ) أي الركوب ، أو الغرر المسلمين ( شر كافر ) أصلي مقبل على القتال ( في حال الحرب ) كأن أغرى به كلبا ، أو أعجميا يعتقد وجوب طاعته ووقف في مقابلته حتى قتله بمغراه ؛ لأنه خاطر بروحه حيث صبر في مقابلته حتى عقره الكلب قاله القاضي ، وهو صريح في رد إلحاق ابن الرفعة إغراءه له ، وهو في نحو حصن ؛ لأنه هنا لم يخاطر بشيء أصلا وفي أن المراد أنه وقف قريبا من الكلب حتى قتله وحينئذ فمقابلته تصح بالموحدة نظرا لقربه المذكور وبالفوقية نظرا لمقاتلته الكلب الذي هو آلة للكافر فتعيين الأذرعي الثاني بعيد ( فلو رمي من حصن أو من الصف ، أو قتل نائما ) ، أو غافلا ، أو مشغولا ، أو نحو شيخ هرم ( أو أسيرا ) لغيره وإلا فسيأتي ( أو قتله وقد انهزم الكفار ) بالكلية بخلاف ما إذا تحيزوا ، أو قصدوا نحو خديعة لبقاء القتال ويظهر فيما لو انهزم واحد فتبعه حتى قتله مرتكبا الغرر فيه أن له سلبه ، وإن بعد عن الجيش وانقطعت نسبته عنه بخلاف المنهزم بانهزام جيشه لاندفاع شره ثم رأيت الماوردي قال إن قتله وقد ولى عن الحرب تاركا لها فلا سلب له إلا إن فر ؛ لأن الحرب كر وفر والإمام .
قال المنهزم من فارق المعترك مصرا لا من تردد بين الميسرة والميمنة ( فلا سلب ) لعدم التغرير بالنفس الذي جعل له السلب في مقابلته ولو أثخنه واحد وقتله آخر فهو للمثخن لما يأتي فإن لم يثخنه فللثاني ، أو أمسكه واحد ولم يمنعه الهرب فقتله آخر فلهما فإن منعه فهو الآسر ولو كان أحدهما لا سلب له كمخذل كان ما يثبت له لولا المانع غنيمة وعبارة أصله من وراء الصف فحذف وراء لإيهامها وفهم صورتها مما ذكره بالأولى وقول السبكي إن هذا حسن لمن لم يلتزم في الاختصار الإتيان بمعنى الأصل من غير تغيير [ ص: 144 ] وإلا لم يجز عجيب إذ من شأن المختصر تغيير ما أوهم سيما إن كان فيما أتى به زيادة مسألة على أن المصنف التزم التغيير في خطبته فما قاله السبكي لا يلاقي صنيعه أصلا ( وكفاية شره أن يزيل امتناعه بأن يفقأ ) يعني يزيل ضوء ( عينيه ) أو العين الباقية له ( أو يقطع يديه ورجليه ) ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم { أعطى سلب أبي جهل لعنه الله لمثخنيه ابني عفراء دون قاتله nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنهم } ( وكذا لو أسره ) فقتله الإمام ، أو من عليه ، أو أرقه ، أو فداه نعم لا حق له في رقبته وفدائه ؛ لأن اسم السلب لا يقع عليهما ( أو قطع يديه ، أو رجليه ) ، أو قطع يدا أو رجلا ( في الأظهر ) ؛ لأنه أزال أعظم امتناعه وفرض بقائه مع هذا ، أو ما قبله نادر
حاشية ابن قاسم
. ( قوله : كأن أغرى به كلبا ) نقله في شرح الروض عن القاضي ، ثم قال قاله الزركشي إن الحكم كذلك لو أغرى به مجنونا ، أو عبدا أعجميا انتهى ، والوجه خلافه في المجنون بل السب للمجنون ، والفرق أن الكلب لا يتصور ملكه فهو [ ص: 144 ] مجرد آلة بخلاف المجنون ، وكذا في العبد الأعجمي فيكون لسيد شرح م ر ، ولا يبعد أن الصبي الذي لا يميز كالمجنون . ( قوله : وإلا ) أي : وإن التزم الإتيان بمعنى الأصل من غير تغيير أي : مطلقا كما هو ظاهر لم يجز ، وعدم الجواز بهذا التقييد مما لا ينبغي التوقف فيه ، والتعجب منه عجيب بل ينبغي الاقتصار في جوابه على أنه مسلم إلا أن المصنف ليس ممن التزم ذلك فعلم أن ما أورده على السبكي لا يلاقي ما أفادته عبارته أصلا
حاشية الشرواني
( قول المتن : بركوب غرر يكفي به شر كافر في حال الحرب ) هذه القيود ثلاثة فرع عليها قوله : فلو رمى إلخ . ( قوله : المسلمين ) مفعول يكفي . ( قوله : أو أعجميا إلخ ) خلافا للنهاية والمغني حيث قالا بعد نقل مسألة الكلب عن القاضي ما نصه : وقول الزركشي إن قياسه أن يكون الحكم كذلك فيما لو أغرى عليه مجنونا ، أو أعجميا يعتقد وجوب طاعته مردودا إذ المقيس عليه لا يملك ، والمقيس يملك فهو للمجنون ولمالك الرقيق لا لآمرهما . ا هـ . قال سم : ولا يبعد أن الصبي الذي لا يميز كالمجنون . ا هـ . ( قوله : قاله القاضي ) أي : ما ذكر من مسألة الكلب وعلتها لا مسألة الأعجمي أيضا لما مر خلافا لما يوهمه صنيعه ويحتمل رجوعه للعلة فقط .
