. ( ويدفع الصائل ) المعصوم على شيء مما مر ، ومنه أن يدخل دار غيره بغير إذنه ولا ظن رضاه ، ( بالأخف ) فالأخف باعتبار غلبة ظن المصول عليه ، ويجوز هنا العض ويظهر أنه بعد الضرب وقبل قطع العضو ، وعليه يحمل قولهم : يجوز العض إن تعين للدفع ، ( فإن أمكن ) الدفع ( بكلام ) يزجره به ( أو استغاثة ) بمعجمة ومثلثة ( حرم الضرب ) . وظاهره استواء الزجر والاستغاثة وهو متجه إن لم يترتب على الاستغاثة إلحاق ضرر به أقوى من الزجر كإمساك حاكم جائر له ، وإلا وجب الترتيب بينهما وعليه يحمل إطلاق [ ص: 187 ] من أوجبه وواضح أنا وإن أوجبناه فهو بالنسبة لغير الضمان لما علم مما مر أنه لا ضمان بمثل ذلك كالإمساك للقاتل ، ( أو يضرب بيده حرم سوط أو بسوط حرم عصا أو بقطع عضو حرم قتل ) ؛ لأنه جوز للضرورة ولا ضرورة للأغلظ مع إمكان الأسهل ، ومتى انتقل لمرتبة مع الاكتفاء بدونها ضمن ، نعم لمن رأى مولجا في أجنبية قتله وإن اندفع بدونه على ما قاله الماوردي والروياني ؛ لأنه في كل لحظة مواقع لا يستدرك بالأناة ، وفي قتله هذا وجهان : أحدهما قيل دفع فيختص بالرجل ولو بكرا ، والثاني حد فيقتل المحصن منهما ويجلد غيره والأظهر قتل الرجل مطلقا انتهى . والذي في الأم يقتل المحصن منهما باطنا كما مر أول التعزير ، وأما غيره فالذي يتجه فيه أنه لا يقتله إلا إن أدى الدفع بغيره إلى مضي زمن وهو متلبس بالفاحشة ، ولو لم يجد المصول عليه إلا سيفا جاز له الدفع به وإن كان يندفع بالعصا ؛ إذ لا تقصير منه في عدم استصحابها ولذلك من أحسن الدفع بطرف السيف من غير جرح يضمن به بخلاف من لا يحسن ولو التحم القتال بينهما خرج الأمر عن الضبط سيما لو كان الصائلون جماعة ، إذ رعاية الترتيب حينئذ تؤدي إلى إهلاكه ، أما المهدر كزان محصن وتارك صلاة بشرطه ، فلا تجب مراعاة هذا الترتيب فيه
حاشية ابن قاسم
[ ص: 187 ] قوله : أو بسوط حرم عصا ) أي : أو بعصا حرم سيف . ( قوله : وإن اندفع بدونه ) كلام الشيخين وغير هما مصرح بخلاف هذا ، وعبارة العباب كالروض وأصله : فإن اندفع بغير القتل فقتله فالقود إن لم يكن محصنا انتهى . ولهذا قال شيخنا الشهاب الرملي : المعتمد خلاف ما قاله الماوردي والروياني وأنه يجب الترتيب حتى في الفاحشة . ا هـ .
لكن يوافق ما قالاه بالنسبة للمحصن ما في شرح الروض وغيره مما نصه قال البلقيني : ومحله أي : رعاية الترتيب في المعصوم أما غيره كالحربي والمرتد فله العدول إلى قتله لعدم حرمته . ا هـ . إلا أن يستثنى من غير المعصوم الزاني المحصن حال زناه فيحتاج للفرق ولا وجه له ؛ لأنه إذا جاز ابتداء الزاني المحصن بالقتل مع عدم تلبسه بالزنا حال صياله فمع تلبسه به أولى ، نعم يمكن منازعة البلقيني فيما قاله بكلام الشيخين لتضمنه وجوب الترتيب في الزاني المحصن مع عدم عصمته فإن قضية ذلك أنه لا فرق بين المعصوم وغيره في وجوب الترتيب فليتأمل ، لكن هذا غير ظاهر في الحربي لجواز قتله ابتداء ولو في غير صيال . ( قوله : كزان محصن ) قضيته استثناؤه مما تقدم فيما لو رأى مولجا في أجنبية على ما أفاده كلام الشيخين من وجوب مراعاة الترتيب لكنه غير ظاهر ؛ لأنه إذا وجب الترتيب مع التلبس بالفاحشة فمع غيرها أولى
حاشية الشرواني
( قوله : المعصوم ) صفة الصائل وسيذكر محترزه بقوله : أما المهدر إلخ ، وقوله : على شيء إلخ متعلق بالصائل . ( قوله : ومنه ) إلى قوله : ويظهر في المغني . ( قوله : ومنه ) أي : الصيال . ( قول المتن : بالأخف ) وينبغي أن يعلم أنه يجوز دفع الصائل بالدعاء عليه بكف شره عن المصول عليه وإن كان بهلاكه حيث غلب على الظن أنه لا يندفع إلا بالهلاك ، وأنه لا يجوز دفعه بالسحر ؛ لأن السحر حرام لذاته ا هـ . ع ش . ( قوله : باعتبار غلبة ظن المصول إلخ ) لعله جرى على الغالب ، والمراد اعتبار غلبة ظن الدافع ا هـ . رشيدي . ( قوله : وعليه إلخ ) أي : على ما بعد الضرب . ( قوله : بمعجمة ومثلثة ) احتراز عن الاستعانة بمهملة وموحدة . ( قوله : إن لم يترتب على الاستغاثة إلخ ) ظاهر السياق أن الاستغاثة وإن ترتب عليها ما ذكر مقدمة على الضرب ، ولعله غير مراد ا هـ . رشيدي . ( قوله : وعليه إلخ ) أي : على [ ص: 187 ] ترتب ما ذكر على الاستغاثة . ( قوله : من أوجبه ) أي : الترتيب بينهما . ( قوله : فهو ) أي : إيجاب الترتيب . ( قوله : لأنه جوز ) إلى المتن في المغني إلا قوله : نعم إلى ، ولو لم يجد ، وقوله : ولذلك إلى ، ولو التحم . ( قوله : ولا ضرورة للأغلظ إلخ ) ولو اندفع شره كأن وقع في ماء أو نار أو انكسرت رجله أو حال بينهما جدار أو خندق لم يضر به كما في الروضة نهاية ومغني .
( قوله : ومتى انتقل لمرتبة إلخ ) ولو اختلفا صدق الدافع كما يأتي في قوله : وليكن الحكم كذلك في كل صائل ا هـ . ع ش . ( قوله : وإن اندفع بدونه إلخ ) كلام الشيخين وغيرهما مصرح بخلاف ذلك ، ولهذا قال شيخنا الشهاب الرملي : إن المعتمد خلاف ما قاله الماوردي والروياني وأنه يجب الترتيب حتى في الفاحشة انتهى ا هـ . سم عبارة المغني وهو أي : ما قاله الماوردي والروياني مردود لقول الشيخين في الروضة وأصلها : إذا وجد رجلا يزني بامرأة أو غيرها لزمه منعه ودفعه فإن هلك في الدفع فلا شيء عليه ، وإن اندفع بضرب وغيره ثم قتله لزمه القصاص إن لم يكن الزاني محصنا فإن كان محصنا فلا قصاص على الصحيح انتهى ، فهذا دليل على اشتراط الترتيب ا هـ . وكذا اعتمد النهاية وجوب الترتيب في الفاحشة وقال ع ش : هو معتمد ا هـ . ( قوله : لأنه إلخ ) هذا التعليل من كلام الماوردي والروياني كما هو صريح المغني خلافا لما يوهمه صنيع الشارح . ( قوله : لا يستدرك بالأناة ) أي : لا يدرك منع من الوقاع بالتأني ، فالسين والتاء زائدتان ، والضمير للمولج على حذف المضاف ، والأناة بوزن قناة التأني والتراخي ، والظاهر أنه اسم مصدر لتأنى ا هـ . بجيرمي . ( قوله : فيختص بالرجل ) أي : ولا يقتل المرأة مطلقا . ( قوله : مطلقا ) أي : محصنا أو لا . ( قوله : انتهى ) أي : قول الماوردي والروياني . ( قوله : بغيره ) أي : غير القتل . ( قوله : ولو لم يجد إلخ ) راجع إلى المتن . ( قوله : ولذلك ) اسم الإشارة راجع لقوله إذ لا تقصير منه ا هـ . ع ش .
( قوله : بطرف السيف ) أي : ظهره . ( قوله : يضمن به ) أي : بالدفع بالسيف أي : بحده . ( قوله : ولو التحم إلخ ) عبارة المغني ويستثنى من مراعاة الترتيب مسائل : الأولى : لو التحم القتال بينهما واشتد الأمر عن الضبط سقط مراعاة الترتيب كما ذكره الإمام في قتال البغاة ا هـ . زاد النهاية ، وهو ظاهر ؛ لأنه في هذه الحالة لو راعينا الأخف أفضى إلى هلاكه ا هـ . ( قوله : فلا تجب مراعاة هذا الترتيب إلخ ) أي : ما لم يكن مثله ا هـ . ع ش