ثم كان أمر الولجة في صفر أيضا من هذه السنة ، فيما ذكره ابن جرير ، وذلك لأنه لما انتهى الخبر بما كان بالمذار من قتل قارن وأصحابه ، إلى أردشير ، وهو ملك الفرس يومئذ ، بعث أميرا شجاعا يقال له : الأندرزغر . وكان من أبناء السواد ، ولد بالمدائن ونشأ بها ، وأمده بجيش آخر مع أمير يقال له : بهمن جاذويه . فساروا حتى بلغوا مكانا يقال له : الولجة . فسمع بهم خالد فسار بمن معه من الجنود ، ووصى من استخلفه هنالك بالحذر وقلة الغفلة ، فنازل أندرزغر ومن تأشب معه ، واجتمع عنده بالولجة ، فاقتتلوا قتالا شديدا هو أشد مما قبله ، حتى ظن الفريقان أن الصبر قد فرغ ، واستبطأ كمينه ; الذي كان قد أرصدهم وراءه في موضعين ، فما كان إلا يسير حتى خرج الكمينان من ها هنا وها هنا ، ففرت صفوف الأعاجم ، فأخذهم خالد من أمامهم ، والكمينان من ورائهم ، فلم يعرف رجل منهم مقتل صاحبه ، وهرب الأندرزغر من الوقعة فمات عطشا ، وقام خالد في الناس خطيبا فرغبهم في بلاد الأعاجم ، وزهدهم في بلاد العرب ، وقال : ألا ترون ما ها هنا من الأطعمات ؟ وبالله لو لم يلزمنا الجهاد في سبيل الله والدعاء إلى الإسلام ، ولم يكن إلا المعاش ، لكان الرأي أن نقاتل على هذا الريف حتى نكون أولى به ، ونولي الجوع والإقلال من تولاه ممن اثاقل عما أنتم عليه . ثم خمس الغنيمة ، وقسم أربعة أخماسها بين الغانمين ، وبعث الخمس إلى الصديق ، وأسر من أسر من ذراري المقاتلة ، وأقر الفلاحين بالجزية .

وقال سيف بن عمر عن عمرو ، عن الشعبي قال : بارز خالد يوم الولجة رجلا من الأعاجم يعدل بألف رجل ، فقتله ، ثم اتكأ عليه وأتي بغدائه فأكله وهو متكئ عليه . يعني بين الصفين .

التالي السابق


الخدمات العلمية