ومن
ما كلم الله عز وجل به موسى عليه السلام
ما روي عن كعب ، قال: إن الرب عز وجل قال لموسى: يا موسى إذا رأيت الغنى مقبلا فقل: ذنب عجلت عقوبته ، وإذا رأيت الفقر مقبلا فقل: مرحبا بشعار الصالحين .
يا موسى ، إنك لن تقرب علي بعمل من أعمال البر خير لك من الرضا بقضائي ، ولن تأتي بعمل أحبط لحسناتك من البطر ، وإياك والتضرع لأبناء الدنيا ، إذن أعرض عنك ، وإياك أن تجود بدينك لدنياهم إذن آمر أبواب رحمتي أن تغلق دونك .
ادن الفقراء ، وقرب مجلسهم منك ، ولا تركن إلى حب الدنيا ، فإنك لن تلقاني بكبيرة من الكبائر أضر عليك من الركون إلى الدنيا .
يا موسى بن عمران ، قل للمذنبين النادمين: أبشروا ، وقل للعالمين المعجبين: اخسئوا .
قال وهب بن منبه: كان موسى إذا كلمه الله عز وجل يرى النور على وجهه ثلاثة أيام ، ولم يتعرض للنساء مذ كلمه .
وقد روى أبو سعيد الخدري قال: افتخر أهل الإبل والغنم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=654037 "السكينة والوقار في أهل الغنم ، والخيلاء في أهل الإبل" . وقال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=935437 "بعث موسى وهو يرعى غنما لأهله ، وبعثت وأنا أرعى غنما لأهلي بجياد" . وقال قتادة : قال موسى : يا رب أجد في الألواح أمة ، خير أمة أخرجت للناس ، يأمرون بالمعروف ، وينهون عن المنكر ، رب اجعلهم أمتي . قال : تلك أمة أحمد . قال : رب إني أجد في الألواح أمة ، هم الآخرون في الخلق ، السابقون في دخول الجنة ، رب اجعلهم أمتي . قال : تلك أمة أحمد . قال : رب إني أجد في الألواح أمة ، أناجيلهم في صدورهم ، يقرؤونها ، وكان من قبلهم يقرؤون كتابهم نظرا ، حتى إذا رفعوها لم يحفظوا شيئا ولم يعرفوه ، وإن الله أعطاكم أيتها الأمة من الحفظ شيئا ، لم يعطه أحدا من الأمم . قال : رب اجعلهم أمتي . قال : تلك أمة أحمد . قال : رب إني أجد في الألواح أمة ، يؤمنون بالكتاب الأول ، وبالكتاب الآخر ، ويقاتلون فضول الضلالة ، حتى يقاتلوا الأعور الكذاب ، فاجعلهم أمتي . قال : تلك أمة أحمد . قال : رب إني أجد في الألواح أمة ، صدقاتهم يأكلونها في بطونهم ، ويؤجرون عليها ، وكان من قبلهم إذا تصدق بصدقة فقبلت منه بعث الله عليها نارا فأكلتها ، وإن ردت عليه تركت فتأكلها السباع والطير ، وإن الله أخذ صدقاتكم من غنيكم لفقيركم قال : رب فاجعلهم أمتي . قال : تلك أمة أحمد . قال : رب فإني أجد في الألواح أمة ، إذا هم أحدهم بحسنة ، ثم لم يعملها كتبت له حسنة ، فإن عملها كتبت له عشر أمثالها ، إلى سبعمائة ضعف ، قال : رب ، اجعلهم أمتي . قال : تلك أمة أحمد . قال : رب إني أجد في الألواح أمة هم المشفعون ، المشفوع لهم ، فاجعلهم أمتي . قال تلك أمة أحمد . قال لنا قتادة : فذكر لنا أن موسى ، عليه السلام ، نبذ الألواح وقال : اللهم اجعلني من أمة أحمد .
