واختلفوا في أمرهم ; فقائلون يقولون : ابنوا عليهم بنيانا أي : سدوا عليهم باب الكهف ; لئلا يخرجوا أو لئلا يصل إليهم ما يؤذيهم ، وآخرون ، وهم الغالبون على أمرهم قالوا : لنتخذن عليهم مسجدا أي : معبدا يكون مباركا لمجاورته هؤلاء الصالحين . وهذا كان شائعا فيمن كان قبلنا ، فأما في شرعنا فقد ثبت في " الصحيحين " عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : لعن الله اليهود والنصارى ، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما فعلوا . وأما قوله تعالى : وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها فمعنى ( أعثرنا ) أطلعنا على أمرهم الناس . قال كثير من المفسرين : ليعلم الناس أن المعاد حق ، وأن الساعة لا ريب فيها ، إذا علموا أن هؤلاء القوم رقدوا أزيد من ثلاثمائة سنة ثم قاموا ، كما كانوا من غير تغير منهم ، فإن من أبقاهم كما هم قادر على إعادة الأبدان وإن أكلتها الديدان ، وعلى إحياء الأموات وإن صارت أجسامهم وعظامهم رفاتا ، وهذا مما لا يشك فيه المؤمنون إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون [ النحل : 40 ] . هذا ويحتمل عود الضمير في قوله : ليعلموا إلى أصحاب الكهف ، إذ علمهم بذلك من أنفسهم أبلغ من علم غيرهم بهم ، ويحتمل أن يعود على الجميع . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية