[ تأمير عثمان بن أبي العاص عليهم ]

فلما أسلموا وكتب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابهم ، أمر عليهم عثمان بن أبي العاص ، وكان من أحدثهم سنا ، وذلك أنه كان أحرصهم على التفقه في الإسلام ، وتعلم القرآن . فقال أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ، إني قد رأيت هذا الغلام منهم من أحرصهم على التفقه في الإسلام ، وتعلم القرآن. وذكر موسى بن عقبة أن وفدهم كانوا إذا أتوا رسول الله خلفوا عثمان بن أبي العاص في رحالهم ، فإذا رجعوا وسط النهار جاء هو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن العلم فاستقرأه القرآن ، فإن وجده نائما ذهب إلى أبي بكر الصديق فلم يزل دأبه حتى فقه في الإسلام ، وأحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم حبا شديدا . وروى الطبراني برجال ثقات عن عثمان بن أبي العاص - رضي الله عنه- قال : قدمت في وفد ثقيف حين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما حللنا بباب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : من يمسك رواحلنا ؟ فكل القوم أحب الدخول على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكره التخلف عنه ، وكنت أصغرهم ، فقلت إن شئتم أمسكت لكم على أن عليكم عهد الله لتمسكن لي إذا خرجتم ، قالوا : فذلك لك .

فدخلوا عليه ثم خرجوا ، فقالوا : انطلق بنا . قلت : إلى أين ؟ قالوا : إلى أهلك فقلت : «ضربت من أهلي حتى إذا حللت بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم أأرجع ولا أدخل عليه ؟ وقد أعطيتموني ما علمتم» . قالوا : فاعجل فإنا قد كفيناك المسألة ، لم ندع شيئا إلا سألناه . فدخلت فقلت : يا رسول الله ادع الله تعالى أن يفقهني في الدين ويعلمني . قال : «ماذا قلت ؟ » فأعدت عليه القول . فقال : «لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد من أصحابك ، اذهب فأنت أمير عليهم وعلى من تقدم عليه من قومك»
.

وفي رواية : فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته مصحفا فأعطانيه . [ عهد الرسول لابن أبي العاص حين أمره على ثقيف ]

قال ابن إسحاق : وحدثني سعيد بن أبي هند ، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير ، عن عثمان بن أبي العاص ، قال : كان من آخر ما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثني على ثقيف أن قال : يا عثمان ، تجاوز في الصلاة ، واقدر الناس بأضعفهم ، فإن فيهم الكبير ، والصغير ، والضعيف وذا الحاجةوأخرج الإمام أحمد : بسنده عن أبي العلاء عن مطرف عن عثمان بن أبي العاص قال : قلت : يا رسول الله اجعلني إمام قومي . قال : " أنت إمامهم فاقتد بأضعفهم ، واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا " . وعن داود بن أبي عاصم عن عثمان بن أبي العاص أن آخر ما فارقه رسول الله حين استعمله على الطائف أن قال : " إذا صليت بقوم فخفف بهم " . حتى وقت لي اقرأ باسم ربك الذي خلق ( العلق : 1 ) وأشباهها من القرآن . وعن نافع بن جبير بن مطعم عن عثمان بن أبي العاص أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعا يجده في جسده ، فقال له : " ضع يدك على الذي تألم من جسدك ، وقل : بسم الله . ثلاثا ، وقل سبع مرات : أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر " . وفي بعض الروايات ففعلت ذلك فأذهب الله ما كان بي ، فلم أزل آمر به أهلي وغيرهم . .

وعن عيينة بن عبد الرحمن - وهو ابن جوشن - حدثني أبي ، عن عثمان بن أبي العاص قال : لما استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على الطائف جعل يعرض لي شيء في صلاتي ، حتى ما أدري ما أصلي ، فلما رأيت ذلك رحلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " ابن أبي العاص ؟ " قلت : نعم يا رسول الله . قال : " ما جاء بك ؟ " قلت : يا رسول الله ، عرض لي شيء في صلاتي حتى ما أدري ما أصلي . قال : " ذاك الشيطان ، ادنه " . فدنوت منه فجلست على صدور قدمي . قال : فضرب صدري بيده وتفل في فمي ، وقال : " اخرج عدو الله " . ففعل ذلك ثلاث مرات ، ثم قال : " الحق بعملك " . قال : فقال عثمان : فلعمري ما أحسبه خالطني بعد . تفرد به ابن ماجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية