ما وقع لجواسيس المشركين من الرعب
ذكر الآية التي حصلت لجواسيس المشركين في هذه الغزوة
روى أبو نعيم والبيهقي من طريق ابن إسحاق قال : حدثني أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان أنه حدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد انتهى إلى حنين مساء ليلة الثلاثاء لعشر خلون من شوال ، وبعث مالك بن عوف ثلاثة نفر من هوازن ينظرون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، وأمرهم أن يتفرقوا في العسكر فرجعوا إليه وقد تفرقت أوصالهم ، فقال :
ويلكم ما شأنكم ، فقالوا : رأينا رجالا بيضا على خيل بلق ، فو الله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى ، والله ما نقاتل أهل الأرض ، إن نقاتل إلا أهل السماوات وإن أطعتنا رجعت بقومك ، فإن الناس إن رأوا مثل الذي رأينا أصابهم مثل ما أصابنا . فقال : أف لكم ، أنتم أجبن أهل العسكر ، فحبسهم عنده فرقا أن يشيع ذلك الرعب في العسكر ، وقال : دلوني على رجل شجاع ، فأجمعوا له على رجل ، فخرج ثم رجع إليه قد أصابه كنحو ما أصاب من قبله منهم ، فقال : ما رأيت ؟ قال : رأيت رجالا بيضا على خيل بلق ، ما يطاق النظر إليهم ، فو الله ما تماسكت أن أصابني ما ترى ، فلم يثن ذلك مالكا عن وجهه ، وروى محمد بن عمر نحوه عن شيوخه .
ذكر ما قيل إن الملائكة قاتلت يوم حنين والرعب الذي حصل للمشركين
روى ابن أبي حاتم عن السدي الكبير - رحمه الله تعالى - في قول الله عز وجل :
وأنزل جنودا لم تروها قال : هم الملائكة
وعذب الذين كفروا [التوبة 26] قال :
قتلهم بالسيف . وروى أيضا عن سعيد بن جبير - رحمه الله تعالى - قال : في يوم حنين أمد الله - تعالى - رسوله - صلى الله عليه وسلم - بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ، ويومئذ سمى الله تعالى الأنصار مؤمنين قال : «ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين . عن جبير بن مطعم - رضي الله عنه - قال : رأيت قبل هزيمة القوم - والناس يقتتلون - مثل البجاد الأسود أقبل من السماء حتى سقط بين القوم ، فنظرت فإذا نمل أسود مبثوت قد ملأ الوادي ، لم أشك أنها الملائكة ، ولم يكن إلا هزيمة القوم .
وروى محمد بن عمر عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن عن شيوخ من قومه من الأنصار ، قالوا : رأينا يومئذ كالبجد السود هوت من السماء ركاما ، فنظرنا فإذا رمل مبثوت ، فكنا ننفضه عن ثيابنا ، فكان نصر الله - تعالى - أيدنا به .
وروى مسدد في مسنده ، والبيهقي . وابن عساكر عن عبد الرحمن مولى أم برثن قال :
حدثني رجل كان من المشركين يوم حنين قال : لما التقينا نحن وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقوموا لنا حلب شاة أن كببناهم ، فبينما نحن نسوقهم في أدبارهم إذ التقينا بصاحب البغلة - وفي رواية - إذ غشينا ، فإذا هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتلقتنا عنده ، وفي رواية : إذا بيننا وبينه رجال بيض حسان الوجوه قالوا لنا : شاهت الوجوه ، ارجعوا ، فرجعنا - وكانت إياها . عن مصعب بن شيبة بن عثمان الحجبي عن أبيه - رضي الله عنه - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=660332خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين ، والله ما خرجت إسلاما ، ولكن خرجت أنفا أن تظهر هوازن على قريش ، فإني لواقف مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ قلت : يا رسول الله إني لأرى خيلا بلقا ، قال : «يا شيبة إنه لا يراها إلا كافر” فضرب بيده في صدري وقال : «اللهم اهد شيبة” فعل ذلك ثلاث مرات - فو الله ما رفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الثالثة حتى ما كان أحد من خلق الله تعالى أحب إلي منه . صفة الرعب الذي أصاب المشركون يوم حنين وروى عبد بن حميد ، والبيهقي عن يزيد بن عامر السوائي - رضي الله عنه - وكان حضر يومئذ ، فسئل عن الرعب فكان يأخذ الحصاة فيرمي بها في الطست فيطن فيقول : أن كنا نجد في أجوافنا مثل هذا . عن مالك بن أوس بن الحدثان قال : حدثني عدة من قومي شهدوا ذلك اليوم يقولون :
«لقد رمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلك الرمية من الحصى فما منا أحد إلا يشكو القذى في عينيه ، ولقد كنا نجد في صدورنا خفقانا كوقع الحصى في الطاس ما يهدأ ذلك الخفقان ، ولقد رأينا يومئذ رجالا بيضا ، على خيل بلق ، عليهم عمائم حمر ، قد أرخوها بين أكتافهم ، بين السماء والأرض كتائب كتائب ما يليقون شيئا ، ولا نستطيع أن نتأملهم من الرعب منهم .