( قوله : وهو في نحو حصن إلخ ) جملة حالية . ( قوله : قريبا من الكلب إلخ ) يقتضي أنه لو كان قريبا منه وبعيدا من الكافر أن الحكم كذلك ، وهو محل توقف ، فالذي يظهر ويؤذن به قوله : ووقف في مقابلته إلخ أن العبرة بالقرب من الكافر حتى يتحقق المخاطرة بالروح ، وعليه فيظهر أن ضابطه أن يكون بمحل يناله به سلاح الكافر ولو نحو سهم . ا هـ سيد عمر أقول : قوله : يقتضي إلى قوله فالذي يظهر محل تأمل إذ القرب من الكلب الذي آلة قتله مستلزم للقرب من الكافر . ( قوله : فمقابلته ) أي : هذه المادة في قول القاضي حيث صبر في مقابلته إلخ . ( قوله : للكافر ) متعلق بقوله لمقاتلته . ( قوله : ثم رأيت إلخ ) ولينظر وجه تأييده لما استظهره وليحرر . ( قوله : والإمام إلخ ) عطف على الماوردي ( قوله : لعدم التغرير ) إلى قوله : وقول السبكي في المغني وإلى قوله : وأفهمت السين في النهاية . ( قوله : لما يأتي ) أي : في قوله : لأنه صلى الله عليه وسلم أعطى سلب أبي جهل إلخ .
( قوله : فإن لم يثخنه ) أي : جرحه ولم يثخنه وقتله آخر ( قوله : أو أمسكه إلخ ) ، أو اشترك اثنان في قتله ، أو إثخانه . ا هـ مغني . ( قوله : فإن منعه إلخ ) مقتضى كلامه أن مجرد المنع عن الهرب كاف في تحقق الأسر ، والمصرح به في الأسنى والمغني والغرر خلافه ، وأنه لا بد مع ذلك من ضبطه ، وإلا فليس بآسر حتى لو منعه واحد عن الهرب وقتله آخر اشتركا ، وعليه فما المراد بالضبط ؟ ، وليحرر . ا هـ سيد عمر . ( قوله : كمخذل ) أي : وذمي . ( قوله : فحذف وراء ) عبارة المغني : وكذا كتبها المصنف بخطه في المنهاج ثم ضرب على لفظة وراء . ا هـ . ( قوله : وقول السبكي إلخ ) أقره أي : قول السبكي المغني [ ص: 144 ] قوله : وإلا ) أي : وإن التزم الإتيان بمعنى الأصل من غير تغيير أي : مطلقا كما هو ظاهر لم يجز ، وعدم الجواز بهذا التقييد مما لا ينبغي التوقف فيه ، والتعجب منه عجيب ، بل ينبغي الاقتصار في جوابه على أنه مسلم إلا أن المصنف ليس ممن التزم ذلك . ا هـ سم .
( قوله : أو العين ) إلى قوله : وأفهم المتن في المغني إلا قوله ؛ لأنه أزال إلى المتن ( قوله : لا حق له ) أي : للأسر وقوله في رقبته أي : المأسورة وما ذكر صريح في أن من أسر كافرا لا يستقل بالتصرف فيه بل الخيرة فيه للإمام وظاهره أنه لا فرق في ذلك بين أن يأسره في الحرب ، أو غيره كأن دخل دارنا بغير أمان فأسره . ا هـ ع ش ( قوله : أو قطع يدا ، أو رجلا ) أي : أو اليد ، أو الرجل الباقية أخذا من قوله السابق ، أو العين الباقية . ( قوله : وفرض بقائه ) أي : الامتناع ، وقوله : مع هذا أي : قوله : أو قطع يدا إلخ . ا هـ ع ش