وهو أحد أولي العزم الخمسة المنصوص على أسمائهم تخصيصا من بين سائر الأنبياء في آيتي الأحزاب والشورى ، وهما قوله تعالى : وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا [ الأحزاب : 7 ] . وقوله : شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه [ الشورى : 13 ] . الآية ، ثم هو أشرف أولي العزم بعد محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو الذي وجده عليه السلام في السماء السابعة مسندا ظهره بالبيت المعمور الذي يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم ، وما وقع في حديث شريك بن أبي نمر ، عن أنس في حديث الإسراء ؛ من أن إبراهيم في السادسة وموسى في السابعة ، فمما انتقد على شريك في هذا الحديث والصحيح الأول .

ثم مما يدل على أن إبراهيم أفضل من موسى الحديث الذي قال فيه : وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي الخلق كلهم حتى إبراهيم . رواه مسلم من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه ، وهذا هو المقام المحمود الذي أخبر عنه صلوات الله وسلامه عليه بقوله : أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ، ولا فخر . ثم ذكر استشفاع الناس بآدم ، ثم بنوح ، ثم بإبراهيم ، ثم موسى ، ثم عيسى فكلهم يحيد عنها ، حتى يأتوا محمدا صلى الله عليه وسلم فيقول : أنا لها أنا لها . الحديث .

قال البخاري بسنده عن أبي هريرة قال : قيل : يا رسول الله من أكرم الناس ؟ قال : أتقاهم . قالوا : ليس عن هذا نسألك . قال : فيوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله . قالوا : ليس عن هذا نسألك . قال : فعن معادن العرب تسألوني ؟ خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا .

وقال أحمد بسنده عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله . تفرد به أحمد . وعن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : يحشر الناس حفاة عراة غرلا فأول من يكسى إبراهيم عليه السلام . ثم قرأ كما بدأنا أول خلق نعيده . فأخرجاه في الصحيحين من حديث عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس به . وهذه الفضيلة المعينة لا تقتضي الأفضلية بالنسبة إلى ما قابلها مما ثبت لصاحب المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون ، وأما الحديث الآخر الذي قال الإمام أحمد بسنده عن أنس بن مالك قال : قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : يا خير البرية فقال : " ذاك إبراهيم " . فقد رواه مسلم وهذا من باب الهضم ، والتواضع مع والده الخليل عليه السلام ، كما قال : لا تفضلوني على الأنبياء . وقال لا تفضلوني على موسى فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فأجد موسى باطشا بقائمة العرش ، فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور . وهذا كله لا ينافي ما ثبت بالتواتر عنه صلوات الله وسلامه عليه من أنه سيد ولد آدم يوم القيامة . وكذلك حديث أبي بن كعب في صحيح مسلم وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي الخلق كلهم حتى إبراهيم . ولما كان إبراهيم عليه السلام أفضل الرسل وأولي العزم بعد محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين أمر المصلي أن يقول في تشهده ما ثبت في الصحيحين من حديث كعب بن عجرة ، وغيره قال : قلنا : يا رسول الله هذا السلام عليك قد عرفناه ، فكيف الصلاة عليك ؟ قال : قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد .

وقال تعالى : وإبراهيم الذي وفى . قالوا : وفى جميع ما أمر به . وقام بجميع خصال الإيمان وشعبه ، وكان لا يشغله مراعاة الأمر الجليل عن القيام بمصلحة الأمر القليل ، ولا ينسيه القيام بأعباء المصالح الكبار عن الصغار.

التالي السابق


الخدمات العلمية