الجن أجسام هوائية أو نارية أي يغلب عليهم ذلك فهم مركبون من العناصر الأربعة كالملائكة على قول وقيل : أرواح مجردة وقيل نفوس بشرية مفارقة عن أبدانها وعلى كل فلهم عقول وفهم ويقدرون على التشكل بأشكال مختلفة وعلى الأعمال الشاقة في أسرع زمن وصح خبر أنهم ثلاثة أصناف ذوو أجنحة يطيرون بها وحيات وآخرون يحلون ويظعنون ونوزع في قدرتهم على التشكل باستلزامه رفع الثقة بشيء فإن من رأى ولو ولده يحتمل أنه جني تشكل به ويرد بأن الله تعالى تكفل لهذه الأمة بعصمتها عن أن يقع فيها ما يؤدي لمثل ذلك المترتب عليه الريبة في الدين ورفع الثقة بعالم وغيره فاستحال شرعا الاستلزام المذكور قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه ومن زعم أنه رآهم ردت شهادته وعزر لمخالفته القرآن وكان المصنف أخذ منه قوله من منع التفضيل بين الأنبياء عزر لمخالفته القرآن وحمل بعضهم كلام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي على زاعم رؤية صورهم التي خلقوا عليها ولما عرف البيضاوي الجن في تفسير { قل أوحي } بنحو ما مر قال وفيه دليل على أنه صلى الله عليه وسلم ما رآهم ولم يقرأ عليهم وإنما اتفق حضورهم في بعض أوقات قراءته فسمعوها فأخبره الله تعالى بذلك ا هـ وكأنه لم يطلع على الأحاديث الصحيحة الكثيرة المصرحة برؤيته صلى الله عليه وسلم لهم وقراءته عليهم وسؤالهم منه الزاد لهم ولدوابهم على كيفيات مختلفة ولا يسقط عنا ما كلفنا به من نحو إقامة الجمعة أو فروض الكفايات بفعلهم لما مر أنهم وإن أرسل إليهم صلى الله عليه وسلم وكلفوا بشرعه إجماعا ضروريا فيكفر منكره لهم تكاليف اختصوا بها لا تعلم تفاصيلها ولا ينافي هذا إجراء غير واحد عليهم بعض الأحكام كانعقاد الجمعة بهم معنا وصحة إمامتهم لنا والجمهور على أن مؤمنيهم يثابون ويدخلون الجنة وقول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث لا يدخلونها وثوابهم النجاة من النار بالغوا في رده على أنه نقل عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أنه أخذ دخولهم من قوله تعالى { لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان } ومنها غير ذلك .
حاشية ابن قاسم
( قوله : لمخالفته القرآن ) إن أريد قوله تعالى { إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم } فهو مشكل بأن غاية ما في الآية إثبات مخصوصة وهي تمكنهم من رؤيتنا في حالة لا نراهم فيها وليس فيها عموم ولا حصر وذلك لا ينافي أن لنا حالة أخرى نراهم فيها خصوصا وقد وردت الأدلة برؤيتهم فليتأمل ( قوله : من منع التفضيل بين الأنبياء عزر لمخالفته القرآن ) قد يشكل ذلك بأنه [ ص: 298 ] إن أريد منع التفضيل مع الاطلاع على ما ورد في القرآن الكريم من التصريح بالتفضيل كقوله تعالى { ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض } وعدم تأويله فلا ينبغي الاقتصار على التعزير بل ينبغي الحكم بالكفر لأن ذلك رد للقرآن من غير عذر وإن أريد منع التفضيل مع الجهل بما ورد في القرآن أو مع اعتقاد تأويله على وجه يعذر فيه فلا ينبغي التعزير لعذره فليتأمل .
حاشية الشرواني
( قوله : على قول ) راجع إلى " الملائكة " فقط ( قوله : وقيل : أرواح ) أي الجن أرواح إلخ ( قوله : باستلزامه ) أي اقتدارهم على التشكل ( قوله : لمخالفته القرآن ) إن أريد به قوله تعالى { إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم } فهو مشكل لأن غاية ما في الآية إثبات حالة مخصوصة وهي تمكنهم من رؤيتنا في حالة لا نراهم فيها وليس فيها عموم ولا حصر وذلك لا ينافي أن لنا حالة أخرى نراهم فيها خصوصا وقد وردت الأدلة برؤيتهم فليتأمل ا هـ سم ( قوله : من منع التفضيل إلخ ) قد يشكل ذلك بأنه إن أريد منع التفضيل مع الاطلاع على ما ورد في القرآن كقوله تعالى { ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض } وعدم تأويله فلا ينبغي الاقتصار على التعزير بل ينبغي الحكم بالكفر وإن أريد المنع مع الجهل بما ورد في القرآن أو مع اعتقاد تأويله على وجه يعذر فيه فلا ينبغي التعزير لعذره فليتأمل ا هـ سم ( قوله : بنحو ما مر ) أي آنفا في الفائدة ( قوله : لهم تكاليف إلخ ) أي لكن لهم إلخ ( قوله : ولا ينافي هذا ) أي قوله : ولا يسقط عنا إلخ إجراء غير واحد إلخ انظر ما وجه عدم المنافاة الظاهرة في بادئ الرأي ( قوله : والجمهور إلخ ) مبتدأ وقوله على إلخ أي ذهبوا على إلخ خبره ( قوله : نقل عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة إلخ ) أي فله قول آخر موافق لقول الجمهور ( قوله : ومنها ) عطف على قوله منها [ ص: 298 ] اختلاف الجنس فقوله : غير ذلك أي غير اختلاف الجنس وقوله : وهو أي غير ذلك .