وكان الذي هاج هذه الوقعة وغيرها من الحروب بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين قتل عمرو بن الحضرمي . فتحين رسول الله صلى الله عليه وسلم انصراف العير التي طلبها بذي العشيرة ، فبعث طلحة ، وسعيد بن زيد يتحسسان خبرها ، فلما رجعا وجدا النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج ، وكان قد ندب أصحابه وأخبرهم بما مع أبي سفيان من المال مع قلة عدده. قال ابن إسحاق ، رحمه الله ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع بأبي سفيان صخر بن حرب مقبلا من الشام في عير لقريش عظيمة ، فيها أموال وتجارة ، وفيها ثلاثون رجلا أو أربعون ، منهم مخرمة بن نوفل ، وعمرو بن العاص .
قال موسى بن عقبة ، عن الزهري : كان ذلك بعد مقتل ابن الحضرمي بشهرين .
قال : وكان في العير ألف بعير ، تحمل أموال قريش بأسرها إلا حويطب بن عبد العزى ، فلهذا تخلف عن بدر .
قال ابن إسحاق : فحدثني محمد بن مسلم بن شهاب ، وعاصم بن عمر بن قتادة ، وعبد الله بن أبي بكر ويزيد بن رومان ، عن عروة بن الزبير ، وغيرهم من علمائنا ، عن ابن عباس ، كل قد حدثني بعض الحديث ، فاجتمع حديثهم فيما سقت من حديث بدر ، قالوا : لما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي سفيان مقبلا من الشام ، ندب المسلمين إليهم وقال : " هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها " فانتدب الناس فخف بعضهم وثقل بعض ، وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقى حربا ، وكان أبو سفيان ، حين دنا من الحجاز ، يتحسس الأخبار ، ويسأل من لقي من الركبان ، تخوفا على أموال الناس ، حتى أصاب خبرا من بعض الركبان ؛ أن محمدا قد استنفر أصحابه لك ولعيرك ، فحذر عند ذلك ، فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري ، فبعثه إلى مكة ، وأمره أن يأتي قريشا فيستنفرهم إلى أموالهم ، ويخبرهم أن محمدا قد عرض لها في أصحابه ، فخرج ضمضم بن عمرو سريعا إلى مكة .
التالي
السابق