واختلف في إسلام هذا فاختار ابن سعد وغيره أنه أسلم وخالفهم ابن حزم ، قال ابن القيم : قال أبو محمد بن حزم : أن هذا النجاشي الذي بعث إليه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عمرو بن أمية لم يسلم ، والأول اختيار ابن سعد وغيره ، والظاهر قول ابن حزم .
وقال الإمام أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم في فتوح مصر : لما كانت سنة ست من الهجرة ورجع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من الحديبية ، بعث إلى الملوك ، قام ذات يوم على المنبر ، فحمد الله تعالى ، وأثنى عليه وتشهد ثم قال : أما بعد ، فإني أبعث
بعضكم إلى ملوك العجم ، فلا تختلفوا علي كما اختلف بنو إسرائيل على عيسى ابن مريم ، وذلك أن الله تعالى أوصى إلى عيسى أن ابعث إلى ملوك الأرض فبعث الحواريين ، فأما القريب مكانا فرضي ، وأما البعيد مكانا فكره وقال : لا أحسن كلام من تبعثني إليه ، فقال عيسى : اللهم ، أمرت الحواريين بالذي أمرت فاختلفوا علي فأوحى الله تعالى إليه أن سأكفيك فأصبح كل إنسان يتكلم بلسان الذي أرسل إليه ، فقال المهاجرون : يا رسول الله ، تالله ، لا نختلف عليك أبدا في شيء فمرنا وابعثنا .
قال ابن إسحاق : وكان من بعث عيسى ابن مريم عليه السلام من الحواريين والأتباع ، الذين كانوا بعدهم في الأرض : بطرس الحواري ، ومعه بولس ، وكان بولس من الأتباع ، ولم يكن من الحواريين إلى رومية ؛ وأندرائس ومنتا إلى الأرض التي يأكل أهلها الناس ؛ وتوماس إلى أرض بابل ، من أرض المشرق ؛ وفيلبس إلى أرض قرطاجنة ، وهي إفريقية ؛ ويحنس ، إلى أفسوس ، قرية الفتية ، أصحاب الكهف ؛ ويعقوبس إلى أوراشلم ، وهي إيلياء ، قرية بيت المقدس ، وابن ثلماء إلى الأعرابية ، وهي أرض الحجاز ، وسيمن إلى أرض البربر ؛ ويهوذا ، ولم يكن من الحواريين ، جعل مكان يودس . تنبيه :
اعلم أن محمد بن عمر الأسلمي ، ذكر أن إرسال الرسل كان سنة ست ، وذكر البيهقي أن إرسال الرسل كان بعد غزوة مؤتة .