واختلف العلماء في
اسم ذي القرنين على أربعة أقوال:
أحدها: عبد الله . قاله علي رضي الله عنه . وقال ابن عباس: اسمه عبد الله بن الضحاك .
والثاني: الإسكندر ، قاله وهب . وقيل: هو الإسكندر بن قيصر . قاله أبو الحسين ابن المنادي ، وكان قيصر هذا أول القياصرة وأقدمهم ، وإنما سمي بذي القرنين بعد ذلك بزمان طويل .
والثالث: عياش ، قاله محمد بن علي بن الحسين . والرابع: الصعب بن جاثر بن القلمس . ذكره أبو بكر بن أبي خيثمة . قال ابن إسحاق : فحدثني من يسوق الأحاديث عن الأعاجم فيما توارثوا من علمه : أن ذا القرنين كان رجلا من أهل مصر . اسمه مرزبان بن مرذبة اليوناني ، من ولد يونان بن يافث بن نوح .
قال ابن هشام : واسمه الإسكندر ، وهو الذي بنى الإسكندرية فنسبت إليه . قال ابن إسحاق : وقد حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان الكلاعي ، وكان رجلا قد أدرك :
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن ذي القرنين فقال : ملك مسح الأرض من تحتها بالأسباب وقيل : مصعب بن عبد الله بن قنان بن منصور بن عبد الله بن الأزد بن غوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن قحطان .
وقد جاء في حديث أنه كان من حمير ، وأمه رومية ، وأنه كان يقال له : ابن الفيلسوف ; لعقله . شعر لأحد الحميريين يفخر بكونه أحد أجداده وقد أنشد بعض الحميريين في ذلك شعرا يفخر بكونه أحد أجداده فقال :
قد كان ذو القرنين جدي مسلما ملكا تدين له الملوك وتحشد بلغ المشارق والمغارب يبتغي
أسباب أمر من حكيم مرشد فرأى مغيب الشمس عند غروبها
في عين ذي خلب وثأط حرمد من بعده بلقيس كانت عمتي
ملكتهم حتى أتاها الهدهد
قال السهيلي : وقيل : كان اسمه مرزبى بن مرذبة ، ذكره ابن هشام ، وذكر في موضع آخر أن اسمه الصعب بن ذي مراثد . وهو أول التبابعة ، وهو الذي حكم لإبراهيم في بئر السبع . وقيل : إنه أفريدون بن أسفيان ، الذي قتل الضحاك . وفي خطبة قس : يا معشر إياد ، أين الصعب ذو القرنين ، ملك الخافقين ، وأذل الثقلين ، وعمر ألفين ، ثم كان كلحظة عين ، ثم أنشد ابن هشام للأعشى :
والصعب ذو القرنين أصبح ثاويا بالحنو في جدث أميم مقيم
وذكر الدارقطني وابن ماكولا أن اسمه هرمس . ويقال : هرديس بن فيطون بن رومي بن لنطي بن كسلوجين بن يونان بن يافث بن نوح . فالله أعلم . وقال إسحاق بن بشر ، عن سعيد بن بشير ، عن قتادة قال : إسكندر هو ذو القرنين وأبوه أول القياصرة ، وكان من ولد سام بن نوح ، عليه السلام . فأما ذو القرنين الثاني فهو إسكندر بن فيليبس بن مضريم بن هرمس بن هردس بن ميطون بن رومي بن لنطي بن يونان بن يافث بن نونة بن سرحون بن رومة بن ثرنط بن توفيل بن رومي بن الأصفر بن اليفز بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل . كذا نسبه الحافظ ابن عساكر في " تاريخه " المقدوني اليوناني المصري ، باني إسكندرية ، الذي يؤرخ بأيامه الروم ، وكان متأخرا عن الأول بدهر طويل ، كان هذا قبل المسيح بنحو من ثلاثمائة سنة ، وكان أرسطاطاليس الفيلسوف وزيره ، وهو الذي قتل دارا بن دارا ، وأذل ملوك الفرس وأوطأ أرضهم . وإنما نبهنا عليه ; لأن كثيرا من الناس يعتقد أنهما واحد ، وأن المذكور في القرآن هو الذي كان أرسطاطاليس وزيره ، فيقع بسبب ذلك خطأ كبير وفساد عريض طويل كثير ، فإن الأول كان عبدا مؤمنا صالحا وملكا عادلا ، وكان وزيره الخضر ، وقد كان نبيا على ما قررناه قبل هذا . وأما الثاني ، فكان مشركا ، وكان وزيره فيلسوفا ، وقد كان بين زمانيهما أزيد من ألفي سنة . فأين هذا من هذا ، لا يستويان ولا يشتبهان ، إلا على غبي لا يعرف حقائق الأمور . قال ابن الأثير رحمه الله في كتابه الكامل وعنده أن ذا القرنين هو الإسكندر وقد ذكرنا قول من قال إن الإسكندر أخو دارا لأبيه ، وأما أهل الروم وكثير من أهل الأنساب فيزعمون أنه الإسكندر بن فيلفوس ، وقيل : فيلبوس بن مطريوس ، وقيل : ابن مصريم بن هرمس بن هردس بن منطون بن رومي بن ليطى بن يوناق بن يافث بن ثوبة بن سرحون بن روميط بن زنط بن توقيل بن رومي بن الأصفر بن أليفز بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم .