ثم كانت وقعة المذار في صفر من هذه السنة . ويقال لها : وقعة الثني . وهو النهر . قال ابن جرير : ويومئذ قال الناس : صفر الأصفار ، فيه يقتل كل جبار ، على مجمع الأنهار . وكان سببها أن هرمز كان قد كتب إلى أردشير وشيرى بقدوم خالد نحوه من اليمامة ، فبعث إليه كسرى بمدد مع أمير يقال له : قارن بن قريانس . فلم يصل إلى هرمز حتى كان من أمره مع خالد ما تقدم ، وفر من فر من الفرس ، فتلقاهم قارن ، فالتفوا عليه فتذامروا واتفقوا على العود إلى خالد ، فساروا إلى موضع يقال له : المذار . وعلى مجنبتي قارن قباذ وأنوشجان ، فلما انتهى الخبر إلى خالد ، قسم ما كان معه من أربعة أخماس غنيمة يوم ذات السلاسل ، وأرسل إلى الصديق بخبره مع الوليد بن عقبة ، وسار خالد بمن معه من الجيوش حتى نزل على المذار ، وهو على تعبئته ، فاقتتلوا قتال حنق وحفيظة ، وخرج قارن يدعو إلى البراز ، فبرز إليه خالد ، وابتدره الشجعان من الأمراء ، فقتل معقل بن الأعشى بن النباش قارن ، وقتل عدي بن حاتم قباذ ، وقتل عاصم أنوشجان ، وفرت الفرس ، وركبهم المسلمون في ظهورهم ، فقتلوا منهم يومئذ ثلاثين ألفا ، وغرق كثير منهم في الأنهار والمياه ، وأقام خالد بالمذار ، وسلم الأسلاب إلى من قتل - وكان قارن قد انتهى شرفه في أبناء فارس - وجمع بقية الغنيمة وخمسها ، وبعث بالخمس والفتح والبشارة إلى الصديق ، مع سعيد بن النعمان ، أخي بني عدي بن كعب ، وأقام خالد هناك حتى قسم أربعة الأخماس وسبى ذراري من حضره من المقاتلة ، دون الفلاحين ; فإنه أقرهم بالجزية ، وكان في هذا السبي حبيب أبو الحسن البصري ، وكان نصرانيا ، ومافنة مولى عثمان ، وأبو زياد مولى المغيرة بن شعبة . ثم أمر على الجند سعيد بن النعمان وعلى الجزية سويد بن مقرن ، وأمره أن ينزل الحفير ; ليجبي إليه الأموال ، وأقام خالد يتحسس الأخبار عن الأعداء .

التالي السابق


الخدمات العلمية