ولما اغتر هذا الجاهل بما خوله الله به في الدنيا ، فجحد الآخرة ، وادعى أنها إن وجدت ليجدن عند ربه خيرا مما هو فيه ، وسمعه صاحبه يقول ذلك
قال له صاحبه وهو يحاوره أي : يجادله
أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا أي : أجحدت المعاد وأنت تعلم أن الله خلقك من تراب ، ثم من نطفة ثم صورك أطوارا حتى صرت رجلا سويا سميعا بصيرا ، تعلم وتبطش وتفهم ، فكيف أنكرت المعاد والله قادر على البداءة
لكنا هو الله ربي أي : لكن أنا أقول بخلاف ما قلت وأعتقد خلاف معتقدك
هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا أي : لا أعبد سواه ، وأعتقد أنه يبعث الأجساد بعد فنائها ، ويعيد الأموات ، ويجمع العظام الرفات ، وأعلم أن الله لا شريك له في خلقه ، ولا في ملكه ، ولا إله غيره . ثم أرشده إلى ما كان الأولى به أن يسلكه عند دخول جنته فقال :
ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله ولهذا يستحب لكل من أعجبه شيء من ماله أو أهله أو حاله أن يقول كذلك .
وقد ورد فيه حديث مرفوع ، في صحته نظر عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ما أنعم الله على عبد نعمة من أهل أو مال أو ولد فيقول : ما شاء الله لا قوة إلا بالله . فيرى فيه آفة دون الموت وكان يتأول هذه الآية :
ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله
ثم قال المؤمن للكافر :
فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك أي : في الدار الآخرة
ويرسل عليها حسبانا من السماء قال ابن عباس ، والضحاك ، وقتادة : أي : عذابا من السماء . والظاهر أنه المطر المزعج الباهر ، الذي يقتلع زروعها وأشجارها
فتصبح صعيدا زلقا وهو التراب الأملس الذي لا نبات فيه
أو يصبح ماؤها غورا وهو ضد المعين السارح
فلن تستطيع له طلبا يعني ، فلا تقدر على استرجاعه .