فيما حفظ من دعائه ، عليه الصلاة والسلام ، وهو واقف بعرفة

قد تقدم أنه ، عليه الصلاة والسلام ، أفطر يوم عرفة ، فدل على أن الإفطار هناك أفضل من الصيام ; لما فيه من التقوية على الدعاء ; لأنه المقصود الأهم هناك ، ولهذا وقف ، عليه الصلاة والسلام ، وهو راكب على الراحلة ، من لدن الزوال إلى أن غربت الشمس .

وقد روى أبو داود الطيالسي في " مسنده " عن حوشب بن عقيل ، عن مهدي الهجري ، عن عكرمة ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة

ومما حفظ من دعائه- صلى الله عليه وسلم- هناك : «اللهم لك الحمد كالذي نقول ، وخيرا مما نقول ، اللهم لك صلاتي ، ونسكي ، ومحياي ، ومماتي ، وإليك مآبي ، ولك تراثي ، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ، ووسوسة الصدر ، وشتات الأمر اللهم إني أعوذ بك من شر ما يجيء به الريح ، ومن شر ما يلج في الليل ، وشر ما يلج في النهار ، وشر بوائق الدهر .

اللهم إنك تسمع كلامي ، وترى مكاني ، وتعلم سري وعلانيتي ، لا يخفى عليك شيء من أمري ، أنا البائس الفقير ، المستغيث المستجير ، الوجل المشفق المقر المعترف بذنبه ، أسألك مسألة المسكين ، وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذليل ، وأدعوك دعاء الخائف الضرير ، من خضعت لك رقبته ، وفاضت لك عبرته وذل جسده ، ورغم أنفه لك ، اللهم لا تجعلني بدعائك رب شقيا ، وكن بي رءوفا رحيما يا خير المسئولين . ويا خير المعطين» .

وذكر الإمام أحمد : من حديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه عن جده قال كان أكثر دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، بيده الخير ، وهو على كل شيء قدير ".

وذكر البيهقي من حديث علي - رضي الله عنه - أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : ( أكثر دعائي ودعاء الأنبياء من قبلي بعرفة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير اللهم اجعل في قلبي نورا ، وفي صدري نورا ، وفي سمعي نورا ، وفي بصري نورا ، اللهم اشرح لي صدري ، ويسر لي أمري ، وأعوذ بك من وسواس الصدر ، وشتات الأمر ، وفتنة القبر ، اللهم إني أعوذ بك من شر ما يلج في الليل ، وشر ما يلج في النهار ، وشر ما تهب به الرياح وشر بوائق الدهر ) .

وأسانيد هذه الأدعية فيها لين . وقال أبو داود الطيالسي في " مسنده " : حدثنا عبد القاهر بن السري ، حدثني ابن لكنانة بن العباس بن مرداس ، عن أبيه ، عن جده عباس بن مرداس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عشية عرفة لأمته بالمغفرة والرحمة ، فأكثر الدعاء ، فأوحى الله إليه : إني قد فعلت إلا ظلم بعضهم بعضا ، وأما ذنوبهم فيما بيني وبينهم ، فقد غفرتها . فقال : " يا رب ، إنك قادر على أن تثيب هذا المظلوم خيرا من مظلمته ، وتغفر لهذا الظالم " . فلم يجبه تلك العشية ، فلما كان غداة المزدلفة أعاد الدعاء ، فأجابه الله تعالى : إني قد غفرت لهم . فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له بعض أصحابه : يا رسول الله ، تبسمت في ساعة لم تكن تتبسم فيها . قال : " تبسمت من عدو الله إبليس ; إنه لما علم أن الله عز وجل قد استجاب لي في أمتي ، أهوى يدعو بالويل والثبور ، ويحثو التراب على رأسه " .

التالي السابق


الخدمات العلمية