فلما نزلوها -بئر معونة- بعثوا حرام بن ملحان بكتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى عامر بن الطفيل ، فلما أتاه لم ينظر إلى الكتاب وعدا على حرام فقتله . وفي الصحيح عن أنس : «فتقدمهم خالي حرام بن ملحان ورجل أعرج . قال ابن هشام : اسمه كعب بن زيد ، زاد البيهقي : ورجل آخر من بني فلان . فقال لهما خالي حرام بن ملحان : «إذا تقدمكم فكونا قريبا مني فإن أمنتوني حين أبلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيا ، وإن قتلوني لحقتما بأصحابكما» .

فتقدم فأمنوه ، فبينما هو يحدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أومأوا إلى رجل منهم ، فأتى من خلفه فطعنه فأنفذه فقال : «الله أكبر! فزت ورب الكعبة » . ثم قال : «بالدم هكذا» فنضحه على وجهه . ونجا كعب بن زيد؛ لأنه كان في جبل . واستصرخ عامر بن الطفيل عليهم ببني عامر فأبوا أن يجيبوه إلى ما دعاهم ، وقالوا : لن نخفر جوار أبي براء! وقد عقد لهم عقدا وجوارا .

فلما أبت بنو عامر أن تنفر مع عامر بن الطفيل استصرخ عليهم قبائل من بني سليم :

غصية ورعل وذكوان وزعب . فنفروا معه ورأسوه عليهم . فقال عامر بن الطفيل : أحلف بالله ما أقبل هذا وحده . فاتبعوا أثره حتى وجدوا القوم . فلما استبطئوا صاحبهم أقبلوا في أثرهم فلقيهم القوم . والمنذر بن عمرو معهم ، فأحاطوا بهم في رحالهم . فلما رآهم المسلمون أخذوا سيوفهم ثم قاتلوهم حتى قتلوا من عند آخرهم . وفي رواية قتادة عن أنس : فلما كانوا ببئر معونة قتلوهم وغدروا بهم . قال ابن إسحاق : «إلا كعب بن زيد أخا بني دينار بن النجار؛ فإنهم تركوه وبه رمق؛ فارتث من بين القتلى فعاش حتى قتل يوم الخندق شهيدا» وقال محمد بن عمر : وبقي المنذر بن عمرو فقالوا له : إن شئت آمناك . فقال : لن أعطي بيدي ولن أقبل لكم أمانا حتى آتي مقتل حرام [ثم برئ مني جواركم ، فآمنوه حتى أتى مصرع حرام] ثم برئوا إليه من جوارهم . ثم قاتلهم حتى قتل . فذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أعنق ليموت»

التالي السابق


الخدمات العلمية