( ولو خلط ) اللبن ( بمائع ) أو جامد ( حرم إن غلب ) بفتح أوله المائع بأن ظهر لونه أو طعمه أو ريحه وإن شرب البعض لأنه المؤثر حينئذ ( فإن غلب ) بضم أوله بأن زال طعمه ولونه وريحه حسا وتقديرا بالأشد فيما يأتي والحال أنه يمكن أن يأتي منه خمس دفعات كما نقلاه وأقراء لكن حكى الروياني عن النص خلافه [ ص: 286 ] وأن القطرة وحدها مؤثرة إذا وصل إليه في خمس دفعات ما وقعت فيه ( وشرب الكل ) على خمس دفعات أو كان هو الخامسة ( قيل أو البعض حرم في الأظهر ) لأن اللبن في شرب الكل وصل لجوفه يقينا فحصل التغذي المقصود وبه فارق عدم تأثير نجاسة استهلكت في ماء كثير لانتفاء استقذارها حينئذ وعدم حد بخمر استهلكت في غيرها لانتفاء الشدة المطربة وعدم فدية بطعام فيه طيب استهلك لزوال التطيب وعدم تأثير البعض هنا لعدم تحقق وصول اللبن للجوف ومن ثم لو تحققه بأن تحقق انتشاره فيما شربه أو بقي أقل من قدر اللبن حرم ولو زايلت اللبن المخالط لغيره أوصافه اعتبر بما له لون قوي يستولي على الخليط كما قاله جمع متقدمون ويظهر اعتبار أقوى ما يناسب لون اللبن أو طعمه أو ريحه أخذا مما مر أول الطهارة في التغير التقديري بالأشد فاقتصارهم هنا على اللون كأنه مثال ولو اختلط لبن امرأتين ثبتت أمومة غالبة اللبن وكذا مغلوبته [ ص: 287 ] بالشرط السابق ( تنبيه )
صريح قولهم هنا يمكن أن يأتي منه خمس دفعات الموافق لما في أصل الروضة أنه يشترط أن يكون اللبن قدرا يمكن أن يسقى منه خمس دفعات لو انفرد عن الخليط أن مسألة الخلط لا يشترط في اللبن فيها تعدد انفصاله بل لو انفصل دفعة وأمكن أن يسقى منه خمس لو انفرد عن الخليط حرم ووجه صراحته في ذلك أنه لو كان الفرض أنه انفصل خمس دفعات بالفعل لم يتأت الخلاف في اشتراط الإمكان المذكور فتعين أن الفرض أنه انفصل دفعة واحدة وحينئذ فقيل يكفي مطلقا والأصح أنه لا بد من ذلك الإمكان وعليه فينافيه قولهم الآتي ولو حلب منها دفعة وأوجره خمسا إلخ إذ صريحه أنه إذا انفصل في مسألة الخلط دفعة فهو مرة أمكن أن يأتي منه خمس أم لا وحينئذ فأما أن يقال اشتراط إمكان الخمس والاكتفاء بهن مع اتحاد الانفصال طريقة مخالفة للمذهب الآتي لهما أنه لا بد من التعدد في الطرفين الانفصال والإيجار وسكتا عليها هنا للعلم بضعفها مما سيذكر أنه كالأصحاب وهذا بعيد جدا لتطابق مختصري الروضة وسائر من بعدها فيما علمت على ما فيها في المحلين وأما أن يفرق بأن الصرف لا صارف عن اعتبار التعدد فيه في الطرفين الحقيقيين بخلاف المختلط بغيره فإن اجتماع الغير معه أوجب له حكما آخر هو إمكان التعدد بعد الخلط لإحالة الانفصال لأن طرو الخلط عليه ألغى النظر إليه وأوجبه للحالة الطارئة لقوتها فالحاصل أن التعدد يعتبر في الطرفين في المسألتين لكن هذا اكتفي بإمكانه حالة الخلط لأنه الأقوى وتلك تعين اعتباره حالة الانفصال لأنه لا معارض له فتأمله فإنه دقيق مهم
حاشية ابن قاسم
