إخراج آدم من الجنة :
قال العلماء: لما واقع آدم وحواء الخطيئة أخرجهما الله تعالى من الجنة وسلبهما ما كانا فيه من النعمة ، وأهبطهما وعدويهما إبليس والحية إلى الأرض .
قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين [ الأعراف : 24 ] . وهذا خطاب لآدم وحواء وإبليس . قيل : والحية معهم . أمروا أن يهبطوا من الجنة في حال كونهم متعادين متحاربين ، وقد يستشهد لذكر الحية معهما بما ثبت في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر بقتل الحيات . وقال
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509664ما سالمناهن منذ حاربناهن .
وقوله في سورة طه :
قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو [ طه : 123 ] . هو أمر لآدم وإبليس وما تناسل منهما عداوة مستمرة ، واستتبع آدم حواء ، وإبليس الحية . وقيل : هو أمر لهم بصيغة التثنية . كما في قوله تعالى :
وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين [ الأنبياء : 78 ] . والصحيح أن هذا لما كان الحاكم لا يحكم إلا بين اثنين مدع ومدعى عليه . قال : وكنا لحكمهم شاهدين . وأما تكريره الإهباط في سورة البقرة في قوله :
وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون [ البقرة : 36 39 ] . فقال بعض المفسرين : المراد بالإهباط الأول الهبوط من الجنة إلى السماء الدنيا ، وبالثاني من السماء الدنيا إلى الأرض . وهذا ضعيف لقوله في الأول :
وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين . فدل على أنهم أهبطوا إلى الأرض بالإهباط الأول ، والله أعلم .
والصحيح أنه كرره لفظا ، وإن كان واحدا ، وناط مع كل مرة حكما ; فناط بالأول : عداوتهم فيما بينهم ، وبالثاني : الاشتراط عليهم أن من تبع هداه الذي ينزله عليهم بعد ذلك هو السعيد ، ومن خالفه فهو الشقي ، وهذا الأسلوب في الكلام له نظائر في القرآن الحكيم .
وروى الحافظ ابن عساكر ، عن مجاهد قال : أمر الله ملكين أن يخرجا آدم وحواء من جواره ، فنزع جبريل التاج عن رأسه ، وحل ميكائيل الإكليل عن جبينه ، وتعلق به غصن فظن آدم أنه قد عوجل بالعقوبة فنكس رأسه يقول : العفو العفو ، فقال الله سبحانه : فرارا مني يا آدم . قال : بل حياء منك يا سيدي