ما هبط معه من الجنة
قال أبو موسى الأشعري : لما أخرجه الله من الجنة زوده من ثمارها ، فثماركم هذه من ثمارها .
غير هذه تتغير ، وتلك لا تتغير وقال ابن عباس : كان حين أخرج لا يمر بشيء إلا عبث به ، فقيل للملائكة: دعوه فليتزود منها ما شاء ، فنزل بالهند ، وإن هذا الطيب الذي يجاء به من الهند مما خرج به آدم .
وروى أبو صالح عن ابن عباس ، قال: نزل آدم معه ريح الجنة فعلق بشجرها وأوديتها – يعني الهند - وأنزل معه
الحجر الأسود ، وكان أشد بياضا من الثلج ، وعصا موسى ، وكانت من آس الجنة ، طولها عشرة أذرع ، ومر ، ولبان .
وقال أبو العالية : أخرج ومعه غصن من شجر الجنة ، وعلى رأسه تاج أو إكليل من شجر الجنة .
وقال قتادة : أهبط آدم على جبل بالهند وعلى رأسه إكليل من [شجر] الجنة فعبق ريح ذلك الإكليل بشجر ذلك الجبل فصار طيبا .
وعن أبو الحسن بن البر ، قال: أهبط آدم بالهند في جزيرة سرنديب على جبل يدعى نوذ ، وعلى آدم الورق الذي خصفه فيبس فتحات فنبت منه أنواع الطيب والثمار ، فعلى ذلك الجبل: العود ، والسنبل ، والقرنفل ، والأفاويه ، ودابة المسك ، ودابة الزباد ، وحول الجبل الياقوت ، وفي واديه الماس ، وفي أرض تلك الجزيرة السفاذج ، وفي أنهارها البلور ، وفي بحرها اللؤلؤ .
وأخرج آدم من الجنة معه صرة حنطة ، وثلاثين نصيبا من
ثمر الجنة ، عشرة في القشور: الجوز ، واللوز ، والفستق ، والبندق ، والخشخاش ، والبلوط ، والشاهبلوط ، والجوز الهندي ، والرمان ، والموز .
وعشرة لها نوى: الخوخ ، والمشمش والإجاص ، والرطب ، والغبيراء ، والنبق ، والزعرور ، والعناب ، والمقل والشاملوك .
وعشرة لا قشور لها ولا نوى: التفاح ، والسفرجل ، والكمثرى ، والعنب ، والتوت ، والتين ، والأترج ، والخروب ، والخيار ، والبطيخ .
وأنزل على آدم من الصحف إحدى وعشرون صحيفة ، وحرم عليه الميتة والدم ولحم الخنزير ، وفرض عليه صلاة خمسين ركعة .
وعن أنس بن مالك ، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
"لما أهبط الله آدم من الجنة إلى الأرض حزن عليه كل شيء جاوره إلا الذهب والفضة ، فأوحى الله إليهما: جاورتكما بعبد من عبادي ، ثم أهبطه من جواركما ، فحزن عليه كل شيء إلا أنتما ، قالا: إلهنا وسيدنا ، أنت تعلم أنك جاورتنا به وهو لك مطيع ، فلما عصاك لم نحب أن نحزن عليه ، فأوحى الله إليهما: وعزتي وجلالي لأعزنكما حتى لا ينال كل شيء إلا بكما" .
وعن سعيد بن جبير ، قال: أهبط آدم عليه السلام إلى الأرض وليس في الأرض إلا حوت ونسر ، فكان النسر إذا أمسى آوى إلى الحوت فيبيت عنده ، فلما رأى النسر آدم أتى إلى الحوت ، فقال: يا حوت قد أهبط إلى الأرض شيء يمشي على رجليه ويبطش بيده ، فقالت: إن كنت صادقا فما لي في البحر مهرب ، ولا لك في البر مهرب . يريد أنه يحتال عليهما . وأنزل عليه جبرائيل بصرة فيها حنطة ، فقال آدم : ما هذا ؟ قال : هذا الذي أخرجك من الجنة فقال : ما أصنع به ؟ فقال : انثره في الأرض . ففعل ، فأنبته الله من ساعته ، ثم حصده ، وجمعه ، وفركه ، وذراه ، وطحنه ، وعجنه ، وخبزه ، كل ذلك بتعليم جبرائيل ، وجمع له جبرائيل الحجر والحديد ، فقدحه ، فخرجت منه النار ، وعلمه جبرائيل صنعة الحديد ، والحراثة ، وأنزل إليه ثورا ، فكان يحرث عليه ، قيل هو الشقاء الذي ذكره الله تعالى بقوله :
فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى . وقال السدي : نزل آدم بالهند ، ونزل معه بالحجر الأسود وبقبضة من ورق الجنة ، فبثه في الهند فنبتت شجرة الطيب هناك .