( قوله في المتن ولو خلط بمائع إلخ ) في الروض وشرحه ولا يضر في التحريم غلبة الريق لقطرة اللبن الموضوعة في الفم إلحاقا له بالرطوبات في المعدة انتهى وفي شرح التنبيه لابن النقيب وقعت قطرة لبن في فم صبي واختلطت بريقه ثم وصل إلى جوفه فطريقان أحدهما ينظر إلى كونه غالبا أو مغلوبا كما ذكرناه والثاني يحرم قطعا انتهى . وأقول يؤخذ من تفصيل المصنف أنه إذا ابتلع جميع الريق الذي اختلطت به القطرة دفعة واحدة أثر وحسب رضعة ولا كلام أو دفعات جاء فيه تفصيل المصنف ( قوله المائع ) هلا قال أو الجامد ( قوله والحال إلخ ) قضية ذلك مع قوله أو كان هو الخامسة إنه لو لم يمكن أن يأتي منه إلا دفعة وشرب الكل وكان هو الخامسة لم يكف وهو ممنوع منعا واضحا فتأمله [ ص: 286 ] قوله أو كان هو الخامسة ) قضية هذا الصنيع أنه إذا كان هو الخامسة لا يكفي شرب البعض وإن كان لو لم يكن هو الخامسة بأن احتيج لشرب الخمس لكان شرب ذلك البعض واحدة من خمس إذا شرب الكل في خمس دفعات ولا يخفى إشكاله جدا لأنه إذا اعتد بشرب ذلك البعض واحدة من خمس محرمة فليجب أن تعتد به خامسة لأربع قبل من الخالص فتأمله .
( قوله وعدم حد إلخ ) هو بالنصب عطف على ( عدم ) من عدم تأثير إلخ وكذلك قوله وعدم فدية ( قوله أو بقي أقل من قدر اللبن ) قد يقال بقاء الأقل لا يقتضي تحقق الوصول في خمس دفعات لاحتمال خلو بعض الخمس عنه لانحصاره في غيرها مما شربه أو مما بقي أيضا إلا أن يخص هذا بما إذا كان المشروب هو الخامسة فقط فليتأمل ( قوله أوصافه ) هو بالرفع فاعل زايلت ( قوله [ ص: 287 ] إن مسألة الخلط إلخ ) هو خبر قوله صريح ( قوله لو كان الفرض إلخ ) يمكن منع هذه الملازمة بأن يمكن أن ينفصل في خمس دفعات ثم يتلف من كل دفعة معظمها بحيث يكون الباقي منها لا يمكن وصوله للجوف وحده لحقارته جدا ويمكن وصول مجموع الباقي من الخمس وفي هذا يتأتى الخلاف المذكور فليتأمل ( قوله وأما أن يفرق بأن الصرف إلخ ) لا يخفى ما في هذا الفرق من التعسف والوجه استواء المسألتين ( قوله فالحاصل إلخ ) لا يخفى ما فيه ( قوله فتأمله فإنه دقيق مهم ) بل هو في غاية التعسف والصواب خلاف ذلك ولا إشكال لبطلان الملازمة التي بنى عليها كل ذلك ما بيناه في الحاشية الأخرى
حاشية الشرواني
( قول المتن بمائع ) طاهر كماء أو نجس كخمر ا هـ مغني ( قوله أو جامد ) إلى التنبيه في النهاية إلا قوله بأن تحقق إلى قوله بقي وكذا في المغني إلا قوله لكن حكي إلى المتن وقوله وعدم فدية إلى وعدم تأثير البعض وقوله ويظهر إلى ولو اختلط ( قول المتن إن غلب ) أي اللبن ( قوله المائع ) هلا قال أو الجامد ا هـ سم ( قوله بأن ظهر لونه إلخ ) يحتمل أن يراد بظهور اللون ما يشمل الحسي والتقديري كما في المياه ويدل له قوله الآتي حسا وتقديرا إلخ وقوله ولو زايلت إلخ ا هـ ع ش ( قوله وإن شرب البعض ) لكن بشرط كون اللبن يمكن أن يأتي منه خمس دفعات لو انفرد مغني ورشيدي أي أو كان هو الخامسة نظير ما يأتي ( قوله لأنه المؤثر إلخ ) إذ المغلوب كالعدم ا هـ مغني ( قوله حينئذ ) أي حين إذ غلب ( قول المتن فإن غلب إلخ ) وسكت عن استواء الأمرين وحكمه يؤخذ من الثانية بطريق الأولى ا هـ مغني ( قوله والحال أنه ) أي اللبن لو انفرد عن الخليط ( قوله يمكن أن يأتي منه خمس دفعات ) أي أو كان هو الخامسة رشيدي وسم ( قوله خمس دفعات ) أي وانفصل في خمس دفعات وشربه في خمس دفعات ا هـ ع ش هذا على مختار النهاية والمغني وشيخ الإسلام والزيادي من اعتبار تعداد انفصال اللبن مطلقا سواء اختلط بغيره أم لا خلافا لما يأتي في التنبيه .
