ذكر سليمان نبي الله ، عليه السلام ، إذا صلى رأى شجرة نابتة بين يديه فيقول لها : ما اسمك ؟ فتقول : كذا . فيقول : لأي شيء أنت ؟ فإن كانت لغرس غرست ، وإن كانت لدواء كتبت ، فبينما هو يصلي ذات يوم إذ رأى شجرة بين يديه ، فقال لها : ما اسمك ؟ قالت : الخروب . قال : لأي شيء أنت ؟ قالت : لخراب هذا البيت . فقال سليمان : اللهم عم على الجن موتي ; حتى تعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب . فنحتها عصا ، فتوكأ عليها حولا والجن تعمل ، فأكلتها الأرضة فتبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولا في العذاب المهين قال : وكان ابن عباس يقرؤها كذلك . قال : فشكرت الجن للأرضة ، فكانت تأتيها بالماء . وذلك قول الله ، عز وجل : ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين يقول : تبين أمرهم للناس أنهم كانوا يكذبونهم . ثم إن الشياطين قالوا للأرضة : لو كنت تأكلين الطعام لأتيناك بأطيب الطعام ، ولو كنت تشربين الشراب سقيناك أطيب الشراب ، ولكنا سننقل إليك الماء والطين . قال : فهم ينقلون إليها ذلك حيث كانت ، قال : ألم تر إلى الطين الذي يكون في جوف الخشب ، فهو ما تأتيها به الشياطين شكرا لها .

وعن خيثمة ، قال : قال سليمان بن داود عليهما السلام ، لملك الموت : إذا أردت أن تقبض روحي فأعلمني . قال : ما أنا بأعلم بذاك منك ; إنما هي كتب تلقى إلي ، فيها تسمية من يموت .

وقال أصبغ بن الفرج ، وعبد الله بن وهب ، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال : قال سليمان لملك الموت : إذا أمرت بي فأعلمني . فأتاه فقال : يا سليمان قد أمرت بك قد بقيت لك سويعة . فدعا الشياطين فبنوا عليه صرحا من قوارير ليس له باب ، فقام يصلي فاتكأ على عصاه . قال : فدخل عليه ملك الموت ، فقبض روحه وهو متوكئ على عصاه . ولم يصنع ذلك فرارا من ملك الموت . قال : والجن تعمل بين يديه وينظرون إليه ، يحسبون أنه حي . قال : فبعث الله دابة الأرض ، يعني إلى منسأته ، فأكلتها حتى إذا أكلت جوف العصا ضعفت وثقل عليها ، فخر فلما رأت الجن ذلك ، انفضوا وذهبوا . قال : فذلك قوله : ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين

مدة ملكه وحياته

عن الزهري ، وغيره : أن سليمان ، عليه السلام ، عاش ثنتين وخمسين سنة ، وكان ملكه أربعين سنة . وعن ابن عباس ، أن ملكه كان عشرين سنة . فالله أعلم . وقال ابن جرير : فكان جميع عمر سليمان بن داود عليهما السلام ، نيفا وخمسين سنة . وفي سنة أربع من ملكه ابتدأ ببناء بيت المقدس فيما ذكر . ثم ملك بعده ابنه رحبعم مدة سبع عشرة سنة فيما ذكره ابن جرير قال : ثم تفرقت بعده مملكة بني إسرائيل .

التالي السابق


الخدمات العلمية