خبر الصحيفة

[ تحالف الكفار ضد الرسول ]

قال ابن إسحاق : فلما رأت قريش أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نزلوا بلدا أصابوا به أمنا وقرارا ، وأن النجاشي قد منع من لجأ إليه منهم ، وأن عمر قد أسلم ، فكان هو وحمزة بن عبد المطلب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وجعل الإسلام يفشو في القبائل ، اجتمعوا وائتمروا ( بينهم ) أن يكتبوا كتابا يتعاقدون فيه على بني هاشم ، وبني المطلب ، على أن لا ينكحوا إليهم ولا ينكحوهم ، ولا يبيعوهم شيئا ، ولا يبتاعوا منهم ؛

فلما اجتمعوا لذلك كتبوه في صحيفة ، ثم تعاهدوا وتواثقوا على ذلك ، ثم علقوا الصحيفة في جوف الكعبة توكيدا على أنفسهم ، وكان كاتب الصحيفة منصور بن عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي - قال ابن هشام : ويقال : النضر بن الحارث - فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فشل بعض أصابعه .

قال ابن إسحاق : فلما فعلت ذلك قريش انحازت بنو هاشم وبنو المطلب إلى أبي طالب بن عبد المطلب ، فدخلوا معه في شعبه واجتمعوا إليه ، وخرج من بني هاشم أبو لهب ، عبد العزى بن عبد المطلب ، إلى قريش ، فظاهرهم . وعن الزهري : ثم إن المشركين اشتدوا على المسلمين كأشد ما كانوا ، حتى بلغ المسلمين الجهد ، واشتد عليهم البلاء ، واجتمعت قريش في مكرها أن يقتلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علانية ، فلما رأى أبو طالب عمل القوم جمع بني عبد المطلب ، وأمرهم أن يدخلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شعبهم ، وأمرهم أن يمنعوه ممن أرادوا قتله ، فاجتمعوا على ذلك ، مسلمهم وكافرهم ، فمنهم من فعله حمية ، ومنهم من فعله إيمانا ويقينا ، فلما عرفت قريش أن القوم قد منعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأجمعوا على ذلك ، اجتمع المشركون من قريش ، فأجمعوا أمرهم أن لا يجالسوهم ، ولا يبايعوهم ، ولا يدخلوا بيوتهم ، حتى يسلموا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للقتل ، وكتبوا في مكرهم صحيفة وعهودا ومواثيق ، لا يقبلوا من بني هاشم أبدا صلحا ، ولا تأخذهم بهم رأفة ، حتى يسلموه للقتل . فلبث بنو هاشم في شعبهم ثلاث سنين ، واشتد عليهم البلاء والجهد ، وقطعوا عنهم الأسواق ، فلا يتركوا لهم طعاما يقدم مكة ولا بيعا إلا بادروهم إليه فاشتروه ; يريدون بذلك أن يدركوا سفك دم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان أبو طالب إذا أخذ الناس مضاجعهم ، أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاضطجع على فراشه ; حتى يرى ذلك من أراد به مكرا واغتيالا له ، فإذا نوم الناس ، أمر أحد بنيه أو إخوته أو بني عمه فاضطجع على فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأتي بعض فرشهم فينام عليه.

التالي السابق


الخدمات العلمية