( قوله كما نقلاه ) [ ص: 286 ] أي عن السرخسي ا هـ مغني ( قوله وأن القطرة إلخ ) عطف تفسير على خلافه عبارة النهاية قال بعضهم إن القطرة وحدها إلخ وجعل أن اختلاط اللبن بغيره ليس كانفراده فلا يعتبر في انفصاله عدد وليس كما قال ا هـ ولعله أراد بالبعض الشارح ( قوله إذا وصل إليه ) أي إلى جوف الطفل ( قوله ما وقعت إلخ ) فاعل وصل ولم يبرز الضمير في الصلة مع جريانها على غير ما هي عليه اختيار المذهب الكوفيين من عدم وجوبه عند أمن اللبس كما هنا ( قوله على خمس دفعات إلخ ) عبارة المغني ومحل الخلاف ما إذا شرب من المختلط خمس دفعات وكان حلب في خمس آنية أو شرب منه دفعة بعد أن سقى اللبن الصرف أربعا ا هـ ويوافقه ما مر من قول النهاية وليس كما قال ا هـ .
( قوله أو كان هو ) أي المخلوط الخامسة قضية هذا الصنيع أنه إذا كان هو الخامسة لا يكفي شرب البعض ولا يخفى إشكاله جدا لأنه إذا اعتد بشرب ذلك البعض واحدة من خمس محرمة فليجب أن يعتد به خامسة لأربع قبل من الخالص فتأمله ا هـ سم .
( قوله لأن اللبن في شرب الكل إلخ ) قد يقال إن وصول اللبن بمجرده ليس كافيا في التحريم بل لا بد من وصول خصوص اللبن في خمس دفعات فإن قيل اللبن باختلاطه صار في كل جزء من أجزاء المائع جزءا منه قلنا فحينئذ تثبت الحرمة بشرب البعض إذا شربه في خمس دفعات أي والصورة أن اللبن يتأتى منه في نفسه خمس دفعات كما علم مما مر ا هـ رشيدي ( قوله وبه ) أي بالتعليل المذكور ( قوله وعدم حد إلخ ) وقوله وعدم فدية إلخ كل منهما بالنصب عطفا على عدم تأثير إلخ ا هـ سم ( قوله وعدم تأثير البعض ) مبتدأ خبره قوله لعدم تحقق إلخ ( قوله أو بقي أقل من قدر اللبن ) قد يقال بقاء الأقل لا يقتضي تحقق الوصول في خمس دفعات لاحتمال خلو بعض الخمس عنه لانحصاره في غيرها مما شرب أو مما بقي أيضا إلا أن يخص هذا بما إذا كان المشروب هو الخامسة فقط فليتأمل سم وقوله لانحصاره في غيرها إلخ هذا الاحتمال بعيد جدا أو ممتنع إذ الغرض تحقق اختلاط أجزائه بجميع أجزاء الخليط نعم قولهم إن بقي أقل من قدر اللبن ينبغي أن يقيد بما إذا كان القدر المحقق استعماله منه يمكن أن يتأتى منه خمس دفعات أخذا مما تقدم وكأنهم لم يتعرضوا له لوضوحه وتبادره إلى الفهم سيما مع قرب التكلم على هذا الشرط في بيان أصل المسألة ا هـ سيد عمر .
