ثم أخذ آدم في البكاء إلى أن نزلت عليه التوبة :
قال ابن عباس :
بكى آدم وحواء على ما فاتهما من نعم الجنة مائتي سنة ، لم يأكلا ولم يشربا أربعين يوما ، ولم يقرب آدم حواء مائة سنة .
عن الحسن ، قال: أهبط آدم [من] الجنة فبكى ثلاثمائة سنة لا يرفع رأسه إلى السماء ولا يلتفت إلى المرأة ولا يضع يده عليها .
وعن وهب بن منبه ، قال: أوحى الله إلى آدم : يا آدم ما هذه الكآبة التي بوجهك والبلية التي قد أحاطت بك؟ قال: خروجي من دار البقاء إلى دار الفناء ، من دار النعم إلى دار الشقاء . قال: ثم إن آدم سجد سجدة على جبل الهند مائة عام يبكي حتى جرت دموعه في وادي سرنديب ، فأنبت الله لذلك الوادي من دموع آدم الدار صيني والقرنفل ، وجعل طير ذلك الوادي الطواويس ، ثم إن جبريل أتاه فقال: يا آدم ارفع رأسك فقد غفر لك ، فرفع رأسه وسار آدم إلى البيت ليحجه ، ويتوب عنده ، فأتى البيت فطاف أسبوعا فما أتمه حتى خاض في دموعه إلى ركبتيه ثم أتى موضع المقام وصلى فيه ركعتين ، وبكى حتى جرت دموعه على الأرض .
قبول توبة آدم قلت: وكان
السبب في قبول توبة آدم أنه تلقى كلمات فقالها فتيب عليه ، وذلك قوله تعالى:
فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه .
واختلف المفسرون في تلك الكلمات على وجوه قد ذكرناها في التفسير ، والذي نختاره من الأقوال .
ما جاء عن مجاهد :
فتلقى آدم من ربه كلمات . قال: هو قوله:
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا . . . إلى آخر الآية .
قال قتادة : تاب الله على آدم يوم عاشوراء . وقال ابن أبي نجيح : عن مجاهد قال : الكلمات : اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنك خير الغافرين ، اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنك خير الراحمين ، اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك رب إني ظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم . وروى الحاكم في مستدركه من طريق سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه . قال : قال : آدم يا رب ألم تخلقني بيدك . قيل له : بلى . ونفخت في من روحك . قيل له : بلى . وعطست ، فقلت : يرحمك الله ، وسبقت رحمتك غضبك . قيل له : بلى . وكتبت علي أن أعمل هذا . قيل له : بلى . قال : أفرأيت إن تبت هل أنت راجعي إلى الجنة ؟ . قال : نعم . ثم قال الحاكم : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه .
وعن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509671لما اقترف آدم الخطيئة قال : يا رب أسألك بحق محمد إلا غفرت لي . فقال الله : فكيف عرفت محمدا ولم أخلقه بعد . فقال : يا رب لأنك لما خلقتني بيدك ، ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا : لا إله إلا الله محمد رسول الله . فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك . فقال الله : صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي ، وإذ سألتني بحقه فقد غفرت لك ، ولولا محمد ما خلقتك . قال البيهقي تفرد به عبد الرحمن بن زيد بن أسلم من هذا الوجه ، وهو ضعيف ، والله أعلم .