قال تعالى : فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور [ لقمان : 33 ] . يعني الشيطان . وقد قال تعالى : إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير [ فاطر : 6 ] . فالشيطان لا يألو الإنسان خبالا جهده وطاقته في جميع أحواله وحركاته وسكناته ، كما صنف الحافظ أبو بكر بن أبي الدنيا رحمه الله كتابا في ذلك سماه " مصائد الشيطان " وفيه فوائد جمة .

وفي سنن أبي داود : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه : وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت . وروينا في بعض الأخبار أنه قال : يا رب وعزك وجلالك لا أزال أغويهم ما دامت أرواحهم في أجسادهم . فقال الله تعالى : وعزتي وجلالي ولا أزال أغفر لهم ما استغفروني . وقال الله تعالى : الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم [ البقرة : 268 ] . فوعد الله هو الحق الصدق ، ووعد الشيطان هو الباطل ، وقد روى الترمذي ، والنسائي ، وابن حبان في صحيحه ، وابن أبي حاتم في تفسيره من حديث عطاء بن السائب ، عن مرة الهمداني ، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن للشيطان لمة بابن آدم ، وللملك لمة ; فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق ، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق ، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله ، ومن وجد الأخرى فليتعوذ من الشيطان ، ثم قرأ : الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم .

ومن فضائل سورة البقرة أن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه ، ومن فضائل آية الكرسي أن من قرأها في ليلة لا يقربه الشيطان حتى يصبح . وقال البخاري بسنده عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير . في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب ، وكتبت له مائة حسنة ، ومحيت عنه مائة سيئة ، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ، ولم يأت رجل بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك . وأخرجه مسلم ، والترمذي ، وابن ماجه من حديث مالك . وقال الترمذي : حسن صحيح .

وقال البخاري : بسنده عن أبي هريرة قال : قال صلى الله عليه وسلم : كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبيه بإصبعه حين يولد غير عيسى ابن مريم ذهب يطعن فطعن في الحجاب . تفرد به من هذا الوجه . وقال البخاري بسنده عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : التثاؤب من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع فإن أحدكم إذا قال : ها . ضحك الشيطان . وفي لفظ إذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع فإن الشيطان يدخل .

وقال الإمام أحمد بسنده عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله يحب العطاس ، ويبغض أو يكره التثاؤب ، فإذا قال : أحدكم ها ها . فإنما ذلك الشيطان يضحك من جوفه . وقال البخاري بسنده عن مسروق قال : قالت عائشة : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن التفات الرجل في الصلاة . فقال : هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة أحدكم .

وروى البخاري بسنده عن عبد الله بن أبي قتادة ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الرؤيا الصالحة من الله ، والحلم من الشيطان فإذا حلم أحدكم حلما يخافه فليبصق عن يساره وليتعوذ بالله من شرها فإنها لا تضره . وقال الإمام أحمد بسنده عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يمشين أحدكم إلى أخيه بالسلاح ، فإنه لا يدري أحدكم لعل الشيطان أن ينزع في يده فيقع في حفرة من النار . أخرجاه من حديث عبد الرزاق .

التالي السابق


الخدمات العلمية