ذكر كلمات مما أوحي إلى عيسى عليه السلام

عن بعض من أسلم من أهل الكتاب قال: أوحى الله تعالى إلى عيسى : يا عيسى ابن مريم ، اذكرني في الدنيا أذكرك في المعاد ، أكحل عينك بملول الحزن ، تيقظ لي في ساعات الليل . أسمعني لذاذة الإنجيل ، إذا دخلت مسجدا من مساجدي فليضطرب قلبك خوفا مني ، ولتخشع جوارحك لي . وقل لقومك إذا دخلوا مسجدا من مساجدي: لا تدخلوا إلا بقلوب خائفة ، وأبصار خاشعة خافضة ، وأيد طاهرة من الدنس . وأخبرهم أني لا أستجيب دعاء الظالم حتى يرد المظلمة إلى صاحبها . يا عيسى ، لا تجالس الخطائين حتى يتوبوا . [ يا عيسى ، إني ذاكر كل من ذكرني ، وألعن الظالمين إذا ذكروني ] . وعن عبد الله بن عوسجة ، قال : أوحى الله إلى عيسى ابن مريم : أنزلني من نفسك كهمك ، واجعلني ذخرا لك في معادك ، وتقرب إلي بالنوافل أحبك ، ولا تول غيري فأخذلك ، اصبر على البلاء ، وارض بالقضاء ، وكن لمسرتي فيك ، فإن مسرتي أن أطاع فلا أعصى ، وكن مني قريبا ، وأحي ذكري بلسانك ، ولتكن مودتي في صدرك ، تيقظ من ساعات الغفلة ، واحكم لي لطيف الفطنة ، وكن لي راغبا راهبا ، وأمت قلبك من الخشية لي ، وراع الليل لحق مسرتي ، وأظم نهارك ليوم الري عندي ، نافس في الخيرات جهدك وأعرف بالخير حيث توجهت وقم في الخلائق بنصيحتي ، واحكم في عبادي بعدلي ، فقد أنزلت عليك شفاء وساوس الصدور من مرض النسيان ، وجلاء الأبصار من غشاء الكلال ، ولا تكن حلسا كأنك مقبوض وأنت حي تنفس ، يا عيسى ابن مريم ، ما آمنت بي خليقة إلا خشعت ، ولا خشعت لي إلا رجت ثوابي ، فأشهدك أنها آمنة من عقابي ، ما لم تغير أو تبدل سنتي ، يا عيسى ابن مريم البكر البتول ، ابك على نفسك أيام الحياة بكاء من ودع الأهل وقلا الدنيا ، وترك اللذات لأهلها ، وارتفعت رغبته فيما عند إلهه ، وكن في ذلك تلين الكلام ، وتفشي السلام ، وكن يقظان إذا نامت عيون الأبرار ، حذار ما هو آت من أمر المعاد ، وزلازل شدائد الأهوال ، قبل أن لا ينفع أهل ولا مال ، واكحل عينك بملمول الحزن إذا ضحك البطالون ، وكن في ذلك صابرا محتسبا ، فطوبى لك إن نالك ما وعدت الصابرين ، رج من الدنيا بالله : يوم بيوم ، وذق مذاقة ما قد هرب منك أين طعمه ، وما لم يأتك كيف لذته ، فرج من الدنيا بالبلغة ، وليكفك منها الخشن الجشيب ، قد رأيت إلى ما تصير ، اعمل على حساب فإنك مسئول ، لو رأت عينك ما أعددت لأوليائي الصالحين ، ذاب قلبك وزهقت نفسك .

التالي السابق


الخدمات العلمية