ذكر
قتل علي - رضي الله عنه - الحارث وأخاه مرحبا ، وعامرا وياسرا فرسان يهود وسبعانها
روى محمد بن عمر عن جابر - رضي الله عنه - قال : أول من خرج من حصون خيبر - مبارزا - الحارث أخو مرحب في عاديته فقتله علي - رضي الله عنه - ورجع أصحاب الحارث إلى الحصن ، وبرز عامر ، وكان رجلا جسيما طويلا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين برز وطلع عامر «أترونه خمسة أذرع ؟ » وهو يدعو إلى البراز ، فخرج إليه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فضربه ضربات ، كل ذلك لا يصنع شيئا ، حتى ضرب ساقيه فبرك ، ثم ذفف عليه ، وأخذ سلاحه .
قال ابن إسحاق : ثم برز ياسر وهو يقول :
قد علمت خيبر أني ياسر شاكي السلاح بطل مغاو . إذا الليوث أقبلت تبادر
وأحجمت عن صولة المساور
إن حسامي فيه موت حاضر
قال محمد بن عمر : وكان من أشدائهم ، وكان معه حربة يحوس الناس بها حوسا ، فبرز له علي بن أبي طالب ، فقال له الزبير بن العوام : أقسمت ألا خليت بيني وبينه ، ففعل ،
فقالت صفية لما خرج إليه الزبير - رضي الله عنها - : يا رسول الله يقتل ابني ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «بل ابنك يقتله - إن شاء الله»
فخرج إليه الزبير وهو يقول :
قد علمت خيبر أني زبار قرم لقرم غير نكس فرار
ابن حماة المجد ، ابن الأخيار ياسر لا يغررك جمع الكفار
فجمعهم مثل السراب الختار
ثم التقيا فقتله الزبير ، قال ابن إسحاق : وذكر أن عليا هو الذي قتل ياسرا .
قال محمد بن عمر : وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للزبير لما قتل ياسرا فداك عم وخال ثم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=653441«لكل نبي حواري وحواري الزبير ابن عمتي» .
[
مقتل مرحب اليهودي ] حديث سلمة بن الأكوع عند مسلم ، والبيهقي أن مرحبا - وهو بفتح الميم ، والحاء المهملة ، وسكون الراء - بينهما - وبالموحدة - خرج وهو يخطر بسيفه ، وفي حديث ابن بريدة عن أبيه : خرج مرحب وعليه مغفر معصفر يماني وحجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه ، وهو يرتجز ويقول :
قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الليوث أقبلت تلهب
قال سلمة : فبرز له عامر وهو يقول :
قد علمت خيبر أني عامر شاكي السلاح بطل مغامر
قال : فاختلفا ضربتين ، فوقع سيف مرحب في ترس عامر ، فذهب عامر يسفل له ، وكان سيفه فيه قصر ، فرجع سيفه على نفسه ، فقطع أكحله ، وفي رواية عين ركبته ، وكانت فيها نفسه ، قال بريدة : فبرز مرحب وهو يقول :
قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الليوث أقبلت تلهب وأحجمت عن صولة المغلب
فبرز له علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وعليه جبة أرجوان حمراء قد أخرج خملها ، وهو يقول .
أنا الذي سمتني أمي حيدره كليث غابات كريه المنظرة
أو فيهم بالصاع كيل السندره
فضرب مرحبا ففلق رأسه ، وكان الفتح .
وفي حديث بريدة ، فاختلفا ضربتين ، فبدره علي - رضي الله عنه - بضربة فقد الحجر والمغفر ورأسه ووقع في الأحراش وسمع أهل العسكر صوت ضربته وقام الناس مع علي حتى أخذ المدينة .
وروى الإمام أحمد
nindex.php?page=hadith&LINKID=681691عن علي - رضي الله عنه - قال : لما قتلت مرحبا ، جئت برأسه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم . ذكر من
زعم من أهل المغازي وغيرهم أن محمد بن مسلمة - رضي الله عنه - هو الذي قتل مرحبا
روى البيهقي عن عروة ، وعن موسى بن عقبة ، وعن الزهري ، وعن ابن إسحاق ، وعن محمد بن عمر عن شيوخه ، قالوا : واللفظ لابن إسحاق قال : حدثني عبد الله بن سهل بن عبد الرحمن بن سهل أخو بني حارثة عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال : خرج مرحب اليهودي من حصن خيبر ، وقد جمع سلاحه يقول من يبارز ويرتجز
قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب
أطعن أحيانا وحينا أضرب إذا الليوث أقبلت تحرب
إن حماي للحمى لا يقرب
فأجابه كعب بن مالك فقال :
قد علمت خيبر أني كعب مفرج الغمى جريء صلب
إذا شبت الحرب تلتها الحرب معي حسام كالعقيق عضب
نطأكم حتى يذل الصعب نعطي الجزاء أو يفيء النهب
بكف ماض ليس فيه عتب
قال ابن هشام : وأنشدني أبو زيد - رحمه الله :
قد علمت خيبر أني كعب وأنني متى تشب الحرب
ماض على الهول جريء صلب معي حسام كالعقيق عضب
بكف ماض ليس فيه عتب ندككم حتى يذل الصعب
قال : ومرحب بن عميرة .
nindex.php?page=hadith&LINKID=695447قال جابر : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «من لهذا ؟ » قال محمد بن مسلمة : أنا له يا رسول الله ، أنا والله الموتور الثائر ، قتل أخي بالأمس ، قال : «فقم إليه ، اللهم أعنه عليه»
قال : فلما دنا أحدهما من صاحبه ، دخلت بينهما شجرة عمرية من شجر العشر ، فجعل أحدهما يلوذ بها من صاحبه ، فكلما لاذ منه بها اقتطع صاحبه ما دونه منها ، حتى برز كل واحد منهما لصاحبه ، وصارت بينهما كالرجل القائم ، ما فيها فنن ، ثم حمل مرحب على محمد بن مسلمة فضربه ، فاتقاه بالدرقة ، فوقع سيفه فيها ، فعضت به فأمسكته ، وضربه محمد بن مسلمة حتى قتله . والله أعلم .
قلت : جزم جماعة من أصحاب المغازي : بأن محمد بن مسلمة هو الذي قتل مرحبا .
ولكن ثبت في صحيح مسلم كما تقدم عن سلمة بن الأكوع أن عليا - رضي الله عنه - هو الذي قتل مرحبا .
وورد ذلك في حديث بريدة بن الحصيب ، وأبي نافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى تقدير صحة ما ذكره جابر ، وجزم به جماعة ، فما في صحيح مسلم مقدم عليه من وجهين :
أحدهما أنه أصح إسنادا ، الثاني . أن جابرا لم يشهد خيبر كما ذكره ابن إسحاق ، ومحمد بن عمر ، وغيرهما ، وقد شهدها سلمة وبريدة ، وأبو رافع - رضي الله عنهم - وهم أعلم ممن لم يشهدها ، وما قيل من أن محمد بن مسلمة ضرب ساقي مرحب فقطعهما ولم يجهز عليه ، ومر به علي فأجهز عليه ، يأباه حديث سلمة وأبي رافع ، والله أعلم . وصحح أبو عمر - رحمه الله - أن عليا - رضي الله عنه - هو الذي قتل مرحبا ، وقال ابن الأثير : إنه الصحيح .