[ نزول صلاة الخوف ]
ولما حانت الصلاة - صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه
صلاة الخوف .
وروى البيهقي عن جابر - رضي الله عنه - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=667793صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر ، فهم به المشركون ، فقالوا : دعوهم فإن لهم صلاة بعد هذه أحب إليهم من أبنائهم ، فنزل جبريل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره ، فصلى العصر صلاة الخوف .
قال ابن سعد : وكان ذلك أول ما صلاها. أسند ابن هشام حديث صلاة الخوف هاهنا عن عبد الوارث بن سعيد التنوري ، عن يونس بن عبيد ، عن الحسن ، عن جابر بن عبد الله ، وعن عبد الوارث ، عن أيوب ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، وعن عبد الوارث ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر . ولكن لم يذكر في هذه الطرق غزوة نجد ولا ذات الرقاع ولم يتعرض لزمان ولا مكان . وفي كون غزوة ذات الرقاع - التي كانت بنجد لقتال بني محارب وبني ثعلبة بن غطفان - قبل الخندق نظر . وقد ذهب البخاري إلى أن ذلك كان بعد خيبر واستدل على ذلك ، بأن أبا موسى الأشعري شهدها ، كما سيأتي ، وقدومه إنما كان ليالي خيبر صحبة جعفر وأصحابه ، وكذلك أبو هريرة وقد قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510433صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة نجد صلاة الخوف . ومما يدل على أنها بعد الخندق أن ابن عمر إنما أجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم في القتال أول ما أجازه يوم الخندق . وقد ثبت عنه في " الصحيح " أنه قال : غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نجد . فذكر صلاة الخوف . وقول الواقدي : إنه عليه السلام خرج إلى ذات الرقاع في أربعمائة ، ويقال : سبعمائة ، من أصحابه ليلة السبت ، لعشر خلون من المحرم سنة خمس . فيه نظر ، ثم لا يحصل به نجاة من أن صلاة الخوف إنما شرعت بعد الخندق ; لأن الخندق كان في شوال سنة خمس على المشهور وقيل : في شوال سنة أربع . فتحصل على هذا القول مخلص من حديث ابن عمر فأما حديث أبي موسى ، وأبي هريرة فلا . قال ابن إسحاق وجماعة من أهل السير والمغازي في تاريخ هذه الغزاة ، وصلاة الخوف بها ، وتلقاه الناس عنهم وهو مشكل جدا ، فإنه قد صح (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16001989أن المشركين حبسوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق عن صلاة العصر حتى غابت الشمس ) .
وفي " السنن " و " مسند أحمد " ، والشافعي رحمهما الله (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16001990أنهم حبسوه عن صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء فصلاهن جميعا ) .
وذلك قبل نزول صلاة الخوف ، والخندق بعد ذات الرقاع سنة خمس .
والظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم أول صلاة صلاها للخوف بعسفان كما قال أبو عياش الزرقي : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16001991كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بعسفان ، فصلى بنا الظهر ، وعلى المشركين يومئذ خالد بن الوليد ، فقالوا : لقد أصبنا منهم غفلة ، ثم قالوا : إن لهم صلاة بعد هذه هي أحب إليهم من أموالهم وأبنائهم ، فنزلت صلاة الخوف بين الظهر والعصر ، فصلى بنا العصر ، ففرقنا فرقتين ) ، وذكر الحديث ، رواه أحمد وأهل السنن .
وقال أبو هريرة : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16001992كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نازلا بين ضجنان وعسفان محاصرا للمشركين ، فقال المشركون : إن لهؤلاء صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم وأموالهم ، أجمعوا أمركم ، ثم ميلوا عليهم ميلة واحدة ، فجاء جبريل ، فأمره أن يقسم أصحابه نصفين ) وذكر الحديث ، قال الترمذي : حديث حسن صحيح .
ولا خلاف بينهم أن غزوة عسفان كانت بعد الخندق ، وقد صح عنه أنه صلى صلاة الخوف بذات الرقاع ، فعلم أنها بعد الخندق وبعد عسفان ، ويؤيد هذا أن أبا هريرة وأبا موسى الأشعري شهدا ذات الرقاع كما في " الصحيحين " عن أبي موسى أنه شهد غزوة ذات الرقاع ، وأنهم كانوا يلفون على أرجلهم الخرق لما نقبت .
وأما أبو هريرة ففي " المسند " و " السنن " أن مروان بن الحكم سأله : هل صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف ؟ قال : نعم ، قال : متى ؟ قال : عام غزوة نجد .
وهذا يدل على أن غزوة ذات الرقاع بعد خيبر ، وأن من جعلها قبل الخندق فقد وهم وهما ظاهرا ، ولما لم يفطن بعضهم لهذا ادعى أن غزوة ذات الرقاع كانت مرتين ، فمرة قبل الخندق ، ومرة بعدها على عادتهم في تعديد الوقائع إذا اختلفت ألفاظها أو تاريخها ، ولو صح لهذا القائل ما ذكره ، ولا يصح لم يمكن أن يكون قد صلى بهم صلاة الخوف في المرة الأولى لما تقدم من قصة عسفان ، وكونها بعد الخندق ، ولهم أن يجيبوا عن هذا بأن تأخير يوم الخندق جائز غير منسوخ ، وأن في حال المسايفة يجوز تأخير الصلاة إلى أن يتمكن من فعلها ، وهذا أحد القولين في مذهب أحمد - رحمه الله - وغيره ، لكن لا حيلة لهم في قصة عسفان أن أول صلاة صلاها للخوف بها ، وأنها بعد الخندق . فالصواب تحويل غزوة ذات الرقاع من هذا الموضع إلى ما بعد الخندق بل بعد خيبر ، وإنما ذكرناها هاهنا تقليدا لأهل المغازي والسير ، ثم تبين لنا وهمهم ، وبالله التوفيق . [
كيفية صلاة الخوف ]
قال ابن هشام : عن جابر بن عبد الله في صلاة الخوف ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=780280صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطائفة ركعتين ثم سلم ، وطائفة مقبلون على العدو . قال : فجاءوا فصلى بهم ركعتين أخريين ، ثم سلم .
قال ابن هشام : وحدثنا عبد الوارث ، قال : حدثنا أيوب ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=780281صفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صفين ، فركع بنا جميعا ، ثم سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسجد الصف الأول ، فلما رفعوا سجد الذين يلونهم بأنفسهم ، ثم تأخر الصف الأول ، وتقدم الصف الآخر حتى قاموا مقامهم ثم ركع النبي صلى الله عليه وسلم بهم جميعا ، ثم سجد النبي صلى الله عليه وسلم وسجد الذين يلونه معه ؛ فلما رفعوا رءوسهم سجد الآخرون بأنفسهم ، فركع النبي صلى الله عليه وسلم بهم جميعا ، وسجد كل واحد منهما بأنفسهم سجدتين
وعن ابن عمر ، قال :
يقوم الإمام وتقوم معه طائفة ، وطائفة مما يلي عدوهم ، فيركع بهم الإمام ويسجد بهم ، ثم يتأخرون فيكونون مما يلي العدو ، يتقدم الآخرون فيركع بهم الإمام ركعة ، ويسجد بهم ، ثم تصلي كل طائفة بأنفسهم ركعة ، فكانت لهم مع الإمام ركعة ركعة ، وصلوا بأنفسهم ركعة ركعة