وفاة آدم عليه السلام

روى أبو هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : قال الله تعالى لآدم حين خلقه : ائت أولئك النفر من الملائكة قل السلام عليكم ، فأتاهم فسلم عليهم ، وقالوا له : عليك السلام ورحمة الله ، ثم رجع إلى ربه ، فقال له : هذه تحيتك وتحية ذريتك بينهم . ثم قبض له يديه ، فقال له خذ واختر . فقال : أحببت يمين ربي وكلتا يديه يمين ، ففتحها له فإذا فيها صورة آدم وذريته كلهم ، وإذا كل رجل منهم مكتوب عنده أجله ، وإذا آدم قد كتب له عمر ألف سنة ، وإذا قوم عليهم النور ، فقال : يا رب ، من هؤلاء الذين عليهم النور ؟ فقال : هؤلاء الأنبياء والرسل الذين أرسلهم إلى عبادي ، وإذا فيهم رجل هو من أضوئهم نورا ولم يكتب له من العمر إلا أربعون سنة . فقال آدم : يا رب ، هذا من أضوئهم ولم تكتب له إلا أربعين سنة ، بعد أن أعلمه أنه داود - عليه السلام - فقال : ذلك ما كتبت له . فقال : يا رب ، انقص له من عمري ستين سنة . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " فلما أهبط إلى الأرض كان يعد أيامه ، فلما أتاه ملك الموت لقبضه قال له آدم : عجلت يا ملك الموت ! قد بقي من عمري ستون سنة . فقال له ملك الموت : ما بقي شيء ، سألت ربك أن يكتبه لابنك داود . فقال : ما فعلت ! " فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : فنسي آدم فنسيت ذريته ، وجحد فجحدت ذريته فحينئذ وضع الله الكتاب وأمر بالشهود " .

وقال ابن عباس : كان عمر آدم تسعمائة سنة وستا وثلاثين سنة ، وأهل التوراة يزعمون أن عمر آدم تسعمائة سنة وثلاثون سنة ، والأخبار عن رسول الله والعلماء ما ذكرنا ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلم الخلق .

وعلى رواية أبي هريرة التي فيها أن آدم وهب داود من عمره ستين سنة لم يكن كثير اختلاف بين الحديثين ، وما في التوراة من أن عمره كان تسعمائة وثلاثين سنة ، فلعل الله ذكر عمره في التوراة سوى ما وهبه لداود .



وعن الحسن ، قال: رأيت شيخا بالمدينة يتكلم فسألت عنه ، فقالوا هذا أبي بن كعب ، فقال: إن آدم [عليه السلام] لما حضره الموت قال لبنيه: أي بني إني أشتهي من ثمار الجنة ، فذهبوا يطلبون له منها فاستقبلتهم الملائكة ومعهم أكفانه وحنوط ، ومعهم الفؤوس والمساحي والمكاتل ، فقالوا لهم: يا بني آدم ما تريدون؟ قالوا: أبونا مريض واشتهى من ثمار الجنة ، قالوا لهم: ارجعوا قد قضى أبوكم . فجاءوا فلما رأتهم حواء عرفتهم ، فلاذت بآدم ، فقال: إليك عني إنما أتيت من قبلك ، خلي بيني وبين ملائكة ربي تبارك وتعالى ، فقبضوه وغسلوه وكفنوه وحنطوه وحفروا له وألحدوا له ، وصلوا عليه ، ثم دخلوا قبره فوضعوه في قبره ووضعوا عليه اللبن ، ثم خرجوا من القبر ثم حثوا عليه ، ثم قالوا: يا بني آدم هذه سنتكم .

وعن أبي [بن] كعب ، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الملائكة صلت على آدم وكبرت عليه أربعا ، وقالوا: هذه سنتكم يا بني آدم " .

وعن ابن عباس ، قال: صلى جبريل على آدم ، كبر عليه أربعا وصلى جبريل بالملائكة يومئذ ، ودفن في مسجد الخيف وحد من قبل القبلة ولحد له وكتم قبره .

وقال عروة بن الزبير : أتاه جبريل بثياب من الجنة وحنوط من حنوطها ، فكفنه وحنطه وحملته الملائكة حتى وضعته بباب الكعبة وصلى عليه جبريل ثم حملته الملائكة حتى دفنته في مسجد الخيف .

وقال ابن إسحاق : قبر عند منى أول قرية كانت في الأرض ، قال: وبلغني أنه مات بمكة ، وقال قوم: قبر في غار أبي قبيس .

وعن ابن عباس ، قال: مات آدم على نود ، الجبل الذي أهبط عليه ، فقال شيث لجبريل : صل على آدم ، فقال: تقدم أنت وكبر عليه ثلاثين تكبيرة .

ولما ركب نوح حمل معه آدم فلما خرج من السفينة دفن آدم ببيت المقدس ، ولم يمت آدم حتى بلغ ولده وولد ولده أربعين ألفا ، ورأى فيهم الزنا وشرب الخمر والفساد .

وقد ذكرنا أنه توفي يوم الجمعة . وقال عطاء الخراساني : لما مات آدم بكت الخلائق عليه سبعة أيام

التالي السابق


الخدمات العلمية