قال الحافظ أبو حاتم ، محمد بن حاتم بن حبان في " صحيحه " : ذكر سؤال كليم الله ربه ، عز وجل عن أدنى أهل الجنة وأرفعهم منزلة; وعن - شيخان صالحان - سمعنا الشعبي يقول : سمعت المغيرة بن شعبة يقول على المنبر ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509820عن النبي صلى الله عليه وسلم : إن موسى ، عليه السلام ، سأل ربه ، عز وجل : أي أهل الجنة أدنى منزلة؟ فقال : رجل يجيء بعد ما يدخل أهل الجنة الجنة ، فيقال : ادخل الجنة . فيقول : كيف أدخل الجنة وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم . فيقال له : ترضى أن يكون لك من الجنة مثل ما كان لملك من ملوك الدنيا؟ فيقول : نعم أي رب . فيقال : لك هذا ، ومثله ، ومثله . فيقول : أي رب ، رضيت . فيقال : إن لك هذا وعشرة أمثاله . فيقول : أي رب رضيت . فيقال له : لك مع هذا ما اشتهت نفسك ، ولذت عينك . وسأل ربه : أي أهل الجنة أرفع منزلة؟ قال : سأحدثك عنهم ، غرست كرامتهم بيدي ، وختمت عليها ، فلا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ومصداق ذلك في كتاب الله تعالى فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين الآية . وهكذا رواه مسلم ، والترمذي ، كلاهما عن ابن أبي عمر ، عن سفيان ، وهو ابن عيينة ، به ، ولفظ مسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509821فيقال له : أترضى أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا؟ فيقول : رضيت رب . فيقول : لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله . فيقول في الخامسة : رضيت رب . فيقول : هذا لك وعشرة أمثاله ، ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك . فيقول : رضيت رب . قال : رب ، فأعلاهم منزلة؟ قال : أولئك الذين أردت غرست كرامتهم بيدي ، وختمت عليها ، فلم تر عين ، ولم تسمع أذن ، ولم يخطر على قلب بشر قال : ومصداقه من كتاب الله
فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون وقال الترمذي : حسن صحيح . ذكر سؤال موسى ربه عن سبع خصال وقال ابن حبان : ذكر سؤال الكليم ربه عن خصال سبع فعن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال :
سأل موسى ربه ، عز وجل ، عن ست خصال كان يظن أنها له خالصة ، والسابعة لم يكن موسى يحبها; قال : يا رب أي عبادك أتقى؟ قال : الذي يذكر ولا ينسى . قال : فأي عبادك أهدى؟ قال الذي يتبع الهدى . قال : فأي عبادك أحكم؟ قال : الذي يحكم للناس كما يحكم لنفسه . قال : فأي عبادك أعلم؟ قال : عالم لا يشبع من العلم ، يجمع علم الناس إلى علمه . قال : فأي عبادك أعز؟ قال : الذي إذا قدر غفر . قال : فأي عبادك أغنى؟ قال : الذي يرضى بما يؤتى . قال : فأي عبادك أفقر؟ قال : صاحب منقوص قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509823ليس الغنى عن ظهر ، إنما الغنى غنى النفس ، وإذا أراد الله بعبد خيرا جعل غناه في نفسه ، وتقاه في قلبه ، وإذا أراد بعبد شرا جعل فقره بين عينيه .
قال ابن حبان : قوله : صاحب منقوص . يريد به منقوص حالته ، يستقل ما أوتي ، ويطلب الفضل .
وعن ابن عباس ، قال : سأل موسى ربه ، عز وجل ، فذكر نحوه ، وفيه : قال : أي رب ، فأي عبادك أعلم؟ قال : الذي يبتغي علم الناس إلى علمه ، عسى أن يصيب كلمة تهديه إلى هدى ، أو ترده عن ردى . قال : أي رب ، فهل في الأرض أحد أعلم مني؟ قال : نعم ، الخضر . فسأل السبيل إليه . وقال ابن حبان : ذكر سؤال كليم الله ربه ، جل وعلا ، أن يعلمه شيئا يذكره به ، وعن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509824قال موسى : يا رب علمني شيئا أذكرك به وأدعوك به . قال : قل يا موسى : لا إله إلا الله . قال : يا رب كل عبادك يقول هذا . قال : قل : لا إله إلا الله . قال : إنما أريد شيئا تخصني به . قال : يا موسى لو أن أهل السماوات السبع والأرضين السبع في كفة ، ولا إله إلا الله في كفة مالت بهم لا إله إلا الله
وقال ابن أبي حاتم ، عند تفسير آية الكرسي : عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أن بني إسرائيل قالوا لموسى : هل ينام ربك؟ قال : اتقوا الله . فناداه ربه : يا موسى سألوك هل ينام ربك ، فخذ زجاجتين في يديك فقم الليل ، ففعل موسى ، فلما ذهب من الليل ثلث ، نعس فوقع لركبتيه ، ثم انتعش ، فضبطهما حتى إذا كان آخر الليل نعس ، فسقطت الزجاجتان ، فانكسرتا . فقال : يا موسى ، لو كنت أنام ، لسقطت السماوات والأرض ، فهلكن كما هلكت الزجاجتان في يديك . قال : وأنزل الله على رسوله آية الكرسي .
وقال ابن جرير : وعن أبي هريرة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي عن موسى ، عليه السلام ، على المنبر ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509825وقع في نفس موسى ، عليه السلام ، هل ينام الله ، عز وجل؟ فأرسل الله إليه ملكا ، فأرقه ثلاثا ، ثم أعطاه قارورتين ، في كل يد قارورة ، وأمره أن يحتفظ بهما ، قال : فجعل ينام ، وكادت يداه تلتقيان فيستيقظ ، فيحبس إحداهما على الأخرى ، حتى نام نومة ، فاصطفقت يداه ، فانكسرت القارورتان قال : ضرب الله له مثلا ، أن لو كان ينام ، لم تستمسك السماء والأرض .