( أقول ) وقوله إذ الغرض إلخ مع كونه خلاف مقتضى قاعدة العطف بأو يقتضي أن لا فرق بين شرب الكل وشرب البعض وأن حكمهما واحد كما مر عن الرشيدي وأما قول ع ش بعد ذكر كلام سم أقول ويأتي مثله فيما لو شرب جميع المخلوط به في خمس دفعات لجواز أن يكون بعضها خاليا منه ا هـ إن أراد به الاعتراض عليه يدفع بأن هذا الإشكال وارد على كلامهم أيضا كما مر عن الرشيدي بل فيما قدمنا عن سم على قول الشارح أو كان هو الخامسة إشارة إليه ( قوله أقل من قدر اللبن ) لا يخفى أن التحقق يحصل وإن بقي من المخلوط قدر اللبن فأكثر لأن الباقي بعضه من اللبن وبعضه من الخليط قطعا فهذا البعض من الخليط بدل جزء ذهب من اللبن قطعا ا هـ رشيدي ( قوله ولو زايلت اللبن إلخ ) أي فارقت اللبن ا هـ ع ش ( قوله أوصافه ) هو بالرفع فاعل زايلت ا هـ سم أي و ( اللبن ) مفعوله ( قوله اعتبر ) أي قدر اللبن ا هـ مغني ( قوله بما له لون قوي إلخ ) اعتبار ما ذكر إنما تظهر فائدته من حيث الخلاف وأما من حيث الحكم فلا لأن الغالب يحرم قطعا والمغلوب في الأظهر ا هـ ع ش .
( قوله أخذا مما مر أول الطهارة ) محل تأمل إذ هذه المقالة ثم مرجوحة ا هـ سيد عمر عبارة الرشيدي قد [ ص: 287 ] يقال لم يمر أول الطهار اعتبار ما يناسب النجاسة بل الذي مر إنما هو اعتبار أشد ما يخالف الماء في صفاته سواء ناسب النجاسة أم لا بدليل تمثيلهم بلون الحبر مثلا فليراجع ا هـ .
( قوله بالشرط السابق ) وهو إمكان أن يأتي منه خمس دفعات ثم شرب الكل أو البعض بشرط تحقق وصول اللبن للجوف بتحقق الانتشار أو بقاء أقل من قدر اللبن ( قوله هنا ) أي في المختلط بغيره ( قوله يمكن إلخ ) مقول القول ( قوله إنه يشترط إلخ ) بيان لما ( قوله خمس إلخ ) نائب فاعل يسقي ا هـ سيد عمر ( قوله إن مسألة الخلط إلخ ) خبر قوله صريح قولهم ا هـ سم ( قوله حرم ) خلافا للنهاية والمغني وشيخ الإسلام والزيادي ( قوله لو كان الفرض إلخ ) يمكن منع هذه الملازمة بأن يمكن أن ينفصل في خمس دفعات ثم يتلف من كل دفعة معظمها بحيث يكون الباقي منها لا يمكن وصوله للجوف وحده لحقارته جدا ويمكن وصول مجموع الباقي من الخمس وفي هذا يتأتى الخلاف المذكور فليتأمل ا هـ سم ( أقول ) عبارة المغني المارة آنفا كالصريحة في أن الفرض ما ذكر فليراجع ( قوله وعليه ) أي الأصح ( قوله الآتي ) أي في المتن عن قريب .
( قوله أمكن أن يأتي إلخ ) أي سواء أمكن إلخ ( قوله وحينئذ ) أي حين المنافاة فأما أن يقال إلخ أي في دفع المنافاة ( قوله بهن ) الأنسب به أي الإمكان ( قوله لهما ) أي للشيخين ( قوله أنه لا بد إلخ ) بيان للمذهب ( قوله وسكتا ) أي الشيخان عليها أي الطريقة المخالفة للمذهب وكذا ضمير يضعفها ( قوله مما سيذكر أنه ) متعلق بالعلم وضمير التثنية للشيخين ( قوله على ما فيها ) أي في الروضة ( قوله وأما أن يفرق إلخ ) لا يخفى ما في هذا الفرق من التعسف والوجه استواء المسألتين سم على حج ا هـ ع ش ( قوله بأن الصرف ) أي اللبن الخالص ( قوله لإحالة الانفصال ) يعني لا التعدد بالفعل حالة الانفصال ( قوله إليه ) أي إلى حال الانفصال ( قوله وأوجبه ) أي النظر ( قوله في المسألتين ) أي مسألة الصرف ومسألة الخلط ( قوله هذه ) أي في مسألة الخلط وقوله اكتفى ببناء المفعول وقوله وتلك أي في مسألة الصرف ( قوله حالة الانفصال ) أي وأما حالة الإيجار فيعتبر التعدد فيه في المسألتين معا ( قوله فأنه دقيق مهم ) بل هو في غاية التعسف والصواب خلاف ذلك ولا إشكال لبطلان الملازمة التي بني عليها كل ذلك على ما بيناه آنفا . سم على حج ا هـ ع ش