الله تعالى أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقص على الناس خبر زكريا عليه السلام ، وما كان من أمره حين وهبه الله ولدا على الكبر ، وكانت امرأته عاقرا في حال شبيبتها ، وقد أسنت أيضا ; حتى لا ييأس أحد من فضل الله ورحمته ، ولا يقنط من فضله ، تعالى وتقدس ، فقال تعالى : ذكر رحمة ربك عبده زكريا إذ نادى ربه نداء خفيا قال قتادة عند تفسيرها : إن الله يعلم القلب النقي ويسمع الصوت الخفي وقال بعض السلف : قام من الليل فنادى ربه مناداة أسرها عمن كان حاضرا عنده ; مخافتة فقال : يا رب ، يا رب ، يا رب . فقال الله : لبيك ، لبيك ، لبيك . قال رب إني وهن العظم مني أي : ضعف وخار من الكبر . واشتعل الرأس شيبا استعارة من اشتعال النار في الحطب ، أي غلب على سواد الشعر شيبه ، كما قال ابن دريد في مقصورته :
إما ترى رأسي حاكى لونه طرة صبح تحت أذيال الدجى واشتعل المبيض في مسوده مثل اشتعال النار في جزل الغضا وآض روض اللهو يبسا ذاويا من بعد ما قد كان مجاج الثرى